باسيل يفاوض الثنائي الشيعي قبل حسم المعارضة ترشيح جهاد أزعور

رئيس التيار الوطني الحر يعلن تقاطعه مع المعارضة على ترشيح وزير المال السابق دون أن يؤكد تأييده رسميا.
الأحد 2023/06/04
باسيل يناور

بيروت – لا توحي الأجواء السياسية اللبنانية بأن البلاد تقترب من حسم الاستحقاق الرئاسي، فبينما كان يفترض أن تعلن قوى المعارضة والتيار الوطني الحر رسميا ترشيح وزير المال السابق جهاد أزعور لمنصب الرئيس إلا أن خلاصة المفاوضات لم تفض إلى ذلك.

ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر معارضة مطلعة على ما يجري على خط الاتصالات الجارية بين داعمي ترشيح أزعور، قولها إن هناك تباينا بين المتحاورين حول طريقة تظهير الترشيح.

وأفادت المصادر بأن نتيجة التواصل خلال الساعات الأخيرة بين المعارضة وبعض النواب المستقلين والتغييريين و"التيار الوطني الحر" تم التوافق على تنسيق الخطوات وإعلان موقف في موضوع التقاطع على اسم مرشح لرئاسة الجمهورية.

وستعقد كتل المعارضة وعدد من النواب المستقلين والتغييريين مؤتمرا صحافيا اليوم الأحد الساعة السادسة مساء في دارة النائب ميشال معوض، الذي سيعلن سحب ترشيحه لصالح أزعور.

وفي الأثناء، لا يزال رئيس "التيار الوطني الحر" النائب جبران باسيل يفاوض الثنائي الشيعي "حزب الله" و"أمل" حيث لم يحسم التأييد الرسمي والجدي لترشيح ازعور وسط إشارته إلى أن التقاطع مع المعارضة على ترشيح أزعور لا يكفي، لأن المطلوب مقاربة الانتخاب وبرنامج العهد والتوافق مع الفريق الآخر من دون تحديد.

وأعلن باسيل في خطاب ألقاه في الاحتفال السنوي لـ"التيار" في جبيل "تقاطع التيار مع كتل نيابية أخرى على اسم جهاد أزعور كمرشح رئاسي من بين أسماء أخرى اعتبرها التيار مناسبة وغير مستفزة وأعطى موافقته عليها وعدم ممانعته لوصولها".

ونقلت "الوكالة الوطنية للإعلام" اللبنانية اليوم الأحد عن باسيل قوله إن "التقاطع على أكثر من اسم يعطي مزيدا من المرونة ويشكل تطورا إيجابيا ومهما، فلا يتهم أحد التيار بالتعطيل".

ورأى في "التوافق على اسم مرشح واتفاق الكتل الأساسية على دعمه وإعطائه التمثيل اللازم، تعويضا عن عدم وصول من يملك الحيثية التمثيلية المسيحية"، كاشفا عن أنه "في حال الدعوة إلى جلسة انتخاب التيار سيصوت للاسم الذي تم التوافق عليه بدل التصويت بالورقة البيضاء".

وشدد على أن "همّ التيار الخروج من الفراغ الرئاسي ووصول رئيس للجمهورية يناسب المرحلة فيحظى بدعم التيار لينجح من دون أن يكون مرشح التيار فلا يتحمل الأخير وزر أخطائه إذا فشل، لكن الدعم الذي سيحظى به هو كي يتمكن من جمع اللبنانيين حول مشروع سيادي إصلاحي إنقاذي".

 وأشار إلى أن "الرئيس العتيد إذا استمر بنفس نهج المنظومة والفساد وبمشروع الفشل واللادولة فسيكون التيار له بالمرصاد ويعارض أداءه"، لافتا إلى أن "المرشح الرئاسي لن يشبه التيار كونه ليس منه لكن ممكن أن نتفاهم حوله ونتقاطع معه ولا نخجل من دعمه".

وأوضح باسيل أن "الورقة البيضاء لم تعد تؤدي الغاية منها بل أصبحت التعبير عن عجز أو عدم السعي لملء الفراغ"، موضحا أن "التقاطع إذاً على اسم هو إنجاز ضروري ولكن غير كاف لانتخاب الرئيس لأن المطلوب من جهة هو التوافق مع الفريق الآخر من دون تحديه".

ولفت إلى أن المرحلة الحالية لا تسمح بوصول رئيس للجمهورية من التيار، وحتى إذا وصل بظل النظام الحالي والمنظومة المتحكمة لن ينجح، فالمعادلات الحالية الخارجية والداخلية، لن تسمح لرئيس من التيار أن يحقق أكثر مما حقق الرئيس ميشال عون".

