باب لنهار جميل
حين يتنفس الصبح تتنفس معه الكائنات، ويقول كل كائن للآخر "هذا الصبح لي". نهار جديد يكتسبه المرء في دورة حياته. نهار آخر يجب أن يكون مثمرا وتكون فيه الكائنات مستعدة للعمل. الإنسان كما الحيوان كما النبات. كلها تنزل إلى ساحة العمل والعطاء وهي ترنو إلى حياة أفضل.
كان الراديو في أزمنة تبدو اليوم بعيدة يسبقنا إلى البشارة ويردد "يا صباح الخير يلي معانا، يلي معانا/ الكروان غنّى وصحانا وصحانا/"، وكان صوت أم كلثوم يوقظنا بنقائه كما لو أنه جرس السباق.
وحين نكون في الشارع نلتفت إلى النوافذ التي تُفتح على ضوء الشمس وهي ترشقنا بالعطر من خلال كلمات عشق بريء "يا حلو صبّح يا حلو طل/.يا حلو صبّح نهارنا فل".
وكان محمد قنديل قد وضعنا على مائدة صبح مصري رقيق الشكل، عميق المحتوى بعد أن غنى "الصبح بدري/والنيل بيجري/ والزرع باسم جميل/ يا طير يشادي/ اهتف ونادي/ اهتف وغني وقول/ يا صبح نادي/ على بلادي عليك يا وادي النيل".
ولأن لكل صباح صبوح كما يقول المثل العربي، فإن هناك مَن يقول "لا تصدق المرآة حين تستيقظ صباحا فإنك أجمل وأكثر وسامة". وهو ما يعكس طريقتنا في النظر إلى الصباح والتعبير عن مشاعرنا المتغيرة.
فالصبح هو ما يحملنه لنا من أخبار كما يقول محرم فؤاد "أجمل صباح عندي/صباحك الوردي/صباحك البسام".
وكانت فيروز قد احتفت قبل عقود بالصباح بطريقة مصرية حين غنت "طلعت يا محلا نورها شمس الشموسة/ يلا بنا نملا ونحلب لبن الجاموسة".
وليس من اليسير أن تدخل الجاموسة في أغنية غير أنها هنا بالذات جسدت واحدا من أعظم معاني الحياة. وهو ما يدفع الكثيرين إلى أن يستلوا من الصبح عناصر رقّة في التعبير عن الحب فتسمع "صباح الورد" و"صباح العسل" و"صباحك سكر" وهو ما جعل نجاح سلام تغني "صبح الصباح محلاه/ والشمس جايه معاه/ وكل شي في الكون سبح بحمد الله"، أما نازك فقد قالت المعنى نفسه بطريقة مختلفة "نور الصباح محلاه/ شقشق ولحن بهاه/ والأمر صاح الله".
