باشاغا يحذّر من صفقة غامضة بين طرابلس وروما

حكومة باشاغا تؤكد أن الاتفاقية المرتقبة بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة "إيني" الإيطالية تقضي بزيادة حصة الشريك الأجنبي وتقليص حصة الشريك الليبي وتتوعد باللجوء إلى القضاء.
الأربعاء 2023/01/25
باشاغا يستهجن السلوك الانتهازي للحكومة الإيطالية

طرابلس – حذرت الحكومة المعينة من مجلس النواب الليبي برئاسة فتحي باشاغا من "صفقة غامضة" بشأن الطاقة، تعتزم حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد الدبيبة، التي وصفتها بالمنتهية ولايتها، عقدها مع رئيسة الحكومة الإيطالية جورجيا ميلوني، خلال الزيارة المرتقبة إلى طرابلس.

وتسعى حكومة الدبيبة من خلال عقد هذه الصفقة المرتقبة إلى انتزاع شرعية دولية للبقاء في السلطة، بينما تنحصر الأزمة الليبية بالنسبة لروما في استمرار تدفق صادرات الغاز الطبيعي، خصوصا في فصل الشتاء، والحد من تدفق المهاجرين غير الشرعيين، عبر التنسيق مع ميليشيات تتبع حكومة الوحدة المنتهية ولايتها، عدا ذلك لن يكون من مصلحة روما دعم حلول أممية تنزع الشرعية عن حكومة الدبيبة، وتؤسس لسلطة شرعية عبر الانتخابات العامة، قد تعيد النظر في العلاقات بين طرابلس وروما.

وأعربت حكومة باشاغا في بيان الثلاثاء عن "استغرابها من اعتزام ميلوني على زيارة الحكومة منتهية الولاية في طرابلس (حكومة الوحدة) وحضور توقيع الاتفاق النفطي الجديد".

وذكّرت في بيانها الصادر بتاريخ التاسع عشر من ديسمبر 2022، والذي أشار إلى الإعداد لصفقة غامضة بين المؤسسة الوطنية للنفط وشركة "إيني" الإيطالية، بأن "الاتفاقية يقضي بزيادة حصة الشريك الأجنبي وتقليص حصة الشريك الوطني (الليبي)".

وفي الحادي والعشرين من ديسمبر، أعلنت مؤسسة النفط "استئناف (تنفيذ) عقد موقّع عام 2008 مع شركة إيني، ينقذ البلاد من نقص إنتاج الغاز المتوقع عام 2025"، وفق بيان.

وردا على جدل حول هذا العقد، أوضحت المؤسسة آنذاك أن "النسبة التي يتحدث عنها البعض ليست نسبة المقاسمة في العائد، وإنما هي النسبة المسموح بها لاسترجاع التكاليف الرأسمالية في المشروع".

والثلاثاء، قالت حكومة باشاغا عن ذلك إن "الدولة الليبية لن تلتزم بأي اتفاقيات مشبوهة الغرض والمآلات"، وإنها "في منأى عن كل الآثار القانونية والمادية"، وتوعدت بأنها "ستلجأ إلى القضاء".

وجددت حكومة باشاغا رفضها محاولة ما وصفته بإحياء هذه الحكومة الميتة (حكومة الوحدة الوطنية) بإقحام قوت الليبيين في مثل هذه الصفقات، واستهجنت السلوك الانتهازي للحكومة الإيطالية الذي يتجاوز المصالح الليبية العليا ويغامر بالعلاقة الطيبة بين البلدين، خصوصا بعد رفض وزراء الخارجية العرب إعادة شرعنة هذه الحكومة بعدم حضورهم اجتماع مجلس الجامعة العربية قبل يومين في طرابلس ومقاطعتهم له.

وأكد البيان عدم أهلية حكومة الوحدة الوطنية، بصفتها منتهية الولاية والشرعية، لتوقيع أي اتفاقيات أو مذكرات تفاهم، وأنها غير مخولة أصلا بذلك طبقا لنص المادة 10 من الاتفاق السياسي بجنيف، الذي رعته الأمم المتحدة حتى في الفترة التي كانت تتمتع فيها بالشرعية.

وجددت الحكومة دعوتها جميع الدول إلى نسج علاقات مبنية على الاحترام المتبادل وترتكز على تحقيق المصالح المشتركة، وحثتها على احترام الإرادة الليبية المتمثلة في المؤسسات المنتخبة التي أنتجت الحكومة الليبية.

