اهتمام عراقي باستيراد الغاز القطري لتعويض الإمدادات الإيرانية

تدفع مخاوف العراق من استمرار تقلص إمدادات الغاز الإيرانية التي يعتمد عليها بشكل مفرط في تشغيل محطات الكهرباء وخاصة في فصل الصيف إلى البحث عن مصادر بديلة حيث ستكون قطر وجهته هذه المرة لتغطية احتياجاته الضرورية من هذه المادة في ظل بطء إنجاز مشاريع محلية في هذا المجال.
بغداد- كشف العراق الخميس أنه يخطط لتوقيع اتفاق مع قطر في مايو المقبل لاستيراد الغاز الطبيعي المسال، في محاولة لتأمين ما يكفي من الوقود المستخدم لتوليد الطاقة الكهربائية وتنويع مصادر الإمدادات في ظل تقلص الشحنات الإيرانية.
واعتبر وزير الكهرباء العراقي بالوكالة عادل كريم في مقابلة مع وكالة بلومبرغ أن شراء الغاز الطبيعي المسال من شركة قطر للطاقة الحكومية سيساعد في استبدال بعض الغاز الذي ينقل عبر الأنابيب حاليا من إيران إلى “أن يتم إنتاج ما يكفي من الغاز ذاتيا”.

عادل كريم: الأسعار مرتفعة ولا خيارات لدينا ونحتاج إلى الغاز القطري
وقال إن طهران، التي تتعرض لعقوبات أميركية منذ العام 2018 “واجهت مشكلة في تلبية احتياجات العراق من الغاز بسبب زيادة طلبها المحلي”. وأضاف أن “الأسعار مرتفعة ولكن ليست لدينا خيارات نحن نحتاج إلى الغاز القطري لسد النقص في إمدادات الغاز الإيراني”.
وينفق العراق المليارات من الدولارات لزيادة إنتاجه من الغاز لتجنب اضطرابات الإمدادات التي أسهمت في انقطاع التيار الكهربائي بشكل حاد والاضطرابات التي شهدتها السنوات الأخيرة.
وذكر كريم أن شركة أكسلريت إنيرجي الأميركية قد تزود سفينة لتلقي الغاز الطبيعي المسال من قطر وإعادة تحويله إلى غاز. لكنه لم يكشف بدقة حجم الكميات التي تنوي بلاده استيرادها من قطر أو المدة التي ستتضمنها الاتفاقية المرتقبة.
وفي خضم المخاوف من عدم الالتزام بتأمين تشغيل محطات الكهرباء مع الاقتراب من أكثر أشهر العام حرارة يخطط الوزير العراقي لقيادة وفد إلى إيران قريبا لبحث التوريد وطرق الدفع.
ودفعت الولايات المتحدة العراق إلى وقف شراء الغاز الإيراني، وفرضت عقوبات على مبيعات الطاقة الإيرانية وغيرها من الأنشطة التجارية مع البلاد للضغط على الجمهورية الإسلامية للتوصل إلى اتفاق يهدف إلى الحد من برنامجها النووي.
وأعلنت بغداد أواخر الشهر الماضي أن واشنطن وافقت على تمديد إعفاء وارداته من النفط والغاز الإيرانيين لمدة أربعة أشهر إضافية بغية استقرار الإمدادات في ظل تنامي الطلب خاصة مع اقتراب فصل الصيف مع السماح بدفع تكاليف واردات الكهرباء من إيران.
وكان كريم قد قال في فبراير الماضي إن بلاده دعت إدارة الرئيس جو بايدن إلى السماح لها بالدفع النقدي للمبالغ التي لم تدفع حتى الآن رغم العقوبات الاقتصادية والمالية المسلطة على إيران بسبب برنامجها النووي.
ويعاني العراق من أزمة نقص كهرباء مزمنة منذ عقود جراء الحصار والحروب المتتالية. ويحتجّ السكان منذ سنوات طويلة على الانقطاع المتكرر للكهرباء وخاصة في فصل الصيف حيث ترتفع درجات الحرارة إلى مستويات عالية.
