اهتمام جزائري بنتائج الانتخابات المحلية في إسبانيا

التفاعل الإعلامي الجزائري مع الانتخابات الإسبانية يعكس رغبة السلطات الجزائرية في تغيير الاستحقاق الانتخابي لموازين القوة داخل إسبانيا، مقابل فتح صفحة جديدة.
الثلاثاء 2023/05/30
الحكومة الإسبانية أمام رهان مراجعة الحسابات

الجزائر - أولت وسائل إعلام جزائرية موالية للسلطة اهتماما لافتا بهزيمة حزب رئيس الوزراء الإسباني الحالي في الانتخابات المحلية ودعوته لانتخابات برلمانية مبكرة، واعتبرتها فرصة مواتية لسلطات بلادها من أجل الاستثمار في هذا التحول، وإعادة الموقف الإسباني إلى طبيعته المحايدة في قضية الصحراء، وهو الشرط الذي كانت الجزائر وضعته لإنهاء القطيعة مع مدريد.

وأرجعت تقارير إعلامية جزائرية سبب هزيمة تحالف اليسار في الانتخابات المحلية الإسبانية، واضطرار رئيس الحكومة بيدرو سانشيز، لتنظيم انتخابات برلمانية مبكرة، إلى تأثير القطيعة المعلنة من طرف الجزائر على إسبانيا منذ صيف العام الماضي، عقب إعلان مدريد عن تأييدها للمقاربة المغربية في حل نزاع الصحراء.

وتناقلت وسائل إعلام محلية هزيمة حزب رئيس الحكومة بنوع من التشفي، وذهبت إلى توقع نهاية حكم اليسار في إسبانيا كرد فعل طبيعي من الشارع الإسباني على قرارات الحكومة، خاصة فيما يتعلق بالتعامل مع ملف الصحراء، ومع الجزائر كشريك إستراتيجي في المنطقة.

وتابع موقع “أوراس” الإخباري أطوار الانتخابات الإسبانية عن كثب، وعنون أحد تقاريره، بـ”هل دفع سانشيز ثمن أخطائه مع الجزائر”، وأرجع سبب هزيمة حزب العمال الاشتراكي في إقليم فالنسيا إلى الأضرار التي لحقت به، نتيجة تراجع المبادلات التجارية والاقتصادية للمنطقة مع الجزائر بسبب القطيعة التي أعلنتها الأخيرة منذ قرابة عام.

تقارير تحدثت عن تراجع الصادرات الإسبانية إلى الجزائر بنحو 82 في المئة، ولم يبق بين البلدين إلا اتفاق التموين بالغاز

وكانت تقارير قد تحدثت في الآونة الأخيرة عن تراجع الصادرات الإسبانية إلى الجزائر بنحو 82 في المئة، ولم يبق بين البلدين إلا اتفاق التموين بالغاز الذي تحكمه ضوابط أخرى، وأن أكثر من 700 متعامل إسباني مع الأسواق الجزائرية رفعوا عرائض للحكومة من أجل إيجاد حلول لأزماتهم بسبب تراجع نشاطهم نتيجة الأزمة القائمة بين البلدين.

وكان رئيس الوزراء الإسباني الاشتراكي بيدرو سانشيز قد دعا الاثنين إلى تنظيم انتخابات نيابية مبكرة، ردا على تعرضه لانتكاسة واضحة في الاستحقاقات المحلية والجهوية التي أجريت الأحد وحققت فيها المعارضة مكاسب قوية.

وصرح سانشيز بأنه “تحدث إلى الملك فيليب السادس، وسيعقد جلسة خاصة لمجلس الوزراء في وقت لاحق (الاثنين) لحل البرلمان.. لقد اتخذت هذا القرار في ضوء نتائج الانتخابات المحلية التي أجريت الأحد”.

وأعلنت المعارضة اليمينية الإسبانية في وقت سابق أنها حققت مكاسب قوية محليا وإقليميا في الانتخابات المحلية والجهوية، وهو ما يشكل مؤشرا جديدا على تحولات المشهد السياسي في أوروبا الذي يعيش على وقع خفوت تيار اليسار مقابل صعود غير مسبوق لليمين في عدد من الدول الأوروبية، كما هو الشأن في إيطاليا.

وتوقع موقع “أوراس” الجزائري، في تقرير آخر، بأن “يفقد المغرب حليفا إستراتيجيا له في المنطقة “، ويعني بذلك رئيس الحكومة الإسبانية بيدرو سانشيز، في ظل تصاعد خطاب حزب الشعب اليميني حول ما يصفه بـ”أخطاء سانشيز، في التعامل مع ملف الصحراء المغربية، والعلاقات مع الجزائر”، والذي ترجمته نتائج الانتخابات المحلية، في انتظار تنظيم انتخابات برلمانية بعد أسابيع قليلة، ينتظر أن تفرز قوة سياسية ورئيس حكومة جديد.

وسائل إعلام جزائرية تناقلت هزيمة حزب رئيس الحكومة بنوع من التشفي

ويعكس التفاعل الإعلامي الجزائري مع الانتخابات الإسبانية رغبة السلطات الجزائرية في تغيير الاستحقاق الانتخابي لموازين القوة داخل إسبانيا، مقابل فتح صفحة جديدة، وهو ما كان قد ألمح إليه الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون، أكثر من مرة، لما صرح بأن “تجميد اتفاق الشراكة وحسن الجوار مع إسبانيا هو رد فعل طبيعي على تنصل حكومة مدريد من مسؤولياتها التاريخية والسياسية تجاه قضية الصحراء”.

وشدد في تصريحاته على أن بلاده “ملتزمة بالوفاء بمضمون اتفاق التموين بالغاز لإسبانيا، وأن مشكلتها لا تكمن لا مع الشعب الإسباني ولا مع الملك، وإنما مع الحكومة التي تنصلت من حيادها التاريخي في قضية النزاع الصحراوي”.

وتحدثت تقارير إسبانية عن حصول حزب الشعب اليميني المعارض على أكبر عدد من الأصوات بعد فرز 90 في المئة من صناديق الاقتراع، بينما خسر الاشتراكيون العديد من المناطق التي كانوا يسيطرون عليها، لاسيما فالنسيا.

وشملت الانتخابات كل البلديات الـ8131 في إسبانيا، أي 35.5 مليون ناخب، والحكومات المحلية في 12 من أصل 17 منطقة إسبانية ذات حكم ذاتي، بما يشمل نحو 18.3 مليون ناخب.

وعلق زعيم المعارضة ورئيس حزب الشعب ألبرتو نونيز فيجو على نتائج الانتخابات بالقول “إسبانيا دخلت حقبة سياسية جديدة، وبدأت دورة سياسية جديدة.. إنه انتصار لطريقة مغايرة في السياسة”.

وكانت الجزائر قد دخلت في أزمة مزدوجة مع المغرب وإسبانيا بسبب نزاع الصحراء، حيث أعلنت في البداية قطيعة مع المغرب، ووقف ضخ الغاز إلى إسبانيا عبر الخط المغاربي العابر للتراب المغربي في شهر أغسطس في العام 2021، ثم أعلنت عن تجميد اتفاق الشراكة وحسن الجوار مع مدريد في شهر يونيو الماضي.

4