والاتفاقية المرتقبة التي ستوقعها حكومة الدبيبة مع الحكومة الإيطالية تأتي بعد مذكرة تفاهم مثيرة للجدل مع تركيا في أكتوبر الماضي بشأن التنقيب عن النفط والغاز في المياه الليبية.  

وتعتبر إيطاليا وتركيا من أبرز الداعمين لحكومة الدبيبة، فالبلدين متهمان باختراق السيادة الليبية، عبر التواجد العسكري لكليهما، خصوصا في مدينة مصراتة، وبتوقيع اتفاقيات ثنائية مع حكومة الدبيبة منتهية الولاية، دون عرضها لنيل الموافقة من مجلس النواب الليبي، فضلا عن ازدهار مصالح الدولتين في ظل الوضع الليبي الحالي، الذي يسوده الانقسام والفساد المالي، وعدم رغبة البلدين في وضع جديد يأتي عبر الانتخابات، التي تهدد علاقاتهما المميزة ووجودهما العسكري غير الشرعي في الغرب الليبي.

وبحسب تقديرات، فإن لدى إيطاليا نحو 400 عسكري في مدينة مصراتة، وتتمتع بعلاقات وطيدة مع المجتمع المحلي في المدينة، عبر تقديم خدمات صحية عن طريق المستشفى العسكري الإيطالي، وغير ذلك من الخدمات والعلاقات الوثيقة بين الطرفين.

وتتولى القوات الإيطالية مسؤولية تدريب قوات أمنية وعسكرية ليبية خاضعة لحكومة الدبيبة، وتعمل بتناغم مع الوجود العسكري التركي المهيمن على طرابلس وغرب البلاد.

واقتصاديا، تصدرت إيطاليا قائمة شركاء ليبيا التجاريين بقيمة 10.17 مليار يورو خلال الأشهر العشرة الأولى من العام 2022، بنسبة نمو تبلغ 75 في المئة عن الفترة نفسها من العام 2021، وبحصة سوقية نسبتها 23.5 في المئة، بحسب بيانات نشرتها السفارة الإيطالية لدى ليبيا.

وصدّرت ليبيا نحو 2.5 مليار متر مكعب من الغاز إلى إيطاليا في العام الماضي، تمثّل نحو 40 في المئة من إنتاجها، عبر خط نقل الغاز البحري "غرين ستريم" الذي يربط بين مدينة زوارة في غرب ليبيا وجزيرة صقلية الإيطالية.

إلى جانب الطاقة، عقدت إيطاليا اتفاقيات غير معلنة مع ميليشيات في غرب ليبيا لمنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر إلى أراضيها. وتعرضت إيطاليا لانتقادات حقوقية واسعة بسبب تعرض المهاجرين غير الشرعيين لانتهاكات جسيمة في السجون التي تديرها ميليشيات مدعومة من روما.

تحصل روما على 40 في المئة من الغاز الليبي، وهي الحصة التي تريد ليبيا تقليصها لتنامي حاجتها الداخلية إلى إنتاج الكهرباء والصناعة، ولهذا ربما تساوم روما من أجل استمرار هذه الحصة كاملة، مقابل توفير الدعم لحكومة الدبيبة.

وتستعد حكومة الدبيبة لاستقبال رئيسة الحكومة الإيطالية في طرابلس، حيث بدأت مناقشة الإجراءات اللوجستية للزيارة المرتقبة من خلال لقاء جمع وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة نجلاء المنقوش بالسفير الإيطالي لدى ليبيا جوزيبي بوتشيني.

وأفاد بيان صادر عن وزارة الخارجية بحكومة الوحدة بأن اللقاء جرت فيه "مناقشة الاستعدادات اللوجستية لزيارة وفد رفيع المستوى برئاسة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجا ميلوني رفقة وزيري الخارجية والداخلية وعدد من المسؤولين بالحكومة الإيطالية إلى ليبيا".

ولم يذكر البيان تاريخا لزيارة ميلوني التي تجري حاليا زيارة غير معلنة المدة للجزائر جارة ليبيا.

وذكر موقع "ديكود 39" الإخباري الإيطالي في الثالث عشر من يناير الجاري أن ميلوني تستعد لزيارة ليبيا لبحث ملفي الهجرة غير النظامية وإمكانية أن تساهم طرابلس في تعويض نقص الطاقة في أوروبا، جراء الحرب الروسية - الأوكرانية المستمرة منذ الرابع والعشرين من فبراير.