وتضطر وزارة الكهرباء إلى العمل وفق نظام القطع المبرمج لتجهيز الأهالي بالطاقة الكهربائية لعدة ساعات يوميا فيما يلجأ الأهالي إلى شراء الطاقة الكهربائية من محطات خاصة لسد النقص في التجهيزات.
وشهدت أسعار الغاز عالميا تقلبات شديدة منذ أن أثارت الحرب في أوكرانيا مخاوف من قطع الإمدادات الروسية، ومواجهة المشترين الأوروبيين ضغوطاً لوقف شراء الغاز. وارتفعت الأسعار وسط نقص المعروض في أوروبا فيما أثارت الحرب تنافسا للحصول على الإمدادات الجديدة بعيدا عن الغاز الروسي.
وقد يكون العراق، الذي يحتل المرتبة الثانية بعد السعودية في إنتاج النفط بين أعضاء منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، قادرا على إمداد مشتري النفط الخام على مستوى العالم، لكنه يحتاج إلى استيراد الغاز لتأمين احتياجاته من الطاقة. ويتسم المعروض من الغاز بالندرة بشكل خاص خلال أشهر الصيف في الخليج العربي، عندما تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية.
وفي فبراير الماضي، قال وزير النفط العراقي إحسان عبدالجبار إن بلاده تتفاوض مع شركتي أرامكو السعودية وهاليبرتون الأميركية لتنفيذ مشاريع تطوير النفط والغاز في غرب البلاد.
80
في المئة من الغاز تطمح بغداد إلى إنتاجها محليا بحلول 2024 وفق وزارة النفط
وذكر عبدالجبار حينها أن العراق يجري محادثات أيضاً مع أرامكو لتمويل وتطوير حقل غاز عكاس القريب، الذي تخارجت منه شركة كوغاز الكورية الجنوبية لأسباب لم يشرحها الوزير. وكان الحقل متوقفا عن العمل لعدة سنوات بسبب الصراع الداخلي قبل أن تستعيد الحكومة السيطرة عليه من مقاتلي تنظيم داعش في أواخر 2017.
وأشار عبدالجبار إلى أن الغاز المستخرج من الحقل سيُستهلك محليا وسيساعد البلاد على تقليل الاستعانة بالنفط لإنتاج الكهرباء، كون الغاز الطبيعي مصدر وقود أنظف للاحتراق لإنتاج الكهرباء.
ويهدف العراق، الذي يحاول الاستفادة من طفرة أسعار النفط الخام في الأسواق العالمية في ظل الحرب الروسية – الأوكرانية إلى تنفيذ مشاريع جديد في قطاع الطاقة، لتحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز بحلول 2025.
وتعكف الدولة على خطة لتطوير حقول الغاز الشاسعة بهدف إنتاج 80 في المئة من الغاز محليا، وتحتاج فقط لاستيراد الغاز الطبيعي المُسال في أشهر الصيف يونيو ويوليو وأغسطس حيث يزيد الطلب على تكييف الهواء في تلك الفترة بسبب الدرجات العالية في الحرارة.
وتشكل عائدات بيع النفط حوالي 95 في المئة من إيرادات الدولة. في حين يشكو المستهلكون من صعوبة الوضع الاقتصادي نتيجة ارتفاع الأسعار، إلا أنَه وفّر قدرا من السعة للاقتصاد، وعزز احتياطاته من النقد الأجنبي خلال الفترة الماضية.
وعندما انخفضت أسعار النفط مع بداية تفشي وباء كورونا كانت بغداد تجري محادثات أولية مع صندوق النقد الدولي للحصول على قرض محتمل، لكنها صرفت النظر عن ذلك فيما بعد. ويجمع المتابعون للشأن الاقتصادي العراقي على أن الاستثمارات لا تزال متعثرة بسبب سنوات من الصراع والإرهاب وعدم الأمان والفساد.