اهتمام قطري متزايد بإقليم كردستان: الهدف الاستثمار في الغاز

الدوحة- زاد الاهتمام القطري بإقليم كردستان العراق بشكل لافت، حيث استقبلت الدوحة في مرحلة أولى رئيس إقليم كردستان العراق نيجيرفان بارزاني في أكتوبر الماضي، وفي مرحلة ثانية رئيس حكومة الإقليم مسرور بارزاني الذي استقبله الأربعاء أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني.
يأتي هذا في وقت يقول مراقبون إن قطر تستفيد فيه من نفوذ كلّ من تركيا وإيران داخل الإقليم لتوسيع نشاطها، حيث تتصرف إيران بمنطق أن شرق كردستان (السليمانية) من حصتها، فيما تمتلك تركيا نفوذا أكبر في أربيل ودهوك، مع حضور قوي في الموصل.
ويشير المراقبون إلى أنّ الدوحة تتحرك لمد حضورها بإقليم كردستان بالاشتراك مع أنقرة من أجل دعم موقف إقليم كردستان في مفاوضاته مع الحكومة المركزية، وتوسيع الهوة بينهما ليسهل عقد اتفاقيات مع الإقليم سواء ما تعلق بفتح الباب أمام الاستثمار القطري في مجال الغاز أو تلبية حاجيات تركيا من النفط والغاز.
وتراهن قطر على تحقيق مكاسب خاصة بها من خلال الاستثمار في مجال الغاز حيث يحوز الإقليم على إمكانيات واعدة، وهو ما أشار إليه مسرور بارزاني حين قال إنه بحث مع وزير الدولة القطري للطاقة سعد الكعبي “إمكانات الغاز الضخمة” في الإقليم.
وقال مسرور في تغريدة على تويتر إنه جرى التوافق على تشكيل فرق من الحكومتين لاستكشاف التعاون في مجالات الطاقة المختلفة، بما في ذلك الطاقة المتجددة واستثمار الطاقة.
ومنذ أيام، أعلن عضو برلمان كردستان العراق علي حمه صالح أن الإقليم يحتل المرتبة السابعة عالمياً في تصنيف أكبر احتياطي للغاز الطبيعي، وهو ما يفسّر معارضة المسؤولين في الإقليم للحكم القضائي الذي يفرض عليهم تسليم ملف الطاقة إلى الحكومة المركزية التي تبحث عن توظيف كل إمكانيات العراق لحلّ مشكلة الكهرباء المؤرقة.
وتعتبر شركات الغاز الأوروبية إقليم كردستان كمصدر محتمل لتوريد الغاز إلى أوروبا عبر تركيا. وقد تساعد مثل تلك الإمدادات في تقليص اعتماد القارة على الغاز الروسي كأحد البدائل الممكنة.
ويرى المراقبون أن الوجود القطري سيكون مهما بالنسبة إلى الإقليم ولن يجد معارضة ذات بال خاصة في ظل تعهدات سابقة من أمير قطر لرئيس إقليم كردستان بتشغيل رؤوس الأموال والاستثمارات القطرية في الإقليم، وهو أمر ستستفيد منه تركيا بشكل مباشر لضمان تزويد دائم بالنفط والغاز بعيدا عن أيّ طوارئ مثلما يحصل حاليا مع الغاز الإيراني.

ووقّعت تركيا في 2013 اتفاقا لاستخراج وتصدير نفط الإقليم لمُدة 50 عاماً عبر أنبوب نفطي مُمتدّ من الإقليم إلى ميناء جيهان التُركي. وما يزال هذا الاتفاق مثار جدل قانوني ما دفع أنقرة لمطالبة قيادة الإقليم بالسعي لإيجاد تسوية قانونية له مع الحكومة المركزية.
ويرفض الإقليم مساعي الحكومة العراقية لاستعادة موضوع النفط في الإقليم، لاعتبارات بعضها استراتيجي ويخصّ رغبة كامنة لتوسيع صلاحيات الحكم الذاتي، وبعضها ظرفي ويتعلق برفض الإقليم منح ورقة قوية بيدها للأحزاب الحليفة لإيران والتي تضع يدها على كل شيء في العراق.
ورفضت سلطات إقليم كردستان أمرًا أصدرته المحكمة الاتحادية العليا في العراق يُلزم حكومة الإقليم بتسليم كامل النفط المنتج على أراضيه للحكومة المركزية.
واعتبرت المحكمة الاتحادية العليا في العراق، أعلى سلطة قضائية في البلاد، أن قانونًا تمّ تبنيه في كردستان عام 2007 لتنظيم قطاع النفط والغاز، مخالف للدستور.
وجاء في قرار المحكمة “إلزام حكومة الإقليم بتسليم كامل إنتاج النفط من الحقول النفطية في إقليم كردستان (…) إلى الحكومة الاتحادية المتمثلة بوزارة النفط الاتحادية”.
كذلك، تضمّن الحكم الذي نشر على موقع المحكمة “إلزام حكومة إقليم كردستان بتمكين وزارة النفط العراقية وديوان الرقابة المالية الاتحادية بمراجعة كافة العقود النفطية المبرمة مع حكومة إقليم كردستان بخصوص تصدير النفط والغاز وبيعه”.
واعتبرت حكومة كردستان في بيان نُشر ليل الثلاثاء الأربعاء، أن قرار المحكمة العليا “غير عادل وغير دستوري” مؤكدةً أنها ستتخذ “جميع الإجراءات الدستورية والقانونية والقضائية لضمان وحماية جميع العقود المبرمة في مجال النفط والغاز”.
وأضاف البيان أن “حكومة إقليم كردستان لن تتخلى عن حقوق إقليم كردستان المنصوص عليها في الدستور العراقي، وفي هذا الإطار ستواصل حكومة إقليم كردستان بذل جهودها مع الحكومة الاتحادية للتوصل إلى حل دستوري جذري بهذا الشأن”.