باشاغا ماض في تشكيل حكومة ليبية شاملة وإجراء الانتخابات

المجلس الأعلى للدولة يتراجع عن دعم تعيين باشاغا والتعديل الدستوري مؤكدا أنه لم يتخذ قرارا نهائيا.
الاثنين 2022/02/14
باشاغا يطمئن الليبيين بأنه سيتسلم مهامه بطرق سلمية دون أي عوائق

طرابلس - أكد رئيس الحكومة الليبية المكلف فتحي باشاغا أنه ماض في تشكيل الحكومة وسيتم عرضها على مجلس النواب في الموعد المحدد، مطمئنا الليبيين بأنه سيتسلم مهامه بطرق سلمية دون أي عوائق، في وقت تراجع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري  عن دعمه لتعيين باشاغا، معتبرا أنه "لم يتم اتخاذ قرار نهائي".    

والخميس، صوت مجلس النواب في طبرق بالإجماع على اختيار وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا رئيسا للحكومة الجديدة، وكلفه بتشكيل حكومته في غضون 15 يوما.

وقال باشاغا في كلمة مسجلة، نشرها عبر حسابه على فيسبوك صباح الاثنين، "لدينا مشاورات يومية مع مجلسي النواب والدولة، والمجلس الرئاسي، ومؤسسات المجتمع المدني، ومشاوراتنا مستمرة مع المثقفين والأكاديميين والشباب الذين أعتمد عليهم بشكل أساسي في تشكيل الحكومة المقبلة، والتي ستترجم المعنى الحقيقي للمشاركة السياسية الفاعلة من جميع الأطراف شرقا وغربا وجنوبا، مع ضمان معيار الكفاءة والقدرة".

وأفاد باشاغا بتلقيه اتصالات تهنئة عديدة من دول شقيقة وصديقة أبدت دعمها للحكومة وحرصها على السيادة الليبية.

وأكد باشاغا مضيّه في تشكيل الحكومة، منوها بأن تشكيلها وتقديمها لمجلس النواب سيتمان في الزمن المحدد، ومبديا أمله في أن تنال الثقة.

وطمأن باشاغا الليبيين بأن عملية التسليم والاستلام ستتم وفق الآليات القانونية والدستورية، وبالطرق السلمية. وقال "لن تكون هناك عوائق بإذن الله، خاصة أن رئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة شخصية مدنية محترمة، وينادي دوما بالابتعاد عن الحروب، ونحن على يقين بأنه يؤمن بالديمقراطية والتداول السلمي على السلطة".

كما شدد باشاغا على ضرورة إجراء الانتخابات في مواعيدها المحددة، مجددا تعهده والتزامه بعدم الترشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.

وذكّر باشاغا، في حديثه، بالسنوات العشر الماضية، والتي شهدت عمليات تهجير وفقدان الأهل والأحباب وانتشار الفوضى والفساد وارتفاع أصوات الكراهية، مشيرا إلى أن الجميع "أدرك اليوم أننا كنا مخطئين باعتقادنا بأن واحدا منا قد يلغي الآخر، أو أن واحدا منا يمتلك الحقيقة دون غيره. قيمتنا في تنوعنا ومصيرنا واحد".

وأضاف باشاغا "في هذه الأيام شهدنا توافقا تاريخيا بين مجلسي النواب والدولة، وتم تتويج هذه الجهود بقرار شجاع يتمثل في: تعديلات دستورية تحدد الآليات والآجال بشأن العملية الانتخابية، وتشكيل حكومة بقرار وطني ليبي وطريقة ديمقراطية".

وتشهد ليبيا منذ تكليف باشاغا بتشكيل الحكومة الخميس الماضي حالة من التخبط السياسي والتحشيد الأمني والتصريحات "الموافقة والرافضة".

وخلط رئيس المجلس الأعلى للدولة الليبي، وهو بمثابة غرفة ثانية للبرلمان ومقره طرابلس، الأوراق بدفاعه عن تعيين مجلس النواب المنعقد في الشرق رئيسا جديدا للوزراء، متجاوزا الانقسامات التقليدية بين شرق البلاد وغربها، قبل أن يتراجع ويؤكد أنه "لم يتم اتخاذ قرار نهائي"، مما أثار التساؤل إن كان تراجعا أم أن هناك انقساما داخليا. 

