باشاغا يبحث دعما أميركيا لعملية عسكرية تستبق مؤتمر برلين

واشنطن - يحاول وزير الداخلية بحكومة الوفاق الليبية فتحي باشاغا، الذي يقود وفد بلاده في زيارة إلى الولايات المتحدة للمشاركة في مؤتمر التحالف الدولي لمكافحة الإرهاب، انتزاع دعم أميركي لعملية عسكرية يتوقع مراقبون أن تشنها الميليشيات في أي لحظة لتحقيق انتصار قبل مؤتمر برلين.
وتداولت وسائل إعلام محلية مقربة من باشاغا، الذي بات يوصف بالحاكم الفعلي لطرابلس، مع تراجع نفوذ رئيس المجلس الرئاسي فايز السراج بسبب استعادة ميليشيات مصراتة سيطرتها على العاصمة، أنه سيلتقي وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو.
وفي حين يجرّد مراقبون مشاركة الوفد الليبي في المؤتمر الأمني من أي دلالات سياسية ويصفونها بالمشاركة العادية باعتبار أن حكومة الوفاق شريك للولايات المتحدة في الحرب على داعش وكان لهما تعاون وثيق أثناء عملية تحرير سرت من التنظيم سنة 2016، يحاول الإعلام التابع لتيار الإسلام السياسي تصوير الزيارة على أنها انحياز أميركي للإسلاميين.
ويكتنف الغموض موقف الولايات المتحدة من النزاع في ليبيا، ففي حين ما زالت تعترف بحكومة الوفاق التي يسيطر عليها الإسلاميون، تشيد في نفس الوقت بدور الجيش بقيادة المشير خليفة حفتر في محاربة الإرهاب وحماية المنشآت النفطية وهو ما عبر عنه الرئيس الأميركي دونالد ترامب بعد أيام قليلة من بدء معركة تحرير طرابلس، ما اعتبر دعما للجيش لاستكمال المهمة.
وتسود حالة من الترقب في ليبيا حيث من غير المستبعد أن يشن أحد الطرفين عملية عسكرية تستبق مؤتمر برلين، الذي لم يتم تحديد موعده بعد، لكن تصريحات سابقة لمسؤولين ألمان حصرت المؤتمر بين شهري أكتوبر ونوفمبر.
وكانت برلين احتضنت سلسلة من الاجتماعات الأمنية التمهيدية للمؤتمر حضرتها الدول الفاعلة في الملف الليبي من بينها الدول الست الكبرى ومصر والإمارات وتركيا مع استثناء قطر والجزائر وتونس.
وقالت مصادر ليبية قريبة من حكومة الوفاق لـ”العرب” إن باشاغا يحشد منذ أشهر في مناطق مختلفة وأن قواته باتت شبه جاهزة لأي هجوم. وتوقعت المصادر أن يطلب باشاغا دعما سياسيا للعملية العسكرية التي لم يعد يحتاج إلى شنها إلا بدعم جوي بعدما خسرت حكومة الوفاق المعركة الجوية بتدمير الجيش لطائراتها الحربية ومعظم الطائرات التركية المسيرة.
ولم تستبعد المصادر أن تفتح حكومة الوفاق جبهات بعيدة عن طرابلس كالموانئ النفطية وسط البلاد والحقول النفطية في الجنوب. وتعول حكومة الوفاق لاسترجاع الموانئ النفطية على مجموعات متطرفة متكونة من فلول “سرايا الدفاع عن بنغازي” وهي مجموعة متطرفة طردها الجيش من المدينة وحرس المنشآت النفطية الموالين للآمر السابق للحرس إبراهيم الجضران الذي طرده الجيش من الموانئ النفطية في سبتمبر 2016.
وتراهن حكومة الوفاق في نجاح هذه العمليات على انشغال الجيش بمعركة تحرير طرابلس التي أطلقها منذ سبعة أشهر، لكن تحركات الجيش تؤكد أنه يرصد هذه التحركات ويتعامل معها في الوقت المناسب.
وأصدرت القيادة العامة للجيش الوطني، مساء الأربعاء، بيانا بخصوص استهداف أهداف متفرقة في قاعدة القرضابية الجوية بمنطقة سرت. وأشار البيان إلى أن المواقع التي استُهدِفت كانت عبارة عن غرفة عمليات عسكرية تستخدم للتحكم في الطائرات المسيرة وبعض المواقع التي تستخدم للتخزين وإخفاء الطائرات المسيرة وملحقاتها من الهوائيات ووسائل القيادة الجوية.
ويسيطر الجيش على المواقع الحيوية كالحقول والموانئ النفطية وكامل المنطقتين الشرقية والجنوبية ومدن استراتيجية غرب البلاد، لعل أهمها ترهونة وصبراتة. وتشارك ترهونة في معركة تحرير طرابلس باللواء التاسع ويحاول الإسلاميون منذ بدء المعركة تحييدها عن الصراع لكن محاولتهم باءت بالفشل، وسط تهديدات لا تتوقف باجتياح المدينة.
وتعني سيطرة الميليشيات على ترهونة التي تبعد حوالي 90 كيلومترا عن العاصمة فعليا هزيمة للجيش وطرده من المواقع التي سيطر عليها جنوب طرابلس.
ويقول مراقبون إنه رغم عجز كلا الطرفين عن حسم المعركة لصالحه في طرابلس إلا أن تواجد الجيش على أبواب طرابلس يمنحه موقفا تفاوضيا أقوى مما كان عليه قبل 4 أبريل، لذلك يشترط الإسلاميون انسحابه والعودة إلى مواقعه في الشرق لاستئناف العملية السياسية وهو ما عاد باشاغا للتأكيد عليه من واشنطن.
وذكرت وسائل إعلام محلية أن باشاغا أكد للمسؤولين الأميركيين أن “وقف إطلاق النار لن يكون إلا بعد رجوع قوات حفتر من حيث أتت”.
ولفتت قناة ليبيا لكل الأحرار المحسوبة على الإسلاميين وتبث من تركيا إلى أن “الجانب الأميركي أبدى تفهمه للتأكيد الصادر عن باشاغا رفقة وزير الخارجية محمد سيالة”، لافتة إلى تناول الاجتماع الخطة الأمنية لحكومة الوفاق بعد وقف إطلاق النار.