بارزاني يخذل الصدر والحلبوسي يركن إلى الصمت

ائتلاف السيادة السني ليس في وارد المغامرة بخسارة ثقله السياسي في العراق.
السبت 2022/09/10
حسابات الربح والخسارة تبعد الزعيم الكردي عن حليفه الشيعي

امتناع الحزب الديمقراطي الكردستاني عن الاستجابة لطلب حليفه التيار الصدري، بالانسحاب من البرلمان، كان متوقعا، حيث أن الحزب الذي كانت لديه تحفظات على استقالة نواب التيار في يونيو الماضي، لن يقبل أن يسير في مثل هذا الخيار الذي سيجعله خارج أطر العملية السياسية.

بغداد - تقول أوساط سياسية عراقية إن رفض الحزب الديمقراطي الكردستاني طلب حليفه التيار الصدري استقالة كتلته النيابية من البرلمان العراقي تمهيدا لحله، في مقابل التزام ائتلاف السيادة السني الصمت، الذي بدا أقرب للرفض، يشكل خذلانا لزعيم التيار مقتدى الصدر.

وتوضح الأوساط أن الصدر كان يسعى من خلال طلبه من الحليفين الكردي والسني الانسحاب من البرلمان، إلى قلب المعادلة مجددا، وإضعاف موقف خصومه من قوى الإطار التنسيقي، لكن هذا التمشي أثبت عدم جدواه، حيث إن الجانبين لا يريدان فقدان موقعهما في قلب المعادلة السياسية، ولطالما نظرا إلى خطوة الصدر بالانسحاب من البرلمان في يونيو الماضي على أنها اندفاعة غير محسوبة.

وترى الأوساط أن موقف الحزب الديمقراطي الكردستاني وائتلاف السيادة السني، من شأنه أن ينعكس على التحالف القائم مع التيار الصدري، حيث سيرى فيه تخليا عنه، مشيرة إلى أن الصدر لم يعد، بعد التحفظات على مقترحه الأخير، يملك ترف الخيار، وأن إمكانية احتكامه للشارع مجددا لفرض أجندته، مخاطرة غير مضمونة العواقب، كما أثبتت التجربة خلال الأيام الماضية.

وأعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني الجمعة أن الانسحاب من البرلمان يجب أن يتم بتوافق بين القوى السياسية في العراق. وصرّح المتحدث باسم الحزب محمود محمد بأن الحزب يفضّل اتخاذ قرار مشترك من قبل القوى والأطراف السياسية الفاعلة في العراق بشأن مسألة حل مجلس النواب.

وقال محمد إن "إلى غاية الآن لم يتم التحاور حول مسألة حل مجلس النواب بهذا الشكل (الذي طرحه وزير الصدر)”، مضيفا “نحن لدينا لجنة تقوم بأداء دورها، ونتصور أن مثل هذه المواضيع من الأفضل اتخاذ قرار مشترك بشأنها، من خلال الجلوس إلى طاولة الحوار ومناقشتها".

محمود محمد: نفضل اتخاذ قرار مشترك مع باقي القوى بشأن حل البرلمان

وأضاف المتحدث باسم الحزب الكردي الذي يقوده مسعود بارزاني، أن “الوضع الراهن بالعراق يتطلب من أولئك الذين يشعرون بالمسؤولية أن يولوا أهمية له من أجل تخطي الأزمة والانسداد السياسي الحاصل، وبهدف إيجاد سبيل نحو أُفق يفضي إلى تشكيل الحكومة الاتحادية المقبلة ومعالجة المشاكل في البلاد".

وأعلن صالح محمد العراقي الذي يعرف بـ”وزير الصدر” الخميس رفضه بشكل مطلق عودة كتلة التيار الصدري إلى مجلس النواب العراقي بعد استقالة أعضائها الثلاثة والسبعين منه، داعيا حلفاء التيار إلى الانسحاب من البرلمان.

وقال العراقي في تغريدة على تويتر إن “الرأي النهائي في مسألة عودة الكتلة الصدرية إلى مجلس النواب، ممنوع منعا باتا ومطلقا وتحت أي ذريعة كانت، إذ يرفض الفاسدون حكومة لا شرقية ولا غربية ذات أغلبية وطنية، ونحن نرفض حكومة توافقية رفضا قاطعا".

وأضاف العراقي أن "حل البرلمان ممكن بلا عودة الكتلة الصدرية، ولا لاسيما مع وجود حلفائها في مجلس النواب وبعض المستقلين"، من خلال انسحابهم الذي سيجعل "البرلمان يفقد شرعيته وسيحل مباشرة".

ودعا "الحلفاء والمستقلين إلى موقف شجاع ينهي الأزمة برمتها" من خلال بقاء رئيس الجمهورية ورئيس الوزراء "على رأس حكومة لتصريف الأعمال وللإشراف على الانتخابات المبكرة أو بمعونة آخرين عراقيين أو دوليين".

