باتيلي يحذر مجلسي النواب والدولة: جلسة الإحاطة في مجلس الأمن قريبة

عكست المباحثات التي أجراها مبعوث الأمم المتحدة إلى ليبيا عبدالله باتيلي مع رئيسي مجلسي النواب والدولة نفاد صبره حيال البطء الحاصل في المفاوضات الجارية بين المجلسين للاتفاق على النقاط الخلافية بشأن القاعدة الدستورية التي سيتم بموجبها إجراء الانتخابات.
طرابلس - كثف المبعوث الأممي إلى ليبيا عبدالله باتيلي من تحركاته للضغط على الفرقاء الليبيين ولاسيما على مجلسي النواب والأعلى للدولة، مع اقتراب موعد انعقاد جلسة خاصة بليبيا في مجلس الأمن الدولي.
وذهب المبعوث الأممي حد التلويح ضمنيا بخطاب مصارحة سيحدد فيه الأطراف المعرقلة خلال إحاطته المنتظرة في السابع والعشرين من فبراير الجاري أمام أعضاء مجلس الأمن.
وجاء هذا التلويح خلال مباحثات أجراها باتيلي خلال اليومين الماضيين مع رئيسي مجلسي النواب والدولة عقيلة صالح وخالد المشري.
ويُتهم صالح والمشري بالتلكؤ في إقرار القاعدة الدستورية، في محاولة من كليهما للتملص من إجراء الانتخابات خشية أن ينهي الاستحقاق نفوذهما السياسي.
وكان جرى الاتفاق على 175 مادة من مواد القاعدة الدستورية بين الطرفين ليتركز الخلاف حول نقطتين فقط، وهما ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين للانتخابات.
ويقول منتقدو المجلسين إن هناك شبه عملية تبادل أدوار بينهما في الاتفاق على استمرار الخلاف لضمان البقاء في السلطة لأطول فترة ممكنة.
وقال المبعوث الأممي في تغريدتين نشرهما على تويتر الاثنين “تباحثت خلال اليومين الماضيين مع رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري، ورئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وجددت التأكيد مرة أخرى على أهمية انخراط المجلسين بشكل بنّاء لوضع اللمسات الأخيرة على إطار دستوريّ يسهّل إجراء الانتخابات”.
وأضاف باتيلي “أخطرت رئيسي المجلسين بأنني سأطلع مجلس الأمن الدولي على آخر التطورات في ليبيا، بما في ذلك التقدم المحرز بشأن الإطار الدستوري”.
ويرى مراقبون أن تلويح باتيلي بإطلاع مجلس الأمن الدولي على سير النقاشات حول القاعدة الدستورية، وما قد يتضمنه ذلك من توجيه انتقادات لصالح والمشري، من شأنه أن يشكل ضغطا إضافيا على الطرفين لوقف المراوغات وحل النقاط الخلافية المتبقية.
ويشير المراقبون إلى أن باتيلي لا يبدو متحمسا إلى الخيار الذي كان طرحه سابقا المشري وصالح بشأن الاحتكام إلى الاستفتاء لحسم النقطتين الخلافيتين، لما قد يتطلبه ذلك من وقت فضلا عمّا قد يقود إليه من صراع جديد يبقي ليبيا في ذات الحلقة المفرغة.
وقال رئيس مجلس النواب الاثنين إنه يرى إجراء تعديل الإعلان الدستوري بما يعتبر قاعدة دستورية تجرى عليها الانتخابات الرئاسية والبرلمانية.
وأكد صالح خلال كلمة له في جلسة لمجلس النواب “تواصلنا مع المجلس الأعلى للدولة، وتسلموا منا نسخة من مقترح التعديل، ونتمنى تأييدهم لهذا التعديل لتحقيق مصلحة الوطن ومراعاة كل الظروف السياسية والاقتصادية للمجتمع”.
ودعا النواب إلى العمل على سرعة إعداد القاعدة الدستورية، مشيرا إلى مؤامرات يتعرض لها المجلس الذي قال إنه “لن يتخلى عن وحدة البلاد ويرفض التدخل الأجنبي”.
