باتيلي يطلق مسارا تفاوضيا بين الأطراف الليبية لإجراء الانتخابات

طرابلس - أعلن المبعوث الأممي لدى ليبيا عبدالله باتيلي، مساء الاثنين، عن اعتزامه جمع المؤسسات والفاعلين الليبيين للتوصل عبر "المفاوضات الشاملة والحلول الوسط" إلى تسوية نهائية بشأن إجراء الانتخابات، وهي أكثر القضايا إثارة للخلاف.
وتأتي خطوة المبعوث الأممي في ظل الخلافات المتواصلة بين أفرقاء ليبيا بشأن القوانين الانتخابية التي أخرجتها لجنة 6+6 المشتركة بين مجلسي النواب والأعلى الدولة، وتمسك المجلسين بتشكيل حكومة موحدة للإشراف على هذه الانتخابات المؤجلة منذ ديسمبر 2021.
وقال باتيلي في بيان للبعثة الأممية، إن عمله على جمع المؤسسات والفاعلين الليبيين عبر مفاوضات شاملة جاء استنادا إلى قرارات مجلس الأمن التي دعت "المؤسسات والأطراف الرئيسية الليبية إلى الاتفاق على خارطة طريق لإجراء الانتخابات في أقرب وقت ممكن في جميع أنحاء البلاد، على أساس دستوري وقانوني، من خلال الحوار والحلول الوسط والتفاعل البنّاء، بهدف تحقيق أمور تشمل تشكيل حكومة ليبية موحدة قادرة على ممارسة الحكم في جميع أنحاء البلاد".
ولفت باتيلي، في بيانه، إلى إجرائه خلال الأشهر القليلة الماضية العديد من اللقاءات مع كافة القيادات الليبية، السياسية والأمنية، والمؤسسات ذات الصلة، وممثلي المجتمع المدني والنساء والشباب، والأعيان والمجالس البلدية والأحزاب السياسية وغيرها من مكونات المجتمع الليبي، لمناقشة كيفية إطلاق مسار يفضي إلى انتخابات "ناجحة وشاملة وذات مصداقية" في أقرب فرصة ممكنة، "وفي ظل بيئة آمنة وعلى أساس تكافؤ الفرص".
وأضاف أنه سيكثِّف تواصله في الأسابيع المقبلة مع المؤسسات الليبية الرئيسية، بالإضافة إلى القيادات السياسية والأمنية، "تمهيدًا لهذه المفاوضات"، مشيراً إلى أنه يعول على تعاون جميع المؤسسات الليبية والأطراف الفاعلة "للعمل معاً لتسوية النقاط المختلف عليها سياسيًا، والتوصل إلى حل يمهد الطريق لانتخابات ناجحة".
وحثّ باتيلي، في بيانه، مجلسي النواب والأعلى للدولة على التعاون مع المفوضية الوطنية العليا للانتخابات لـ"معالجة الثغرات القانونية وأوجه القصور الفنية التي جرى تحديدها، وإجراء التعديلات الفنية اللازمة على مشروعي قانوني الانتخابات اللذين أعدّتهما لجنة (6+6) على نحو يجعلهما قابلين للتطبيق".
وقال "يتحتم على الأطراف الليبية كافة استخلاص العبَر من الأخطاء والعثرات التي وقعت في العامين 2021 و2022، وتجنب أي تصرّف من شأنه تعميق الأزمة أو صرف الانتباه عن هدفنا المشترك المتمثل في التمكين من إجراء انتخابات ناجحة تلبي تطلعات الشعب الليبي".
وفيما أشاد باتيلي بجهود لجنة 6+6، إلا أنه اعتبر أن "مشروعي قانوني الانتخابات في صيغتهما الحالية لن يمكّنا من إجراء انتخابات ناجحة"، وقال إن "ثمة حاجة إلى مزيد من العمل لجعلهما قابلين للتطبيق".
وحثّ باتيلي المؤسسات والأطراف الرئيسية الليبية على ضرورة التوصل إلى تسوية سياسية شاملة بشأن أبرز النقاط المختلف عليها سياسياً، والتي جرى تحديدها في إحاطته أمام مجلس الأمن في 19 يونيو، من قبيل شروط الترشح للانتخابات الرئاسية على سبيل المثال، واشتراط إجراء جولة ثانية إلزامية للانتخابات الرئاسية، ومطلب تشكيل حكومة مؤقتة جديدة قبل موعد الانتخابات.
