انهيار الهدنة في ناغورني قره باغ يفتح الباب أمام صراع أوسع

ستيباناكرت (أذربيجان) – تعقد "مجموعة مينسك”، الوسيط التاريخي في النزاع بين أرمينيا وأذربيجان، الاثنين لقاء للنظر في قرار الهدنة ووقف إطلاق النار بين البلدين بمشاركة وزير خارجية أرمينيا.
وتجدّدت الاشتباكات بين القوات الأرمنية والأذربيجانية ليلة الأحد وصباح الإثنين فيما تبادل الطرفان الاتهامات بانتهاك اتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه روسيا في منطقة ناغورني قره باغ.
وقال رئيس أذربيجان إلهام علييف الاثنين إنه لا يعلم متى ستبدأ المحادثات مع أرمينيا بشأن النزاع على إقليم ناجورنو قرة باغ، لكنه أضاف أنه ينبغي مشاركة تركيا في عملية الحل.
وتبادلت قوات من الأرمن ومن أذربيجان الاتهامات اليوم الاثنين بشن هجمات جديدة في ناجورنو قرة باغ وحوله، بعد أيام قليلة من سريان وقف لإطلاق النار يهدف لوقف أعنف معارك تدور بسبب الإقليم منذ أكثر من 25 عاما.
واتهم علييف مجموعة مينسك، التي تشكلت للتوسط في الصراع بقيادة فرنسا وروسيا والولايات المتحدة، بالإنحياز قائلا إنه يتعين مشاركة أنقرة في عملية الحل، وواصفا حليفته تركيا التي تدعمه في النزاع على ناغورني قره باغ، بأنها "قوة عالمية بسبب دورها في سوريا وليبيا وصراعات دولية أخرى".
وأضاف “تركيا عضو أيضا في مجموعة مينسك، لماذا لا تكون من بين قادة المشاركين؟ حتى وإن كانت دول غربية كثيرة لا ترغب في تقبل ذلك، فكلمة تركيا كبيرة وهي مستقلة تماما”.
وسمعت أصداء المدافع في بلدة باردا الأذربيجانية غير البعيدة عن خط الجبهة، وفي مدينة ستيباناكيرت الرئيسية في قره باغ.
وبعد 11 ساعة من المحادثات بين وزيري خارجية أرمينيا وأذربيجان في موسكو، وافق الجانبان السبت على وقف لإطلاق النار لأسباب إنسانية، لكن الهدنة لم تصمد.
واتهمت وزارة الدفاع الأذربيجانية القوات الأرمينية بعدم الامتثال لاتفاق وقف إطلاق النار الذي تم التفاوض عليه في محادثات طويلة في موسكو الأسبوع الماضي بإشراف روسي.
وقالت الوزارة إن “القوات المسلحة الأرمينية التي لم تلتزم بالهدنة الإنسانية، حاولت مرارا مهاجمة مواقع الجيش الأذربيجاني”.
وأضافت أنها دمرت “عددا كبيرا من قوات العدو” ودبابة تي-72 وثلاث قاذفات صواريخ غراد.
وقالت المتحدثة باسم وزارة الدفاع الأرمينية شوشان ستيبانيان إن أذربيجان “تقصف بشكل مكثف الجبهة الجنوبية”.
وأعلنت أرمينيا أن “العدو تكبد خسائر فادحة في الرجال والمعدات العسكرية”، لكنها لم تقدم مزيداً من التفاصيل.
ولقي نحو 500 شخص بينهم أكثر من 60 مدنيا حتفهم في القتال الدائر منذ الشهر الماضي، وفقا لتعداد يستند إلى الخسائر التي يعلن عنها الجانبان.
وفي الوقت الذي تتقاتل فيه قوات أذربيجان وأرمينيا، يشعر كثير من الأرمن اللبنانيين الشباب وكبار السن بأنهم مدعوون للذهاب ودعم مواطنيهم في أرمينيا.
وترفرف الأعلام الأرمنية باللون الأحمر والأزرق والبرتقالي على الشرفات والنوافذ وأسطح المباني في برج حمود، وهو الحي الأرمني الرئيسي في بيروت. وتنتشر الكتابات المعادية لتركيا على الجدران باللغتين الإنجليزية والأرمنية في جميع أنحاء الشوارع.
وكان الأرمن اللبنانيون في السابق يرسلون الأموال والمساعدات بالإضافة إلى حملات عبر وسائل الإعلام لدعم الأرمن في الجيب، والذي يشيرون إليه باسم جمهورية أرتساخ. لكن الدعم الذي يمكنهم تقديمه محدود، إذ يمر لبنان بأزمة اقتصادية حادة، وفرضت البنوك قيودا صارمة على تدفّق الأموال.
وقال فاش 40 عاما، وهو أب لطفلين، إنه يستعدّ لمغادرة دياره في ضاحية برج حمود اللبنانية الأرمنية للسفر إلى أرمينيا ومحاربة القوات الأذربيجانية.
وأضاف أن نحو 170 لبنانيا أرمنيا غادروا للانضمام إلى القتال.
ويزيد عدد اللبنانيين الأرمن على 156 ألف شخص، أي نحو 4% من سكان لبنان، بحسب إحصائيات غير رسمية.
واندلع القتال في الشهر الماضي حول ناغورني قره باغ، وهي منطقة انفصالية في أذربيجان يسيطر عليها الأرمن منذ الحرب التي خاضها الطرفان في التسعينيات وإن لم تعترف أي دولة باستقلال الإقليم.
وأسفرت الحرب التي دارت في التسعينيات عن مقتل حوالي 30 ألف شخص وانتهت بوقف لإطلاق النار عام 1994 لم يقدم حلاً طويل الأمد للنزاع.
وتعبر المجموعة الدولية باستمرار عن قلقها من تجدد العنف وتدعو إلى وقف النار لكن بدون نتيجة حتى الان، في حين تؤكد كل جهة من طرفي النزاع أنها قتلت آلاف الجنود من الجانب الآخر وتتهم خصمها بشن هجمات متعمدة ضد مناطق مأهولة.
وأكدت اذربيجان التي تحظى بدعم تركيا، أنها لن توقف عملياتها بشكل نهائي الا في حال حصول انسحاب ارمني من ناغورني قره باغ.
وأرسلت تركيا المئات من مقاتلي المعارضة السورية لدعم حليفتها أذربيجان، وذلك وفقا تصريحات للمرصد السوري ونشطاء معارضين مقيمين في سوريا.
وتتخوف المجموعة الدولية من تدويل النزاع مع الدعم التركي لباكو فيما ترتبط موسكو بمعاهدة عسكرية مع يريفان.