باحثون تونسيون يعيدون تقييم علاقة الفن التشكيلي بالأدب

تونس - تواصلت سلسلة الندوات الفكرية الخاصة بالدورة الرابعة للمعرض الوطني للكتاب التونسي، حيث كان عشاق الأدب والفنون التشكيلية على موعد مع ندوة بعنوان “في ارتباط الفن التشكيلي بالأدب” التي انتظمت مؤخرا في مدينة الثقافة الشاذلي القليبي بالشراكة مع اتحاد الفنانين التشكيليين الممثلة في الأكاديمي وسام غرس الله رئيس الاتحاد والباحثتين ربيعة باللطيفة وسهام الهنتاتي.
البداية كانت بدقيقة صمت ترحما على روح فقيد الصحافة الثقافية المنشط والمعد بإذاعة تونس الثقافية ناظم الهاني الذي غادر عالمنا صباح الأربعاء بشكل مفاجئ تاركا برحيله لوعة تشاركها كل العاملين في القطاع الثقافي والمهتمين به.
وخلال الندوة تم طرح العديد من التساؤلات منها: هل يمكن أن تكون اللوحة الفنية كتابا؟ ما هي مفردات اللغة التشكيلية؟ ما هي الأدوات التي تجعل من اللوحة نصا فنيا؟ هل للكتاب أبعاد فنية؟
العديد من الأسئلة حاول المتدخلون الإجابة عنها، حيث استهل الأكاديمي وسام غرس الله اللقاء بالتعبير عن فخره بهذه الشراكة مع المعرض الوطني للكتاب التونسي نظرا إلى أهمية هذا الحدث الثقافي على المستوى الوطني قبل أن يقدم تعريفا دقيقا لمصطلح “كتاب الفن”، وهو عمل فني في حد ذاته أو قطعة فريدة، له نسخ محدودة لا تباع ولا يخضع لنواميس وضوابط الطباعة العادية للروايات، فهو ليس عملا فنيا تقليديا بل يتيح لصاحبه الفنان التشكيلي حرية التصرف والحرية المطلقة لاختراع الشكل والمحتوى والحجم دون رقابة أو قيود بهدف التواصل مع المشاهد وفق تعبيره.
وأشار غرس الله إلى أن كتاب الفنان وسيلة تعبيرية ظهرت منذ القرن العشرين وانتشرت في العالم بصفة كبيرة تمنح للفنان الحرية الكاملة في اختيار المواضيع والمضامين التي يرغب في مشاركتها مع الجمهور.
من جهتها قدمت الأكاديمية بمعهد الفنون الجميلة والباحثة في المسرح ربيعة باللطيفة مداخلة حول أبرز الفنانين التشكيليين والنقاد الذين قدموا مؤلفات حول تجاربهم الشخصية في عالم الفن التشكيلي أو تجارب فنانين آخرين كرسوا حياتهم في مجال الفنون الجميلة أو مؤلفات نقدية في هذا المجال على غرار الفنان سمير التريكي، فاتح بن عامر ونجاح المنصوري وغيرهم من الفنانين.
أما الباحثة سهام الهنتاتي فكانت مداخلتها بعنوان “عندما يتحول الكتاب إلى عمل فني”، حيث قدمت العديد من الأمثلة في هذا المجال قبل أن يُفتح باب النقاش بين الحاضرين والأساتذة حول قطاع الفن التشكيلي وكتاب الفنان تحدياته وآفاقه.
والعلاقة بين الفن التشكيلي والأدب ليست جديدة، بل هي مستمرة بشكل وثيق، إذ الكثير من الأدباء بدأوا رسامين والكثير من الرسامين كتبوا أدبا مميزا، ولا يكفي مثلا أن نستحضر رسائل فان غوخ المثيرة والتي تعتبر من الأدب الخالص، لذا فالأدب والفن التشكيلي في تكاملهما بين الكلمة والعمل البصري يمثلان قوة فنية هائلة تمنح مساحات تعبيرية مثيرة، والكثير من الكتاب استفادوا من تقنيات الفن التشكيلي بشكل واضح ومعلن.
يذكر أن سلسلة اللقاءات الفكرية التي ينظمها المعرض تتواصل بشكل يومي، حيث كان الموعد مع ندوة “حضور الأدب التونسي في البرامج التعليمية” وذلك يوم الخميس التاسع من فبراير 2023 انطلاقا من الساعة الحادية عشرة صباحا بالجناح الخاص باللقاءات بمدينة الثقافة.