انهيار العملة يضع اقتصاد إيران في مأزق أخطر

العملة المحلية انهارت قيمتها الأحد بشكل أكبر لتصل خسائرها منذ بداية العام الحالي إلى أكثر من 30 في المئة.
الاثنين 2023/02/27
في سقوط حر ينذر بالأسوأ

طهران - واصلت العملة الإيرانية انحدارها السريع في ظل تزايد ملامح اختناق الاقتصاد، وسط ترجيحات المحللين بمزيد من الركود في الأنشطة التجارية مع اتساع المخاوف والارتباك اللذين ظهرا على السلطات.

وأكد محللون وتجار ومواقع عالمية تراقب الأوضاع في إيران أن العملة المحلية انهارت قيمتها الأحد بشكل أكبر لتصل خسائرها منذ بداية العام الحالي إلى أكثر من 30 في المئة.

وتأتي هذه التقارير وسط تعثر المحادثات لإحياء اتفاق أبرم عام 2015 للحد من النشاطات النووية الإيرانية مقابل رفع عقوبات دولية مفروضة على طهران.

وبدأت المحادثات في أبريل 2021 في فيينا بين طهران والقوى الكبرى، لكنها توقفت منذ أغسطس الماضي في سياق توترات متزايدة.

والاتفاق يحتضر منذ انسحاب الولايات المتحدة منه عام 2018 في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب. وردا على الانسحاب الأميركي، تخلت إيران تدريجيا عن التزاماتها الواردة في الاتفاق.

وهبطت العملة إلى أدنى مستوى أمام الدولار بالسوق الموازية، إذ أفادت منصة بونباست لتتبع العملات بأن الدولار سجل 601.5 ألف ريال مقارنة مع 575 ألفا السبت الماضي و540 ألفا الجمعة.

601.5

ألف ريال سعر صرف الدولار ما يعني أن خسائر قيمة الريال الإيراني تخطت 30 في المئة

ويقول تجار عملة إن ذلك ناجم إلى حد ما عن الاضطرابات وعزلة طهران المتزايدة في مواجهة العقوبات الغربية بسبب سجلها في مجال حقوق الإنسان واستخدام روسيا لطائرات مسيرة إيرانية الصنع في أوكرانيا.

وألقت السلطات باللوم في تدني قيمة العملة على “مكيدة الأعداء” لزعزعة استقرار البلاد بعد أشهر من الاضطرابات التي أشعلتها وفاة مهسا أميني.

لكن خبراء يرون أن ذلك ناجم عن تشديد القيود الأميركية على طهران بعدما استنزفت قيمة عملة جارها العراق بسبب السحب غير المقنن أو تهريب الدولارات عبر الحدود.

وفقد الريال نصف قيمته تقريبا منذ بدء الاحتجاجات التي خرجت في جميع أنحاء البلاد وشكلت أجرأ تحدّ لحكم رجال الدين في إيران منذ الثورة الإسلامية عام 1979.

ويخشى المسؤولون من أن يشعل الشقاء الاقتصادي شرارة المزيد من الاحتجاجات بينما تواجه إيران ضغوطا خارجية متزايدة بما فيها علاقتها التجارية مع روسيا المعاقبة من الغرب بسبب حربها في أوكرانيا.

ويتجه الإيرانيون، الذين يواجهون احتمال تفاقم الضائقة الاقتصادية، إلى الدولار والعملات الصعبة الأخرى أو الذهب لحفظ مدخراتهم وسط تضخم تجاوز 53 في المئة وارتفاع في الأسعار.

الريال الإيراني فقد نصف قيمته تقريبا منذ بدء الاحتجاجات التي خرجت في جميع أنحاء البلاد

ولتهدئة السوق وتخفيف الطلب على الدولارات، رفع البنك المركزي السبت الماضي حظرا على مكاتب الصرافة الخاصة التي تبيع العملات الصعبة.

وفتح المركزي الأسبوع قبل الماضي مركزا للصرافة للسماح للإيرانيين العاديين بشراء العملات الأجنبية، ولكن بعض محللي السوق قالوا إن هذه الخطوة لم تثبط الإقبال على الدولار بعد.

والشهر الماضي قدم الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي للبرلمان ميزانية حكومية موسعة بشكل كبير، متعهدا بخفض التضخم وتعزيز النمو لدعم الاقتصاد المتضرر من العقوبات الأميركية.

وأوردت وسائل الإعلام الحكومية قيمة مشروع الموازنة بنحو 21.6 تريليون ريال (أكثر بقليل من 53 مليار دولار بسعر السوق الحر) للعام الإيراني المقبل الذي يبدأ في الحادي والعشرين من مارس المقبل.

ولن تتمكن صادرات النفط الإيراني، على الأرجح، من درء الرياح المعاكسة عن نفسها خلال هذا العام، في ظل عدم اليقين المتنامي الذي يكتنف سوق الطاقة العالمية، ناهيك عن العقوبات الغربية المفروضة على طهران.

ومن المتوقع أن تتجاوز عوائد تجارة النفط الخام للبلد العضو في منظمة أوبك نحو 27 مليار دولار خلال 2023، وفق ما خلصت إليه نتائج تقرير برلماني مؤخرا.

ويقول محللون إنه في ضوء سيناريو واقعي، تستطيع طهران الاعتماد على سعر نفط أقل من 80 دولارا للبرميل لنيل مبتغاها، في ظل تضاؤل فرص حصول زيادة كبيرة في أسعار النفط العالمية.

وفيما لم تعلن الحكومة حتى الآن عن نتائج نمو الاقتصاد في 2022، قدّر البنك الدولي مؤخرا نمو الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 2.9 في المئة. وتوقع أن ينمو بنسبة 2.2 في المئة هذا العام.

11