باحث أردني يقدم حلولا عملية لتطوير التراث والعناية به

طلال المعمري
عمّان - يدرس الباحث محمد محمود الدروبي في كتابه “حركة إحياء التراث في الأردن” تاريخ حركة إحياء الموروث العربي الإسلامي في المملكة من قبل منتصف القرن العشرين وحتى عام 2022.
ويهدف الكتاب الذي صدر عن دار الرياحين في عمان وبيروت مؤخرا، إلى التعريف بالجهود الأردنية في إحياء الموروث الخطي العربي الإسلامي، وإلقاء الضوء على جمهور العلماء والمحققين الأردنيين المشتغلين في تحقيق التراث ونشره، ومعاينة الملامح الرئيسة في الحركة الإحيائية الأردنية والبواعث التي أفضت إلى تطورها، وتبيّن مجالاتها ومساراتها، وتقديم ثبت علمي بما نُشر في المملكة أو ما نشره الأردنيون من نفائس المخطوطات على مدار ثمانية عقود.
يتسم الإصدار الذي أنفق الباحث فيه سنوات بدقته وموضوعيته وشموله آفاق العلوم العربية والإسلامية، واحتفاله بالضبط والتوثيق. وقدم له الأكاديمي يوسف بكار، مبينا منزلته العلمية وقيمته النقدية والتوثيقية. كما تضمن الكتاب تقاريظ شارك في كتابتها خمسة عشر عالما ومحققا وباحثا.
وجاء الكتاب في أحد عشر فصلا توزعت على حوالي 1000 صفحة. واستكشف في بدايتها الدروبي خارطة المشتغلين في إحياء الموروث في الوطن، مقدما إياهم وفق ستة أنماط من التصنيف المعياري، هي: مجالات اهتماماتهم، وطبقاتهم العمرية، وأقدمية النشر، وغزارة الإنتاج، وبيئة العمل والجنس.
وأطل الفصل الثاني على مظهر وفادة محققي التراث على الأردن منذ حوالي ستين عاما، وعرض أربعة ألوان من تلك الوفادات، هي: وفادة أساتذة الجامعات، ووفادة الخبراء، ووفادة شيوخ العلم، والوفادات قصيرة الأجل والزيارات. وعد الدروبي الذي يعمل أستاذا للأدب والتراث العربي بجامعة آل البيت الأردنية هذا المظهر باعثا رئيسا أفضى إلى تصاعد الاهتمام بتحقيق الموروث.
وتعقب الباحث تاليا في الفصل الثالث دور المؤسسات الرسمية والأهلية في إحياء الموروث وتقديمه للقراء، معرفا بجهود الجامعات، ووزارة الثقافة، ومجمع اللغة العربية، ومؤسسة آل البيت للفكر الإسلامي وغيرها.
واستقصى الفصل الرابع دور المجلات العلمية المحكمة في بعث التراث وإحيائه، لاسيما مجلة مجمع اللغة العربية، ومجلات بعض الجامعات الرسمية والأهلية.
واستجلى من ثم دور برامج الدراسات العليا في عدد من الجامعات في إحياء التراث، عارضا تاريخ هذه الحركة الجامعية الإحيائية التي انطلقت في الجامعة الأردنية منذ نصف قرن، ثم تواصلت في الجامعات الرسمية التي تأسست لاحقا.
وتعمق الدروبي في بيان مشاركة دور النشر والوراقة الأردنية في حراك لإحياء التراث، مقدما مهادا عن تطور حركة النشر والطباعة في الوطن، ومحطات حركة نشر التراث التي انطلقت منذ نصف قرن، ومعرفا في الوقت نفسه بجهود زهاء أربعين دارا من دور النشر التي عنيت بنشر التراث.
وخرج الفصل السابع للحديث عن الجهود الأردنية في نشر التراث في خارج أروقة الوطن، منذ ما يزيد عن سبعين عاما، ولاسيما في مصر ولبنان وسوريا والسعودية والكويت ودولة الإمارات.
ودرس الدروبي في فصل مستقل الجهود الأردنية في مجال إحياء العلوم الشرعية، وقدم أطروحته تلك في تسعة محاور، هي: التجويد والقراءات ورسم المصحف الشريف، وتفسير القرآن الكريم، وعلوم القرآن الكريم، والحديث النبوي الشريف وشروحه، وعلوم الحديث النبوي الشريف، والعقيدة الإسلامية وعلم الكلام، والتزكية والسلوك والأخلاق والزهد التصوف، والفقه الإسلامي، وأصول الفقه والقواعد الفقهية.
الأردن قدم جهودا كبيرة في محاولته للعناية بتراثه ونشره في الخارج منذ ما يزيد عن سبعين عاما
ولم يغفل الباحث تبيان جهود الإحياء الأردنية في علوم اللغة العربية وآدابها، وهو اتجاه قوي لا يقل عن قوة سابقه، واشتمل هذا الفصل على ستة محاور، هي: علم اللغة، والنحو والصرف، وكتب الأدب العام، والشعر العربي وشروحه، والنثر العربي، والنقد والبلاغة والعروض.
ودرس الجهود الأردنية كذلك في إحياء التراث التاريخي والجغرافي، وذلك عبر أربعة محاور، هي: كتب التاريخ على اختلاف مساراتها، وكتب الجغرافيا والبلدانيات والرحلات، وكتب التراجم والطبقات والسير والأثبات والفهارس والإجازات، والوثائق والسجلات والدفاتر. ورصد الباحث في هذا الفصل ما أنتجه الأردنيون، وما نُشرته في الأردن ضمن هذه المجالات.
أما الفصل الحادي عشر فدرس من خلاله الدروبي الجهود الأردنية في تحقيق التراث العقلي العربي (الفلسفة والمنطق)، والتراث العلمي العربي (الرياضيات والهندسة الرياضية والزراعة والحيوان والطب والصيدلة والبيطرة والفلك).
وتضمن الكتاب خاتمة مطولة، عرض فيها الباحث أبرز ما توصل إليه من نتائج، ثم قدم مباحثة حول سبل تطوير صنعة تحقيق التراث ونشره. كما تضمن الكتاب ثلاثة ملاحق، أحصى أولها أسماء العاملين بتحقيق التراث في الأردن على مدار ثمانية عقود، فتجاوزوا على ستمئة باحث، واشتمل الملحق الثاني على صور لأغلفة كتب تراثية نُشرت في الأردن أو حققها الأردنيون، بينما خُصص الملحق الثالث لصور عدد كبير من محققي التراث في الأردن.