باشاغا يعلن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية الليبية المقبلة

وزير داخلية حكومة الوفاق المنتهية ولايته يتهم رئيس ديوان المحاسبة بـ"الابتزاز السياسي".
السبت 2021/03/13
باشاغا: تقارير ديوان المحاسبة شكل من أشكال الفساد السياسي

طرابلس - أعرب فتحي باشاغا وزير الداخلية في حكومة الوفاق الليبية المنتهية ولايته، عن عزمه الترشح للانتخابات الرئاسية، المقرر إجراؤها في 24 ديسمبر المقبل، في وقت صعّد فيه هجومه ضد رئيس ديوان المحاسبة واتهمه بـ"الابتزاز السياسي" إثر كشفه عن عدة جرائم فساد بوزارة الداخلية.

وكشف فتحي باشاغا عن ملامح برنامجه الانتخابي، في حوار مع مجلة "لوبوان" الفرنسية، مشيرا إلى أنه يرتكز على "الأمن ووحدة الوطن والمصالحة الوطنية"، لافتا إلى "أهميتها في تحقيق الاستقرار، الذي سيفتح المجال أمام عودة الشركات الدولية والمستثمرين للعمل في البلاد من جديد، وخاصة بمجال البنية التحتية".

وأشار باشاغا إلى أن أبرز اهتماماته ستكون "المواطنة، ومكافحة الفساد، والتنوع من حيث الأصول والأعراق، وكذلك تعزيز القطاع الخاص ليحل محل القطاع العام".

وعرض وزير الداخلية الليبي موقفه من التدخل الأجنبي في البلاد، وأفاد بأنه في حال انتخابه كرئيس في ديسمبر المقبل، سيعمل على "تعزيز مؤسسات الدولة بما يسمح بالدفاع عن ليبيا ضد هذا التدخل"، مشددا على رأيه بضرورة "التعاون مع الجميع بما يعود بالنفع على ليبيا".

 وقال باشاغا "نفهم أن لهذه الدول مصالح في ليبيا، وسنأخذها بعين الاعتبار". مضيفا "التعاون سيكون أمرا جيدا لتجنب الحروب.. ليبيا لديها الكثير من الإمكانات، وسوف نسمح لهذه الدول بالمجيء والاستثمار بشفافية كاملة"، معربا عن ثقته بالقدرة على "توحيد المصالح المتعارضة لهذه الدول".

وأكد باشاغا أنه سيتعامل مع هذه الدول على أساس "المصالح المتبادلة"، وأوضح قائلا "كان لي عديد التجارب الناجحة مع الدول التي دعمت الجانب الآخر (الشرق)...اتصلت بها وقمت بزيارتها وأجرينا حوارات مثمرة، وأوضحنا موقفنا منها...لذلك سأسميها نجاحا، كما فعلنا الشيء نفسه مع أولئك الذين ساندونا ومن كانوا ضدنا، وهو ما منحنا المصداقية، وأظهر قدرتنا على الحكم".

وكان باشاغا قد زار مصر في نوفمبر الماضي، حيث التقى عددا من المسؤولين المصريين وتم التوافق بشأن تشكيل لجنة مشتركة لبحث كافة الخطوات والضمانات المصرية المطلوبة لإعادة فتح السفارة، والعمل القنصلي المصري في مناطق الغرب الليبي.

وترشح باشاغا ضمن قائمة رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح في الانتخابات التي جرت في فبراير لاختيار السلطة التنفيذية في ليبيا، بإشراف الأمم المتحدة، لكن رغم تأهل القائمة إلى جولة التصويت الثانية، فإن الحظ لم يسعفها بعد فوز قائمة رئيسي المجلس الرئاسي والحكومة الحاليين محمد المنفي وعبدالحميد الدبيبة.

وشكل سقوط قائمة باشاغا وعقيلة صالح صدمة لدى الكثير من المتابعين، لاسيما بعد أن راجت أنباء بشأن وجود توافقات دولية وإقليمية على تولي الشخصيتين رئاسة السلطة التنفيذية الجديدة.

ويبدو أن خروج باشاغا من السلطة دفع بمناوئيه داخل حكومة الوفاق إلى اتهامه بالفساد، في تقرير ديوان المحاسبة الذي صدر الخميس.

وهاجم باشاغا مساء الجمعة رئيس ديوان المحاسبة، متهما إياه بـ"الابتزاز السياسي" إثر فضح الأخير بالفساد في الوزارة.

