باكستان تبحث عن دعم سعودي لتفادي أزمة مالية خانفة

لندن – وصل رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان إلى السعودية أمس في زيارة مفاجئة وسط تكهنات بشأن طلب مساعدة اقتصادية من الرياض بدلا من طلب قرض جديد من صندوق النقد الدولي.
ويرافق خان في أول زيارة خارجية له منذ توليه منصبه في الشهر الماضي وزير المالية أسد عمر ووزير الخارجية شاه محمود قرشي في وقت تحاول فيه باكستان تجنب أزمة عملة نتجت عن عجز كبير في ميزان المعاملات الجارية.
ويقول محللون إن حزمة إنقاذ مالي جديدة من صندوق النقد الدولي هي الثالثة عشرة منذ نهاية الثمانينات قد تكون حتمية، رغم وجود صعوبات تتعلق بديون إسلام آباد للحكومة الصينية.
وتكمن المشكلة في أن الصين قدمت لباكستان قروضا كبيرة لمشاريع عملاقة خصوصا في مجال النقل والبنية التحتية ضمن مسعى صيني للوصول إلى المحيط الهندي برا عبر باكستان.
ومع تراجع قدرات باكستان على السداد، تزايدت حاجتها لتدخل صندوق النقد الدولي وهو أمر تعارضه الولايات المتحدة ذات النفوذ الحاسم في إدارة صندوق النقد.
وترى واشنطن أن أي أموال يدفعها صندوق النقد إلى باكستان ستجد طريقها إلى الصين، في وقت تخوض فيه واشنطن حربا تجارية مفتوحة مع الصين.
ويرى محللون أن تلك التعقيدات دفعت عمران خان إلى البحث عن بدائل تمنع وصول المصارف الباكستانية إلى الحد الأحمر في ظل شحة موجوداتها من العملة الصعبة.
وكان وزير المالية الباكستاني قد أكد في الآونة الأخيرة أن الحصول على قرض من صندوق النقد الدولي “خيار بديل” وإن الحكومة تدرس مجالات أخرى للمساعدة وهو ما فُسر على نطاق واسع بأن إسلام آباد تسعى لطلب مساعدة من الصين والسعودية اللتين قدمتا قروضا ضخمة لباكستان من قبل.
وكانت السعودية قد قدمت قرضا لباكستان قيمته 1.5 مليار دولار في عام 2014 لدعم الروبية وذلك بعد ستة شهور من حصول باكستان على آخر قرض من صندوق النقد الدولي.
واتسع عجز ميزان المعاملات الجارية في باكستان ليصل إلى 43 بالمئة عند نحو 18 مليار دولار في السنة المالية المنتهية يوم 30 يونيو، في وقت قفز فيه عجز الموازنة إلى 6.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
18 مليار دولار قيمة العجز في ميزان المعاملات الجارية في باكستان في السنة المالية المنتهية في يونيو
ووصلت حكومة خان إلى السلطة بفضل تأكيدات للشعب على اقتلاع جذور الفساد والحد من الفقر.
ومنذ توليها السلطة طبقت الحكومة مجموعة من إجراءات التقشف الرمزية وتعهدت بإجراء إصلاحات.
وأعلنت الحكومة يوم أمس عن زيادات في الضرائب لأصحاب الدخل المتوسط والمرتفع ورفعت الرسوم على واردات السلع الفاخرة بهدف جمع إيرادات إضافية تصل إلى 1.5 مليار دولار.
ولتخفيف الضغط عن ميزان المعاملات الجارية، قام البنك المركزي بخفض قيمة العملة المحلية الروبية أربع مرات منذ ديسمبر الماضي، في حين رُفعت أسعار الفائدة ثلاث مرات منذ بداية العام الحالي.
ومن المتوقع أن تضطر إسلام أباد إلى توسيع إجراءات التقشف. وقد كشف مستشار كبير في الحكومة مؤخرا أن أنها تدرس حظر استيراد السيارات الفاخرة والهواتف الذكية والأجبان في إطار استراتيجية واسعة لتفادي اللجوء لحزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.
وأكد خان إن الحكومة تلك الإجراءات التي يمكن أن توفر ما يصل إلى خمسة مليارات دولار سنويا. وقد يحقق تعزيز الصادرات إيرادات إضافية تصل إلى ملياري دولار.
وأدى تباطؤ كبير في قيمة صادرات باكستان وارتفاع نسبي في قيمة الواردات إلى نقص الدولارات في الاقتصاد، الأمر الذي فاقم الضغوط على العملة المحلية بعد تراجع احتياطيات البلاد من النقد الأجنبي.
وكان عمران خان قد انتقد مرارا ثقافة التبعية وأبدى مسؤولون في حزبه قلقهم من أن إجراءات الإصلاح والتقشف التي قد يطالب بها صندوق النقد قد تخنق وعود زيادة الإنفاق التي تعهدت بها الحكومة الجديدة.
ونسبت وكالة رويترز إلى الأستاذ الجامعي وعضو المجلس الاستشاري الاقتصادي أشفق حسن خان قوله إن "تركيز الحكومة منصب حاليا على أفكار غير تقليدية لكبح نمو الواردات".
وقال "لم يقترح أي عضو في مجلس المستشارين أن تلجأ باكستان إلى صندوق النقد الدولي لأنه ليس أمامها بديل آخر. نحتاج إلى اتخاذ بعض الإجراءات. الوقوف مكتوفي الأيدي، خيار غير مقبول".
وكان وزير المالية أسد عمر قد أبلغ مجلس الشيوخ الباكستاني مؤخرا أن لدى البلاد احتياجات تمويلية تصل إلى 9 مليارات دولار ينبغي تلبيتها، وأن صندوق النقد ينبغي أن يكون الملاذ الأخير فحسب.