وأكد أنه شجع باستمرار مجلسي النواب والدولة على الاضطلاع بمسؤوليتهما وإنجاز الإطار الدستوري والقانوني المنظم للانتخابات، حيث خصصت البعثة فريقا يضم خبراء في الانتخابات والدستور والمساواة بين الجنسين بغية تقديم المساعدة الفنية للجنة "6+6" أثناء إعداد اللجنة لمشروعي قانوني الانتخابات.
وفي 6 يونيو الجاري، وبعد مباحثات استمرت نحو أسبوعين بمدينة بوزنيقة بالمغرب، أعلنت لجنة "6+6" توقيع أعضائها بالإجماع على القوانين الانتخابية المتعلقة بانتخاب رئيس الدولة ومجلسي النواب والشيوخ المقبلين، إلا أن رئيسي مجلسي النواب والأعلى الدولة عقيلة صالح وخالد المشري لم يوقعا عليها كما كان مقرراً، رغم وجودهما في المغرب حينها.
ولاقت القوانين المنجزة من قبل اللجنة معارضة عدد من النواب بالمجلسين وأحزاب سياسية طالبت بتعديلها، إلا أن اللجنة أعلنت أن قوانينها "نهائية ونافذة".
ومن المرتقب أن يعقد مجلس النواب الليبي اليوم الثلاثاء جلسة عامة في مقره بمدينة بنغازي، لمناقشة قانون الانتخابات الذي أقرّته لجنة 6+6، وتشكيل حكومة جديدة تتولى الإشراف على العملية الانتخابية.
ويستبعد مراقبون أن يصادق البرلمان في جلسة الثلاثاء على هذا القانون الانتخابي، وأن يطلب من أعضاء لجنة 6+6 إدخال تعديلات عليه، حيث أبدى البرلمان تحفظه على بعض البنود، خاصة التشريعات الخاصة بانتخاب الرئيس.
وفي وقت سابق، كان رئيس البرلمان عقيلة صالح قد اعتبر أن إجراء انتخابات الرئاسة من جولتين، يهدف إلى "إفشال العملية الانتخابية"، مشيراً إلى أنه "لا مبرّر لجعل انتخابات الرئيس من جولتين".
هذا وقالت مصادر برلمانية إن جلسة الثلاثاء ستبحث كذلك تشكيل حكومة مصغرة بديلة عن حكومتي طرابلس وبنغازي، تتولى توحيد المؤسسات والإشراف والإعداد اللوجستي والأمني للانتخابات.
ويتفقّ البرلمان مع المجلس الأعلى للدولة في ضرورة تشكيل حكومة جديدة، لكن رئيس حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس عبدالحميد الدبيبة يرفض تسليم السلطة ويتمسك بإشراف حكومته على الانتخابات.
ويستبعد مراقبون تراجع الغرب عن رفض فكرة تشكيل حكومة جديدة، ليس انحيازا للدبيبة وإنما لأن الخطوة إن تمت فستعني تأجيل الانتخابات لسنوات.
وفي فبراير الماضي، طرح باتيلي خلال إحاطة قدمها الى أعضاء مجلس الأمن، مبادرةً لوضع خارطة طريق تقضي بإجراء انتخابات رئاسية وبرلمانية في نهاية العام الجاري، وتعتمد على تهيئة المسارين الأمني والعسكري بما يضمن سلامة الأجواء المحيطة بالانتخابات.
وفي منتصف مارس، أعلن باتيلي عن عزمه على إنشاء "لجنة توجيه رفيعة المستوى في ليبيا"، تجمع "مختلف الأطراف الليبية المعنية، بمن فيهم ممثلو المؤسسات السياسية وأبرز الشخصيات السياسية وزعماء القبائل، ومنظمات المجتمع المدني، والأطراف الأمنية الفاعلة، وممثلون عن النساء والشباب"، للتوافق على القوانين الانتخابية.