باحثة سورية تعتمد على المسرح المدرسي لتعميم ثقافة القراءة

الأنشطة المسرحية تصقل مهارات الأطفال وتطور قدرتهم على التعبير.
الاثنين 2022/04/25
المسرح يكسب الأطفال ملكة اللغة

دمشق - يؤكد خبراء التربية أن للأنشطة المسرحية تأثيرا نفسيا وسلوكيا في حياة الطفل، ويعتبرونها متمما للعملية التربوية برمتها. ودعا الخبراء إلى ضرورة اعتماد المسرحيات القصيرة لتعليم الأطفال وتوظيف المدارس للأقصوصة والحكايات الرمزية ذات العبر ما يساعد الأطفال على تنمية قدراتهم اللغوية وتعزيز الذاكرة والتركيز والانتباه.

وللنشاط المسرحي المدرسي أهمية بالغة في صقل مهارات الأطفال وتهذيبها وتطوير قدرتهم على التعبير. إذ أن التعبير عن مشاعر مثل الغضب والفرح والخوف والحزن ليس سهلا على الأطفال، لأنهم لا يعرفون سببها أو كيفية التعامل معها. ومن خلال المسرحيات يكون الأطفال قادرين على التعبير عن أنفسهم وتوجيه مشاعرهم وفهمها.

وهذا التوجه انتهجته الباحثة السورية في شؤون اللغة العربية وقضاياها راغدة شفيق محمود، التي تسعى لتوظيف المسرح المدرسي في تبسيط قواعد اللغة العربية وتقريبها للطلاب، وهي تجربة تخوض غمارها منذ عام 2013 بهدف ضبط القراءة ومخارج الأحرف عند الطلاب من خلال الأعمال المسرحية.

راغدة شفيق محمود: مسرحة المناهج تحقق كفاءة التعليم بتحويله إلى قصة

محمود التي كان يحزنها تأفف بعض الطلبة مما يعتبرونه صعوبة في فهم النحو والإعراب تقول في حديث معها “لاحظت استجابة كبيرة من الطلبة وحبهم للمسرح فكانت القاعدة النحوية الضيف الذي يلقى الترحيب والحفاوة عندهم وكان ذلك دافعا لي لإصدار كتابي ‘على مسرح الإعراب‘ الذي يحمل على أجنحة أوراقه القواعد التي يحتاجها الطالب للتمكن من العربية”.

ويتضمن كتاب “على مسرح الإعراب” بحثا في قواعد اللغة العربية بأسلوب منهجي يقوم على ربط للفنون الأدبية بقواعد الإعراب عبر أربعة فصول تواكب علوم اللغة التي يتلقاها الطالب في مراحل التعليم المدرسي.

ويؤنسن الكتاب المنصوبات وغيرها من العلامات النحوية، إذ تتتالى أسس اللغة وفق ذات الأسلوب التربوي والتعليمي في شرح علامات الإعراب الفرعية والأصلية بما يتوافق مع أصول اللغة والتزامها بالدقة والمنطق السليم، وذلك بتقريب النظم اللغوية من الطلاب عبر تجسيدها وعدم تركها لجفاف القواعد وتجريديتها.

وتبين محمود أن الكتاب ضم أيضا معلومات لمستقبل الطالب العلمي في اللغة وقدم مشاهدات واقعية لحالات لغوية متعددة مثل الاسم المنقوص والمقصور والممدود ثم تلى ذلك أسلوب الإغراء والتحذير وأسماء الفعل والمصادر وأنواعها، مبينة أهمية مواقع التواصل الاجتماعي عبر استخدامها الصحيح، لتختتم المؤلفة الكتاب بالفصل الرابع متناولة قواعد الإملاء والمعاجم.

واستخدمت الكاتبة محمود أسلوبا حديثا في التعاطي مع منهج اللغة العربية الذي طرحته دون أن تتخلى عن الأصالة والحفاظ على انتماء اللغة وسلامة قواعدها وانضباط حركاتها، كما أوردت في سائر عناوين الكتاب أشعارا ذات معنى يؤثر في السلوك التربوي للمتلقي القيم ويهتم في الحفاظ على شخصية الأفراد وتكوين المجتمع على بناء وطني سليم.

ومن ناحية أخرى تشير محمود إلى أن ضعف القراءة له تأثير كبير على المجتمع، لافتة إلى خطورة ظاهرة عدم الاهتمام باللغة والمطالعة والقراءة السليمة لأن الكلمة تختلف بين المعنى السياقي والمعنى المعجمي في حين أن الضبط الصحيح هو أساس الفهم والاستيعاب.

وتشرح الباحثة أنها انطلقت بتجربتها من دراسة النمو عند الطفل وكيفية اكتساب المعرفة من خلال ملكة الإصغاء وتشكيل معجمه اللغوي الخاص لتكوين العبارات والتعبير عن السلوك والرغبات بمفردات اللغة لتصل إلى نتيجة أن التعليم يحقق أعلى درجات الكفاءة عندما يتحول إلى قصة يراها الطفل ويكتسب منها المعارف والعلوم وهذا ما يسمى مسرحة المناهج.

"على مسرح الإعراب" كتاب يتضمن بحثا في قواعد اللغة العربية بأسلوب منهجي يقوم على ربط للفنون الأدبية بقواعد الإعراب عبر أربعة فصول تواكب علوم اللغة

وتبين محمود أن كتابها الذي لاقى ترحيبا مؤلف تربوي ممتع لليافعين الذين يهتمون بالقراءة والمطالعة ويخفف من ضغط الدروس الخصوصية، فالطالب المجتهد يبحث عن المعلومة فيجدها ويتحاور مع القاعدة النحوية ليمتلك ناصية اللغة ويبدع مع إمكانية مشاركة الأهل في هذه العملية.

كما تشدد الباحثة على أن النشاط المسرحي متمم للعملية التربوية برمتها، خصوصا وأن الطفل يرتبط بشكل جوهري بالتمثيل منذ سنوات عمره الأولى عندما يتخيل ويتحدث مع لعبه عبر سيناريو يؤلفه ويخرجه ويمثله، لذلك تكون علاقته بالمسرح اندماجية منذ الصغر.

ويؤكد المنهج الذي اتخذته محمود أن المسرح لا يساهم في تعزيز التنشئة الاجتماعية والتعاطف فحسب، بل يجعل الشخص يتقمص دور شخص قد لا يشاركه التفكير نفسه، وهو ما يدعوه إلى التفكير في الأسباب التي تجعله يتصرف بطريقة معينة. كما أن ذلك سيساعده على تفهم مشاعر الآخرين في مواقف مختلفة، ومن ثم امتلاك القدرة على التعبير وإتقان طرق التعبير السليمة.

ويذكر أن راغدة شفيق محمود مدرسة في اللغة العربية وعضو اللجنة الفرعية لتمكين اللغة العربية في طرطوس ولها نتاجات أدبية منشورة في مواقع إلكترونية سورية وعربية، كما شاركت في منتديات أدبية عربية ومن مؤلفاتها كتاب “على مسرح الإعراب وعلى خشبة مسرح النحو” وكتاب مشترك بعنوان: نساء القصور على مر العصور والرسم بالأحرف والكلمات “إملاء” وهو قيد الطباعة، إضافة إلى دراسات تربوية منشورة في صحف ومجلات عربية وأجنبية ومجموعة قصصية.

13