وقال وزير الصدر "إننا نعي كثرة الضغوط على حلفائنا، لكن التضحية من أجل إنهاء معاناة شعب بأكمله أيضا أمر محمود ومطلوب، فالشعب لا التيار هو من يرفض تدوير الوجوه وإعادة تصنيع حكومة فاسدة مرة أخرى"، لافتا إلى أن “الكرة في ملعب الحلفاء لا في ملعب الكتلة الصدرية".

وجاءت تصريحات المقرب من زعيم التيار الصدري بعد يوم واحد على إعلان المحكمة الاتحادية العليا، وهي أعلى هيئة قضائية في العراق، أنها لا تملك الصلاحية الدستورية لحل البرلمان، وهو مطلب رئيسي للصدر.

ويرجح مراقبون أن يتخذ ائتلاف السيادة السني ذات الموقف للحزب الديمقراطي الكردستاني لناحية سحب نوابه من البرلمان، حيث إن الائتلاف الذي يقوده رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بالشراكة مع رجل الأعمال خميس الخنجر لن يغامر بهذه الخطوة، ما قد يفقده مركز ثقله الذي يجعله الممثل الرئيسي للطائفة السنية في العراق.

وحاول الحزب الديمقراطي الكردستاني وائتلاف السيادة خلال الفترة الماضية الإمساك بالعصا من المنتصف، مع ميل إلى التيار الصدري، على الرغم من عدم رضاهما عن تمشي الأخير، لاسيما في علاقة بانسحاب كتلته النيابية من البرلمان، والذي لم يجر بتنسيق معهما في إخلال من جانبه بمبدأ الشراكة.واليوم يطالب التيار الصدري الطرفين بمغادرة المنطقة الرمادية والانخراط معه بشكل كلي في لعبة لي الذراع التي تمارس بينه والإطار التنسيقي، الذي يضم القوى الموالية لإيران.

ولئن أبدى الطرفان استجابة لمطلب الصدر بحل البرلمان، بيد أنهما شددا على أن تجري هذه الخطوة في سياق احترام المسار القانوني وأن يسبقها وضع أرضية سياسية تمهد لها، في موقف حرصا من خلاله على مراعاة شروط الإطار التنسيقي.

◙ الأزمة السياسية في العراق تنحصر في تمسك قوى الإطار التنسيقي باستئناف جلسات البرلمان واستكمال الاستحقاقات الدستورية المتمثلة في انتخاب رئيس للجمهورية ورئيس حكومة كاملة الصلاحيات

وقال عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني ريبين سلام في وقت سابق "من الصعب على الحزب الديمقراطي أن ينسحب من البرلمان في هذه المرحلة لعدة أسباب، الأول أن الغضب موجود في الشارع الشيعي بسبب الاعتراض على أداء الحكومة، والثاني أن الأكراد والسنة قبلوا بإجراء الانتخابات المبكرة في العاشر من أكتوبر 2021 بهدف أن تعود المياه إلى مجاريها، إلى وضعها الطبيعي".

وأضاف سلام في تصريحات لوسائل إعلام محلية “وضع إقليم كردستان لا يشبه وضع بقية المكونات الشيعية والسنية، لأن هناك الكثير من الملفات التي تتعلق بقوت المواطنين في الإقليم لم يتم التوصل إلى حلها مع الحكومة الاتحادية، وهذا ما يمنع الحزب الديمقراطي الكردستاني من الانسحاب من العملية السياسية".

وكان زعيم الحزب الديمقراطي صرح الأربعاء بأنه “لا يوجد أي مانع في إجراء الانتخابات المبكرة بشرط تهيئة أرضية سياسية وقانونية لها، وألا يتم تهميش أي طرف أو مكون وأن يتم احترام نتائج الانتخابات".

ويقول المراقبون إن المواقف المعلنة من الحزب الديمقراطي الكردستاني، وصمت ائتلاف السيادة السني، سيجعلان الصدر في موقف صعب، لكن من غير المرجح أن يدفعه ذلك إلى البحث عن حلول وسطى مع الإطار التنسيقي، الأمر الذي يعني بقاء العراق في حالة من الشلل السياسي المستحكم.

وتنحصر الأزمة السياسية في العراق حاليا في تمسك قوى الإطار التنسيقي باستئناف جلسات البرلمان واستكمال الاستحقاقات الدستورية، المتمثلة في انتخاب رئيس للجمهورية ورئيس حكومة كاملة الصلاحيات، بدلا عن حكومة تصريف الأعمال الحالية برئاسة مصطفى الكاظمي.

كما يصر قادة من الإطار على تعديل قانون الانتخابات الحالي الذي يحملونه مسؤولية التراجع في الانتخابات التشريعية الماضية، وتغيير مفوضية الانتخابات، قبل حل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة.

في المقابل، يتمسك التيار الصدري بحل البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة خلال تسعة أشهر تتولى الإشراف عليها حكومة تصريف الأعمال الحالية، ويطرح التيار شروطا إضافية من قبيل تعديل الفقرة السادسة والسبعين من الدستور المتعلقة بالكتلة الأكبر، وتغيير قانون المحكمة الاتحادية العليا.

3