باكستانية تكسر الأعراف بالعمل ميكانيكية

عظمى نواز تمكنت بفضل مهاراتها الميكانيكية من إقناع أفراد عائلتها للعمل في المجال الذكوري، وهي المرأة الميكانيكية الوحيدة في باكستان والتي أثبتت موهبتها.
الأربعاء 2018/10/17
شغف نجح في تخطي الحدود

إسلام آباد – أثارت عظمى نواز استغراب كثيرين منذ اليوم الأول لحملها عدّة العمل لتصبح من النساء القليلات اللواتي يمتهنّ ميكانيك السيارات في باكستان، غير أنها نجحت مع الوقت في كسب الاحترام.

واضطرت هذه الشابة البالغة من العمر 24 سنة لمجابهة الأحكام النمطية والعوائق المالية قبل نيل شهادتها في الميكانيك، وبدء عملها داخل مرآب للسيارات في مدينة ملتان في وسط باكستان.

وأوضحت نواز “لقد نظرت إلى هذا الأمر على أنه تحدّ، نظرا إلى العوائق والموارد المالية الهزيلة لعائلتي”.

وأردفت الميكانيكية الشابة مرتدية ثوبا أزرق فضفاضا يغطي قميصها المزركش “يستغرب الناس حقا عندما أزاول هذا العمل”.

وقد أفادت عظمى نواز المتحدرة من مدينة دنيا بور الفقيرة في شرق ولاية بنجاب (وسط)، من منحة جامعية لمواصلة تحصيلها العلمي. لكن رغم ذلك، كانت تضطر أحيانا كثيرة لتفويت بعض وجبات الطعام بسبب عدم توافر الموارد المالية اللازمة.

باكستان

وتعتبر مسيرة عظمى نواز استثناء في باكستان، البلد الإسلامي المحافظ الذي لا تزال نساؤه يناضلن في سبيل تحصيل حقوقهن، خصوصا في المناطق الريفية. وغالبا ما تُرغم الفتيات على الزواج في سن مبكرة والتفرغ الكامل للعائلة على حساب طموحاتهن الشخصية.

وينعكس هذا المنحى خصوصا على سوق العمل. فبحسب دراسة أجراها مكتب العمل الدولي، كانت الباكستانيات يستحوذن على ما لا يزيد عن 38.7 بالمئة من الوظائف في العام 2013، وهي نسبة أعلى من تلك المسجلة عام 2002 في حين كانت تناهز 22 بالمئة.

لكن بحسب هذه الدراسة، أكثرية النساء العاملات منخرطات في القطاع الزراعي ذات الإنتاجية الضعيفة أو يعملن في المنازل، حتى أن بعضهن لا يتقاضين أي مردود مالي.

 وتقول عظمى نواز بفخر كبير “لا صعوبة في إمكانها النيل من إرادتي وعزيمتي”. وتعمل عظمى منذ عام لدى أحد التجار المعتمدين لشركة يابانية في ملتان، وهي المرأة الميكانيكية الوحيدة في باكستان والتي أثبتت موهبتها، إذ تستخدم عدّة العمل بتركيز كبير لإصلاح السيارات المعطلة ما يثير أحيانا دهشة بعض الزبائن.

ويقول أرشد أحمد وهو أحد هؤلاء الزبائن “صُدمت لرؤية شابة تحمل الإطارات الضخمة الثقيلة وتعيدها إلى مكانها لاحقا بعد إصلاحها”.

كذلك يبدو زملاء عظمى نواز مندهشين بأدائها المهني. ويقول محمد عطا الله أحد زملائها “هي تنجز أي مهمة نوكلها بها تماما كالرجال مع العمل بجدّ وتفان”.

باكستان

كذلك، تمكّنت هذه الشابة بفضل مهاراتها الميكانيكية من إقناع أفراد عائلتها الذين كانوا يشككون في قدرتها على التقدم في هذا المجال الذكوري بامتياز.

ويقول والدها محمد نواز “في مجتمعنا، لا تحتاج الفتيات للعمل في المشاغل. هذا الأمر لا يبدو مناسبا، لكنه شغفها”، مشددا على أنه “سعيد جدا” لما حققته.

وظلت المرأة في باكستان رهينة التشدد الديني والأعراف والتقاليد في المجتمع الذكوري بامتياز والذي لا يراها في مكان غير البيت مكرسة حياتها لخدمته ولخدمة الأبناء ومتطلبات البيت، وإن خرجت للعمل فإنها لا يجب أن تخرج عن المهن التي تروق للثقافة الاجتماعية المحافظة لذلك فإن تجربة نواز للعمل بمجال الميكانيك) وهو مجال يختص فيه الرجال ليس فقط في باكستان) يعدّ خطوة نوعية بالنسبة لنساء باكستان.

وتفتح تجربة نواز الناجحة الآفاق أمام العديد من الشابات في أن تحققن أحلامهن وطموحاتهن في ممارسة الأعمال اللاتي يخترن ويجدن لديهن شغفا خاصا بها، وعلى منوال نواز يمكنهن أن يتحدين المجتمع ويخرجن عن الصورة النمطية التي اختارها لهم وفق ثقافة لا تراعي إنسانيتهن وحياتهن الخاصة ولا تقدر مواهبهن وقدراتهن على النجاح في أي مهنة اخترنها.

21