باكستان تأمل بانضمام السعودية للممر الاقتصادي الصيني

لندن – أكدت الحكومة الباكستانية أن وفدا سعوديا رفيعا يضم وزير الطاقة والصناعة والثروة المعدنية خالد الفالح ووزير المالية محمد الجدعان سيزور باكستان الشهر المقبل لوضع اللمسات الأخيرة على "شراكة اقتصادية مهمة".
وقال وزير الإعلام فؤاد شودري أن الشراكة تتعلق بمشروع الممر الاقتصادي الصيني الباكستاني، الذي يعد جزءا من "مبادرة الحزام والطريق التي تقودها الصين وتعرف أيضا باسم طريق الحرير الجديد.
وكانت إسلام أباد قد وجهت الأسبوع الماضي دعوة رسمية إلى الرياض للانضمام إلى المشروع كشريك استراتيجي ثالث خلال زيارة قام بها رئيس وزراء باكستان عمران خان إلى السعودية في أول جولة خارجية له منذ توليه منصبه الشهر الماضي.
ويرى محللون أن انضمام السعودية المحتمل سيعطي المشروع زخما جديدا، حيث تعول علية إسلام أباد لتخفيف أزمتها المالية. ورجحوا أن يؤدي ذلك إلى تخفيف معارضة الولايات المتحدة والهند للمشروع.
ويهدف المشروع، الذي تم توقيعه في عام 2014 وتصل تكلفته إلى 64 مليار دولار، إلى ربط مقاطعة شينشيانغ الصينية ذات الأهمية الاستراتيجية شمال غربي البلاد، بميناء غوادار الباكستاني، من خلال شبكة من الطرق والسكك الحديدية وخطوط الأنابيب لنقل البضائع والنفط والغاز.
وسيوفر المشروع للصين وصولا أقل تكلفة إلى أفريقيا والشرق الأوسط، وسيعود على باكستان بمليارات الدولارات لتوفيرها تسهيلات العبور لثاني أكبر اقتصاد في العالم.
ويرى المحلل السياسي الباكستاني عبدالخالق علي، أن “دعوة السعودية للانضمام إلى المشروع الاستراتيجي ستؤدي ليس فقط إلى تعزيز التجارة الثلاثية، إنما ستعمل أيضاً على تشكيل ترويكا اقتصادية جديدة في المنطقة”.
وأوضح أن “السعودية ستجد من خلال انضمامها المحتمل للمشروع، آفاقا واسعة لدعم صادراتها من النفط والمنتجات الأخرى، في حين أن باكستان والصين ستحصلان على شريك ثري يساعد على توسيع نطاق المشروع، والتأثير إيجابياً على الاقتصاد الدولي”.
وأكد المحلل الاقتصادي الباكستاني شهيد حسن صديقي أن مشاركة الرياض ستضعف معارضة الولايات المتحدة والهند لمبادرة طريق الحرير بحجة أنه “فخ ديون” للبلدان النامية وبضمنها باكستان.
وأشار صديقي إلى أن “السعودية ترتبط بعلاقات تجارية وسياسية قوية مع الولايات المتحدة والهند وسيخفف ذلك معارضتهما للمشروع، إضافة إلى تمهيد الطريق لدول الخليج مثل الإمارات والكويت للانضمام إلى المشروع العملاق”.
وتفاقمت الأزمة المالية الباكستانية في الأسابيع الأخيرة، ولم يجد رئيس الوزراء عمران خان سوى البحث عن دعم مالي من السعودية، بعد أن قطعت نيران الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين طريق اللجوء إلى صندوق النقد الدولي.
وتكمن المشكلة في أن الصين قدمت لباكستان قروضا كبيرة لمشاريع عملاقة خصوصا في مجال النقل والبنية التحتية ضمن مسعى صيني للوصول إلى المحيط الهندي برا عبر باكستان.
ومع تراجع قدرات باكستان على السداد، تزايدت حاجتها لتدخل صندوق النقد الدولي وهو أمر تعارضه الولايات المتحدة ذات النفوذ الحاسم في إدارة الصندوق.
وترى واشنطن أن أي أموال يدفعها صندوق النقد لباكستان ستجد طريقها إلى الصين، في وقت تخوض فيه واشنطن حربا تجارية مفتوحة مع الصين، الأمر الذي يثير شكوكا في إمكانية حصول باكستان على قرض من الصندوق.
وكان وزير المالية الباكستاني قد أكد الحصول على قرض من صندوق النقد ينبغي أن يكون الخيار الأخير.
وأكد أيضا أن الحكومة الباكستانية تدرس مجالات أخرى للمساعدة في إشارة إلى طلب مساعدة من الصين والسعودية اللتين قدمتا قروضا ضخمة لباكستان من قبل.
وكانت السعودية قدمت قرضا لباكستان قيمته 1.5 مليار دولار عام 2014 لدعم الروبية بعد ستة شهور من حصول باكستان على آخر قرض من صندوق النقد الدولي.
واتسع عجز ميزان المعاملات الجارية في باكستان ليصل إلى 43 بالمئة عند نحو 18 مليار دولار في السنة المالية المنتهية يوم 30 يونيو، في وقت قفز عجز الموازنة إلى 6.6 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي.
ووصلت حكومة خان إلى السلطة بفضل تأكيدات للشعب على اقتلاع جذور الفساد والحد من الفقر. ومنذ توليها السلطة طبقت الحكومة مجموعة من إجراءات التقشف الرمزية وتعهدت بإجراء إصلاحات.
وأعلنت الحكومة أمس عن زيادات في الضرائب لأصحاب الدخل المتوسط والمرتفع ورفعت الرسوم على واردات السلع الفاخرة بهدف جمع إيرادات إضافية تصل إلى 1.5 مليار دولار.
ولتخفيف الضغط عن ميزان المعاملات الجارية، قام البنك المركزي بخفض قيمة العملة المحلية الروبية أربع مرات منذ ديسمبر الماضي، في حين رُفعت أسعار الفائدة ثلاث مرات منذ بداية العام الحالي.
ومن المتوقع أن تضطر إسلام أباد إلى توسيع إجراءات التقشف. وقد كشف مستشار حكومي أنها تدرس حظر استيراد السيارات الفاخرة والهواتف الذكية والأجبان في إطار استراتيجية واسعة لتفادي اللجوء إلى حزمة إنقاذ من صندوق النقد الدولي.