وقال "تفاهم اللبنانيين وتوافقهم على الرئيس والبرنامج هو الحل، بالخلاصة نريد رئيسا لا يفرضه علينا أحد ولكن نحن أيضا لا نفرض على أحد اسم الرئيس، وهذه هي المعادلة الممكنة اليوم."

ودعا باسيل إلى "الاستفادة من اللحظة التاريخية، وعدم تضييع فرصة التقارب الإقليمي من حولنا، بل توحيد المشروع اللبناني لننجح كلنا كلبنانيين"، مؤكدا أن "الربح الوحيد الباقي هو ربح معركة بناء الدولة، بعد أن ربحنا المعركة على الإرهاب، وحققنا التوازن مع إسرائيل".

ونقلت وسائل إعلام محلية عن مصادر سياسية قولها إن كلمة باسيل بالشكل الذي أتت به كانت متوقعة على عكس ما أشيع في الساعات التي سبقت الاطلالة من أنه سيعلن دعم أزعور رسميا ومن دون مواربة.

ولفتت المصادر إلى أن باسيل الذي أعلن عن تقاطع مع المعارضة حول أزعور لم يعلن قط تأييد تكتله للأخير وهذا يدل على أن رئيس "تكتل لبنان القوي" الذي يجري اتصالات مع المعارضة يتفاوض أيضا مع "الثنائي الشيعي" عبر وسطاء ومع رئيس تيار المردة سليمان فرنجية أيضا عبر أصدقاء مشتركين من أجل الوصول إلى نقاط مشتركة، حيث يذكر أن نائب رئيس مجلس النواب إلياس بوصعب التقى رئيس مجلس النواب نبيه بري في عين التينة لكن لم يكشف المجتمعون عن فحوى اللقاء.

واعتبرت المصادر نفسها أن القوى المعارضة لا يمكن أن تثق بباسيل الذي يطالب بالتريث، خاصة وأن معطيات جديدة إقليمية برزت في الساعات الماضية وقد تشكل اندفاعة لفريق "الثنائي" في التشدد في دعم فرنجية.

وقالت المصادر إن قوى المعارضة والتغيير لم تنجح بعد في التلاقي على ترشيح أزعور، فقوى التغيير منقسمة على نفسها في هذا الشأن، والمستقلون أيضا ليسوا كلهم على ذات الخط، ولذلك لن يشارك عصر اليوم الأحد كل نواب التغيير والمستقلين في الاجتماع الذي سيعقد في دارة النائب ميشال معوض والذي تحضره كتل المعارضة.

ورجحت نفس المصادر أن لا يتم الإعلان الرسمي عن ترشيح أزعور لا سيما وأن التيار الوطني الحر سوف يعقد اجتماعه الدوري الثلاثاء والذي ستتوضح من بعده الأمور. 

وفي ظل عدم حسم القرار، تقول أوساط سياسية لبنانية إن إطالة أمد المراوحة من قبل المعارضة في التبني الرسمي لأزعور قد يدفع الأخير إلى التريث، خاصة بعد الاتصال الذي حصل بينه وبين المعاون السياسي لرئيس مجلس النواب نبيه بري النائب علي حسن خليل وتم خلاله البحث في الملف الرئاسي في ضوء الحراك الحاصل.

وكان خليل صريحا في توصيف ما يجري على خط المعارضة وباسيل، داعيا أزعور إلى الانتباه لما يجري لا سيما أن هناك عملا يقوم به "التيار الوطني الحر" وليست "القوات" بعيده عنه، ويهدف إلى حرق اسمه والضغط على "الثنائي الشيعي" للتراجع على ترشيح فرنجية من أجل الوصول إلى مرشح ثالث.

ويسعى باسيل إلى محاولة فرض مرشح مواجهة على المعارضة وتياره للحفاظ على مصالحه الشخصية والضيقة لربما يساوم عليه لاحقاً ومن أجل لعبة السلطة فقط التي يدعي "حماية تياره" منها.

ويذكر أن لبنان دخل في فراغ رئاسي بعد انتهاء ولاية الرئيس السابق ميشال عون، في 31 أكتوبر الماضي، والتي استمرّت ولايته لمدة ست سنواتٍ، من دون أن يسلّمَ إدارة البلاد لرئيس جديد بعد فشل البرلمان في انتخاب رئيس جديد للبلاد، في ظل غياب التوافق السياسي.