اهتمام سعودي بالاستثمار في القطاع الصحي بالمناطق الداخلية في تونس

فتحت تونس والمملكة العربية السعودية صفحة شراكة استثمارية جديدة، بعد مرحلة من الفتور كانت قد عرفتها العلاقات بين البلدين في السنوات الماضية، من خلال التركيز على النهوض بالقطاع الصحي خصوصا في الجهات الداخلية التونسية التي تشهد خدمات صحية أكثر ترديا.
تونس - تزايد منسوب الاهتمام السعودي بالاستثمار في تونس بعد إجراءات الرئيس قيس سعيد في 25 يوليو 2021، وشمل ذلك الاهتمام خصوصا القطاع الصحي خصوصا في الجهات الداخلية بتونس.
وعكست الزيارات الدبلوماسية المتواترة لعدد من كبار المسؤولين من المملكة العربية السعودية إلى تونس في الفترة الأخيرة تأكيدا على مراهنة الرياض على الموقع الإستراتيجي لتونس في إطار اعتبار تونس شريكا في تنفيذ السعودية “لرؤيتها التنموية لسنة 2030”.
وتم التوقيع على اتفاقيتين لانطلاق إنشاء مستشفيين جهويين (محليين) صنف ”ب” بكل من مدينة سبيبة من ولاية القصرين (غرب) والجم من ولاية المهدية (شرق)، الجمعة، بتمويل قرض من المملكة العربية السعودية عبر الصندوق السعودي للتنمية بقيمة 150 مليون ريال سعودي للمشروعين، وبطرح مبلغ الخدمات الاستشارية المقدر 7.5 مليون ريال سعودي لتصبح حصيلة القرض 142.5 مليون ريال سعودي أي ما يعادل 116 مليون دينار تونسي (36.14 مليون دولار)، لكل المشروعين.
وتأتي هذه الخطوة بعد إنهاء الدراسات بتاريخ 30 نوفمبر 2023 بين مكتبي دراسات تونسي وسعودي وإعلان طلبات العروض بتاريخ 12 فبراير 2024.
صاحب شركة المقاولات تعهد ببناء المستشفيين واستكمال أشغالهما في غضون المدة المحددة بـ20 شهرا
وتبلغ قيمة المبالغ المرسمة من ميزانية الدولة بـ12.6 مليون دينار للبناء (3.93 مليون دولار) و4 ملايين دينار (1.25 مليون دولار) لتجهيز المستشفيين من ربط بالشبكات وغيرها وتقدر سعة المستشفيين بـ105 أسرة لكل منهما ويمتد المستشفى صنف ”ب” بمدينة سبيبة بولاية القصرين على مساحة أرض قدرت بـ45896 متر مربع.
وتبلغ قيمة الصفقة دون تجهيزات طبية 65 مليون دينار (202.5 مليون دولار) ويضم 3 طوابق منها أقسام ومخططات وظيفية للعيادات الخارجية والإدارة والاستقبال والمستشفى النهاري والمخبر وأقسام الجراحة والأطفال والتوليد والنساء والخدمات العامة والتنويم الجراحي والطب العام والخاص بالمناظير ثلاثية الأبعاد.
ويمتد المستشفى الثاني صنف ”ب” بالجم من ولاية المهدية على مساحة 49186 متر مربع من طابقين وتبلغ قيمة الصفقة الخاصة بهذا المستشفى دون تجهيزات طبية61 مليون دينار مع مخطط وظيفي يضم أقساما منها العيادات الخارجية والمستشفى النهاري والطوارئ والأشعة والمخبر والتعقيم وقسم النساء والتوليد والخدمات العامة والجراحة والطب العام والإدارة.
وتعهد صاحب شركة المقاولات ببناء المستشفيين واستكمال أشغالهما في غضون المدة المحددة بـ20 شهرا على أن تنطلق الأشغال بداية من الأسبوع المقبل.
وقال سفير المملكة العربية السعودية عبدالعزيز الصقر، بمقر وزارة الصحة التونسية، إن “توقيع اتفاقيتي انطلاق أشغال مستشفيين بكل من سبيبة (ولاية القصرين) والجم (ولاية المهدية) يؤكد اهتمام قيادتي الدولتين في تونس والمملكة بصحة المواطن.”