وكشف ديوان المحاسبة الليبي (حكومي/رقابي) في تقريره عن المخالفات المالية في عام 2019، عن عدة جرائم فساد بوزارة الداخلية التي يتولاها باشاغا.

وتضمن التقرير أن نفقات ديوان الداخلية قفزت بنسبة 267 في المئة بزيادة 2.4 مليار دينار ما بين عامي 2016 إلى 2019، كما أبرمت عقودا دون الرجوع للمراقب المالي، ولم تعد بواقي اعتمادات 2018 وصرفتها على جهات ذات ذمة مالية مستقلة بالمخالفة للقانون المالي للدولة.

ووقعت الداخلية عقودا بأكثر من 104 ملايين دينار، أُعطيت لشركتين بالتكليف المباشر في 37 معاملة. 

ووفق التقرير، فإن الوزارة حصلت على مبالغ تجاوزت 407 ملايين دينار ليبي من خارج الميزانية بحوالات من هيئات، دون إيضاح أسباب هذه الحوالات ولا الغرض منها.

وسلمت الوزارة سيارات لجهات وأشخاص خارج القطاع الأمني بالمجان، وأغلب عقودها تفتقد الإجراءات القانونية السليمة، إلى جانب صرف مبالغ كبيرة كعهد مالية بأسماء أشخاص خصما من بند الإعاشة، وتبين أن بعضها صرفت في غير هذا الغرض.

ورفض باشاغا هذه الاتهامات واتهم في تغريدات متتالية عبر حسابه الرسمي على موقع تويتر، رئيس ديوان المحاسبة خالد شكشك، بأنه قيادي إخواني ويمارس الابتزاز السياسي.

وقال باشاغا "حينما يترأس جهة سيادية تختص بالرقابة المالية شخصية ذات انتماء حزبي وأيديولوجي، فمن الطبيعي مشاهدة مظاهر الابتزاز السياسي بدعوى مكافحة الفساد من خلال تقارير جوفاء، لا يجرؤ مصدرها إحالتها للقضاء كونها لا تقوى على حمل مضمونها".

وأضاف أن الرقابة وفق بوصلة حزبية أقبح أشكال الفساد، مضيفا "نستعد لتسليم السلطة لحكومة الوحدة الوطنية التي نالت ثقة السلطة التشريعية، ونرتضي بمبادئ الديمقراطية والتداول السلمي للسلطة، في حين أن رئيس الديوان يتشبث بمنصبه رغم انتهاء ولايته القانونية".

وأعرب باشاغا عن تحديه ديوان المحاسبة أن يحيل مخالفات وزارة الداخلية للسلطة القضائية المختصة، مؤكدا أنها تقارير معدة للاستهلاك الإعلامي وشكل شائن من أشكال الابتزاز والفساد السياسي.

ويرى باشاغا أنه أول من حارب الفساد في طرابلس، وكشف عنه داخل حكومته، وسبق وخرج في عدد من المؤتمرات الصحافية مروجا لهذا الدور، خاصة إبان ترشحه لرئاسة حكومة الوحدة الوطنية.

وفي أغسطس الماضي، اعترف باشاغا على إثر صراع سابق مع رئيس حكومة الوفاق المنتهية ولايته فايز السراج بوجود فساد في جميع مؤسسات الدولة، بما فيها وزارة الداخلية التي يرأسها.

وتنتشر في مناطق غربي ليبيا ظاهرة الفساد، والتي طالت كبار المسؤولين، ومؤخرا أصدر النائب العام الليبي حزمة من قرارات الضبط ضد عدد كبير من المسؤولين الليبيين، بتهم فساد واستغلال المال العام والتربح.

ويعاني أكثر من مليون ليبي من ضنك المعيشة ويحتاجون إلى مساعدة عاجلة بحسب مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في ليبيا، وأن النسبة المستهدفة فقط من المساعدات وصلت إلى 0.3 مليون شخص.

كما يعاني أكثر من 392 ألف ليبي من النزوح داخليا وانتشار 585 ألف مهاجر ولاجئ، وعملية تمويل المساعدات تتطلب 129.8 مليون دولار، وما تم تمويله 96.9 مليون دولار فقط بتقدم محرز بلغ 75 في المئة.

ومنح مجلس النواب الليبي الأربعاء، الثقة لحكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة، بعدد أصوات وصل إلى 132 نائبا، لتحل محل الحكومة المنتهية ولايتها بزعامة فايز السراج.