باب الهوى يفتح صفحة جديدة من العلاقات الأميركية الروسية

الأمم المتحدة /نيويورك - تبنى مجلس الأمن الدولي الجمعة قرارا بالإجماع يمدّد عملية إدخال مساعدات إلى سوريا عبر الحدود من تركيا، بعد أن وافقت روسيا على حلّ وسط في محادثات اللحظة الأخيرة مع الولايات المتحدة بما يضمن وصول مساعدات الأمم المتحدة للملايين من السوريين.
ورحبت السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس-غرينفيلد، بهذا التعاون الذي نادرا ما يسجّل مع روسيا، قائلة "من المهم أنّ الولايات المتحدة وروسيا تمكّنتا من التشارك في مبادرة إنسانية تخدم مصالح الشعب السوري".
وشددت على أنّها "لحظة مهمة للأمم المتحدة ومجلس الأمن اللذين أظهرا اليوم قدرتنا على القيام بما هو أكثر من مجرد الكلام. بمقدورنا العمل سويا من أجل إيجاد حلول" وتنفيذ مبادرات.
وتابعت الدبلوماسية الأميركية التي طالبت في بدء المفاوضات السماح باستخدام ثلاثة معابر حدودية، "بفضل هذا القرار، يمكن للملايين من السوريين تنفس الصعداء بالنظر إلى أنّ المساعدات الإنسانية الحيوية سيستمر تدفقها عبر المعبر الحدودي باب الهوى".
ووصفت روسيا والولايات المتحدة، اللتان توترت العلاقات بينهما بسبب عدد من القضايا، تصويت مجلس الأمن الجمعة بالإجماع بأنه لحظة تاريخية مهمة.
وقال السفير الروسي لدى الأمم المتحدة فاسيلي نيبينزيا للصحافيين بعد التصويت "نأمل أن يكون ذلك نقطة تحول تتسق مع ما ناقشه بوتين وبايدن في جنيف".
وأضاف "هذا يظهر أنه بوسعنا أن نتعاون عندما تكون هناك حاجة وأيضا عندما تتوفر الإرادة".
وأجرى الرئيس الأميركي جو بايدن الجمعة اتصالا هاتفيا مع نظيره الروسي فلاديمير بوتين، "أشادا" خلاله باتفاق فِرقهما الذي أدى إلى "التجديد بالإجماع" لآلية إيصال المساعدات الإنسانية، حسب بيان للبيت الأبيض.
ورحبت أنقرة بتمديد مجلس الأمن الدولي الجمعة آلية إيصال المساعدات الإنسانية "الضرورية".
وقالت الخارجية التركية "تُعد مساعدات الأمم المتحدة المرسلة عبر معبرنا الحدودي ضرورية لاستمرار الاستجابة الفعالة للأزمة الإنسانية في سوريا ومن أجل الاستقرار والأمن الإقليميين".
ورحب الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش بتجديد مجلس الأمن للتفويض الذي يعدّ "شريان حياة" لأكثر من 3.4 مليون شخص في حاجة للمساعدات بينهم ما يزيد عن مليون طفل.
وقال ستيفان دوجاريك المتحدث باسم غوتيريش "مع وجود معابر إضافية وتوسيع نطاق التمويل، يمكن للأمم المتحدة أن تقدم المزيد لمساعدة العدد المتزايد من المحتاجين".
وينحصر التفويض بمعبر باب الهوى عند الحدود الشمالية الغربية بين سوريا وتركيا "مع تمديد لمدة إضافية من ستة أشهر، أي إلى العاشر من يوليو 2022، شريطة نشر تقرير أساسي لأمين عام" المنظمة الدولية.
وأوضح القرار أنّ التقرير سيركّز "بشكل خاص على شفافية العمليات والتقدّم المحرز في مسألة إمرار (المساعدات) عبر الجبهات والاستجابة للحاجات الإنسانية".
وكانت روسيا، الحليفة الرئيسة للنظام السوري، سعت طويلا من أجل إنهاء هذه الآلية لصالح أخرى تقرّ إمرار المساعدات عبر الجبهات انطلاقا من دمشق، بغية الاعتراف بسيادتها الكاملة على كافة الأراضي السورية.
ولم تشارك روسيا على مدى أسابيع في مناقشات بشأن مشروع قرار صاغته أيرلندا والنرويج والذي سعى في البداية لتمديد تفويض إدخال المساعدات عبر تركيا والعراق لمدة 12 شهرا. لكن روسيا اقترحت الخميس تجديدا للتفويض لمدة ستة أشهر فقط ومن المعبر التركي فحسب.
وجاءت مدّة تمديد آلية إيصال المساعدات إلى سوريا محط تأويلين متباينين، حيث قالت توماس-غرينفيلد إن ذلك لا يتطلب تصويتا آخر في يناير لتمديد العملية التي تتم عبر الحدود.
لكن نيبينزيا أشار إلى أن المجلس قد يضطر للتصويت مرة أخرى في يناير إذا لم ترفع الأمم المتحدة تقريرا عن تقدم عمليات إيصال المساعدات عبر الخطوط الأمامية داخل سوريا وعن شفافية عمليات إيصال المساعدات عبر الحدود.
وقالت روسيا إن عملية المساعدة عفا عليها الزمن وتنتهك سيادة سوريا وسلامة أراضيها. وفي انتقاد للولايات المتحدة ودول أخرى، أرجعت روسيا والصين بعضا من محنة سوريا إلى العقوبات أحادية الجانب.
وكان الرئيس الأميركي قد أثار مع نظيره الروسي في يونيو قضية إيصال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا ومدى أهميتها. وحذرت إدارة بايدن وقتها من أن وقف إيصال المساعدات عبر الحدود سيعرض للخطر أي تعاون مع روسيا بشأن سوريا في المستقبل.
ومنح المجلس تفويضا لعمليات إيصال المساعدات عبر الحدود إلى سوريا للمرة الأولى في 2014 من أربعة معابر وفي العام الماضي تقلصت نقاط الدخول إلى معبر واحد من تركيا لمنطقة تسيطر عليها المعارضة المسلحة بسبب معارضة روسيا والصين لتجديد التفويض للمعابر الأربعة.