وأكد عبدالعزيز الصقر بالقول “حرص الرئيسان قيس سعيد وخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، بتوجيهاتهما لهم كسفراء ولوزير الصحة بضرورة الانتهاء من هذه المشاريع وانطلاق أشغالها لتكون بداية لمشاريع أخرى في عدة ولايات تونسية،” مشددا على “قيمة الجهود التي بذلت من أجل بلوغ مرحلة توقيع الاتفاقيتين من كلا الدوليتين” معتبرا أن “الأهم هو الالتزام بمواعيد إنهاء المشروعين لينتفع المواطن التونسي بالرعاية الصحية اللازمة بهاتين المنطقتين.”
كما أكد الصقر على “أهمية الصندوق السعودي للتنمية كأحد أذرع الاستثمار والتنمية والنمو للممكلة العربية السعودية في الخارج والذي يدعم الدول الشقيقة والصديقة لها والمشاريع التي تهم الإنسان في كل جزء من العالم.
وأوضح أن “هناك مفاوضات وتعاونا مستمرا بين الصندوق ووزارة الصحية التونسية قد تشمل مسألة توفير التجهيزات اللازمة لهذين المستشفيين ولمشاريع أخرى في تونس.”
وتأتي الاتفاقيتان بعد نحو 3 أشهر على توقيع عدة اتفاقيات من بينها المتعلقة بانطلاق بناء المستشفى السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز بالقيروان نهاية سنة 2024.
وفي نوفمبر من العام الماضي، أفاد المدير الجهوي للصحة بالقيروان (وسط) معمر الحاجي أنه “أعطيت إشارة انطلاق التحضيرات الأولية استعدادا للانطلاق في أشغال بناء المستشفى الجامعي الملك سلمان بن عبدالعزيز بالقيروان.”
وأضاف في تصريح صحفي أن “هذه الاستعدادات تشمل تنظيف أرض المشروع ومسحها على مساحة 14.5 هكتار، وتسييج الموقع بصفة وقتية، وتركيز حضيرة المشروع عبر تركيز مكاتب الدراسات والمقاولات، لتنطلق إثر ذلك أشغال بناء المستشفى الجامعي على مدى 36 شهرا.”
وسيتضمن مشروع بناء المستشفى عديد الاختصاصات بطاقة استيعاب 500 سرير، ويأتي في إطار هبة من الصندوق السعودي للتنمية بقيمة 85 مليون دولار، حيث تم في يوليو 2017 توقيع مذكرة تفاهم بين تونس والسعودية متعلقة بتمويل هذا المشروع الذي بلغت كلفة المحينة 144 مليون دولار.
ومن شأن الشراكة السعودية أن تسهم في تحسين وضعية الاقتصاد التونسي الذي يشهد صعوبات، كما يمكن أن يفتح الاهتمام بتونس الأبواب أمام أسواق جديدة لمساعدتها، باعتبار أن المملكة دولة مؤثرة ولها شراكة مع الدول البترولية وفي مجال الطاقة وكبرى الشركات الاقتصادية في العالم.
وتأتي تونس في المرتبة 15 كشريك تجاري للسعودية في المنطقة العربية، بحجم مبادلات تجارية سنوية تصل في المتوسط إلى 310 ملايين دولار، وفق بيانات رسمية.
وفي 27 ديسمبر 2023، وقعت تونس والسعودية 7 مذكرات تعاون في مجالات اقتصادية مختلفة، بينها الصناعة والسياحة والمناخ، ضمن مساعي تعزيز علاقات التعاون المشترك.
كما وقّع الصندوق السعودي للتنمية اتفاقية قرض تنموي ميسّر بقيمة 55 مليون دولار مع وزارة الاقتصاد التونسية لتمويل مشروع تجديد شبكة سكك الحديد.
وفي يوليو من العام 2023 قدمت السعودية قرضا ميسرا ومنحة لتونس بقيمة 500 مليون دولار بهدف دعم ميزانيتها في مواجهة الصعوبات المالية والاقتصادية التي تشهدها البلاد. وتهدف الاتفاقية إلى تجديد شبكة سكك الحديد لدعم زيادة إمكانات نقل مادة الفوسفات، وللإسهام في النمو الاقتصادي التونسي، وتوفير فرص العمل المباشرة وغير المباشرة، بحسب البيان الصادر عن الصندوق.