وذكر بيان المجلس "نؤكد للجميع أن التعديل الدستوري الثاني عشر الصادر عن مجلس النواب، وكذلك تغيير رئيس الوزراء هما قراران غير نهائيين، وهناك العديد من الملاحظات حولهما، وأن قرار المجلس بهذا الخصوص، سيكون خلال جلسة رسمية، وبشفافية كاملة مقدمين الحرص على سلامة الوطن ووحدته وحرمة الدم الليبي بعيدا عن أي مكاسب سياسية ومصالح ضيقة قد يفكر البعض فيها". 

ويرى البعض أن تراجع المشري قد يعود إلى الرفض الشعبي المتصاعد، والمطالبات التي بدأت تتزايد والداعية إلى إسقاط المجلسين (مجلسي النواب والأعلى للدولة)، أو أنها تعبر عن موقف مجموعة من المجلس وليس كله، وبالتالي هناك انقسام داخله.

ويذهب آخرون إلى أن تصريحات المشري وإن بدت متناقضة فإنها تكشف أن الرجل بدأ بممارسة ضغوطه على مجلس النواب، من أجل الحصول على بعض المكاسب للمجلس الأعلى للدولة. 

ومن المنتظر أن يتضح موقف المجلس الأعلى للدولة من كافة الإجراءات التي اتخذها البرلمان خلال جلسته المقبلة التي لم يتحدد موعدها بعد، بقبول كافة الإجراءات أو الاعتراض على جزء منها، وهو ما يعني العودة بالعملية السياسية إلى نقطة ما.

ويأتي الجدل الدائر حاليا مع إعلان 118 فصيلا من القوى العسكرية والأمنية والسرايا في مدينة مصراتة الليبية الأحد دعمها لتعيين باشاغا رئيسا للوزراء، واحتشاد مجموعات مسلحة في طرابلس قادمة من مصراتة الواقعة على بعد حوالي 200 كيلومتر شرقها، مما ينذر بأزمة جديدة يُخشى أن تتحول إلى مواجهة مسلحة بين أنصار الدبيبة، ومؤيدي باشاغا. 

وأكدت الفصائل في بيان مشترك صادر عنها دعمها لـ"الاتفاق الليبي – الليبي" الذي جرى بين مجلسي النواب والأعلى للدولة، وما نتج عنه من تعديل دستوري وتسمية رئيس للوزراء يتولى شؤون البلاد إلى حين الاستفتاء على الدستور وإجراء الانتخابات.

ودعت الفصائل الموقّعة على البيان "بعثة الأمم المتحدة والدول المعنية والمهتمة بالشأن الليبي إلى تزكية هذا الاتفاق ودعم هذا المسار".

وأضافت الفصائل في البيان أن "ثوار مدينة مصراتة لم ولن يكونوا يوما حجرة عثرة في طريق التداول السلمي للسلطة وبناء الدولة"، وطالبت الجميع بـ"الالتفاف حول هذا الاتفاق وعدم الانجرار وراء الفتن".

ويشكل البيان دعما غير مسبوق لباشاغا في مواجهة الدبيبة الذي أكد عدم تنازله عن السلطة إلا لحكومة منتخبة، ما أثار مخاوف واسعة من احتدام الأزمة وعودة ليبيا إلى مربع الانقسام والصدام.

ويؤكد وصول القافلة المسلحة خطر تجدد القتال في ليبيا، مع اندلاع الأزمة في أعقاب تحركات في الأسابيع الماضية من فصائل مسلحة تدعم أطرافا سياسية مختلفة.

وفي ظل هذه الفوضى السياسية، التقت ستيفاني ويليامز، المستشارة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، في ليبيا كلا من الدبيبة وباشاغا، حيث شددت خلال اللقاءين المنفصلين على أهمية حفاظ جميع الأطراف الفاعلة والمؤسسات على الهدوء على الأرض من أجل وحدة ليبيا واستقرارها، وضرورة إجراء انتخابات حرة ونزيهة "في أقرب وقت ممكن".

وكانت الأمم المتحدة أعلنت قبل أيام استمرار دعمها للدبيبة رئيسا للوزراء، وهو ما زاد من ضبابية المشهد السياسي، خاصة في ظل تأخر الإعلان عن تاريخ لإجراء الانتخابات، التي تم تأجيلها في ظل صراع القوى السياسية.