وكان مجلس النواب صادق في فبراير الماضي لصالح مقترح لتعديل “الإعلان الدستوري”، وينص المقترح على “تعديل الفقرة 12 من المادة 30 من الإعلان الدستوري، بحيث تُشكل لجنة من 24 شخصا من الخبراء والمختصين يمثلون الأقاليم الثلاثة يتم اختيارهم مناصفة بين مجلس النواب والمجلس الأعلى للدولة (نيابي استشاري)، وتتولى اللجنة مراجعة المواد محل الخلاف في مسودة الدستور المنجز وإجراء التعديلات الممكنة”.
كما ينص على أن “اللجنة تنتهي من إجراء التعديلات خلال 45 يوما، ويُحال مشروع الدستور المعدل مباشرة إلى المفوضية العليا للانتخابات للاستفتاء عليه، وإذا تعذر إجراء التعديلات بعد انتهاء هذه المدة، تتولى لجنة مُشكلة من مجلسي النواب والدولة خلال شهر إعداد قاعدة دستورية وقوانين انتخابية ملزمة”.
وقد قوبل هذا التعديل برفض من قبل المجلس الأعلى للدولة آنذاك، لكن لا يعرف بعد ما إذا كان الأخير سيتراجع عن موقفه.
ويرى متابعون أن الخيار الذي يطرحه مجلس النواب بالعودة وتشكيل لجنة جديدة ومن ثم الذهاب إلى الاستفتاء كل ذلك لا يهدف سوى إلى إضاعة المزيد من الوقت، فيما القضية محصورة في توفر إرادة سياسية، وترك الحسابات السياسية الضيقة لحسم ما تبقى من نقاط خلافية (نقطتان).
وفي تقرير تمهيدي قبل جلسة السابع والعشرين من فبراير الجاري، استعرض مجلس الأمن العقبات الماثلة في المشهد الليبي، حيث يسهم الجمود السياسي الذي طال أمده في عدم الاستقرار الاقتصادي والأمني في البلاد.
وأشار التقرير إلى تعثُّر المضي في الاستحقاق الوطني منذ أكثر من عام على تأجيل الانتخابات وتواصل المواجهة على السلطة بين رئيسي الحكومتين عبدالحميد الدبيبة وفتحي باشاغا.
هناك شبه عملية تبادل أدوار بين رئيسي مجلسي النواب والدولة في الاتفاق على استمرار الخلاف لضمان البقاء في السلطة
وانتقد التقرير البطء الحاصل في مسار الاتفاق على إجراء انتخابات، على الرغم من استئناف المحادثات بين رئيسي مجلس النواب والدولة، حيث التقى الطرفان في القاهرة في الخامس من يناير الماضي.
ويرى الباحث في المعهد الملكي للخدمات المتحدة جليل حرشاوي أن هناك نية من جانب الأمم المتحدة لإعطاء نوع من الزخم الجديد للعملية السياسية في شهر فبراير، لكن الأمر يسير ببطء، ولطبيعة الوضع الراهن وعناد الليبيين فإنه “إذا وصلت البلاد إلى إجراء الانتخابات في العام 2024 سيكون ذلك جيدا”.
ولا يستبعد المتابعون أن يقدم باتيلي على تنفيذ تحذيره المبطن لرئيسي مجلسي النواب والدولة، حيث أن من الواضح أن صبره نفد من مناورات الجانبين.
والأحد بحث باتيلي مع رئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها مقترحات جادّة لإجراء الانتخابات في أقرب وقت خلال لقاء جمعهما في ديوان مجلس الوزراء بالعاصمة طرابلس.
وجاء ذلك بعد يوم من اجتماع باتيلي مع عدد من أعضاء مجلس النواب الليبي في طرابلس، وقال في تغريدة إنهم طالبوا بـ”توحيد المؤسسات كشرط مسبق للخروج من حالة الجمود السياسي في البلاد”.
وتمر ليبيا بأزمة سياسية تتمثل في وجود حكومتين، الأولى مكلفة من مجلس النواب برئاسة باشاغا، والثانية معترف بها من الأمم المتحدة وهي حكومة الوحدة الوطنية برئاسة الدبيبة الذي يرفض التسليم إلا لحكومة تأتي عبر برلمان جديد منتخب.
ولحلّ ذلك ترعى الأمم المتحدة مفاوضات بين مجلسي النواب والدولة للتوافق حول قاعدة دستورية تقود إلى الانتخابات، إلا أن تلك المفاوضات لا تزال تشهد تعثرا.