انهيار الحوار الوطني في الكويت بانسحاب نواب المعارضة

غياب أجندة واضحة للحوار ينتهي به من حيث بدأ.
الثلاثاء 2022/01/18
الشيخ صباح الخالد يفقد منصة مهمة لضبط العلاقة مع المعارضة

انسحاب نائبين من المعارضة من جلسات الحوار الوطني يعتبر مؤشرا سيئا بالنسبة إلى رئيس الوزراء الكويتي الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح الذي كان يراهن على هذه المنصة لضبط العلاقة مع المعارضة النيابية لتمرير تشريعات مصيرية.

الكويت - يشكل انسحاب النائبين المعارضين حسن جوهر ومهلهل المضف نهاية عملية للحوار الوطني الذي دعا إليه أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في سبتمبر الماضي بهدف تهدئة التوترات التي سادت بين الحكومة ومجلس الأمة خلال الأشهر الماضية وأدت إلى تعطيل الحياة التشريعية.

وكشفت وسائل إعلام محلية أن النائبين اعتذرا عن حضور جلسات الحوار الوطني دون تقديم إيضاحات حول دوافع هذا الخيار، لكن أوساطا نيابية معارضة اعتبرت أن القرار جاء نتيجة لغياب أجندة واضحة للحوار، فضلا عن تحوله إلى أداة لخدمة أهداف سياسية لرئيس الوزراء الشيخ صباح الخالد الحمد الصباح ورئيس مجلس الأمة مرزوق الغانم.

وتزامن اعتذار النائبين مع استئناف اللجنة المخصصة للنظر في العفو الأميري لأعمالها الاثنين والتي تضم كلا من رئيسي الوزراء ومجلس الأمة، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء ورئيس محكمة التمييز المستشار أحمد العجيل.

وتوضح الأوساط أن الجميع كان يأمل في أن يؤدي هذا الحوار إلى فتح نقاش جدي بشأن وضع خارطة طريق للإصلاح، لكن هذا الحوار تم حصره في دراسة قوائم العفو عن نشطاء ومعارضين سياسيين ومغردين، مشيرة إلى أنه ورغم أهمية قضية العفو إلا أن هناك ملفات شائكة تحتاج هي أيضا إلى إيلائها الاهتمام الكافي على غرار الملف الاقتصادي، وهو ما لم يحصل خلال الجلسات السابقة.

وينتمي النائبان مهلهل المضف وحسن جوهر إلى الكتلة الوطنية المحسوبة على المعارضة في مجلس الأمة، والتي كانت تضم ستة نواب بينهم النائب حمد روح الدين الذي جرى تعيينه وزيرا للإعلام والثقافة في الحكومة الجديدة.

عبيد الوسمي: مستمر بالحوار الوطني بصرف النظر عن مشاركة أو اعتذار فرد

وشارك المضف وجوهر إضافة إلى النائبين عبيد الوسمي وعبدالله الطريجي في جلسات الحوار الوطني السابقة التي تصدرها رؤساء مجلس الوزراء ومجلس الأمة والمجلس الأعلى للقضاء ومحكمة التمييز.

وأفرزت الجلسات السابقة الإفراج عن دفعة أولى من المعارضين في إطار مرسوم العفو الذي أصدره أمير الكويت ومن بينهم نواب سبق وأن صدرت بحقهم أحكام بالسجن في قضية اقتحام مجلس الأمة في العام 2011 على غرار مسلم البراك وفيصل المسلم وجمعان الحربش.

وتعليقا على انسحاب زميليه أعلن النائب عبيد الوسمي أنه مستمر في عمله وغير معني باعتذار أو انسحاب أي من ممثلي هذا الحوار. وقال الوسمي في تغريدة على حسابه في تويتر “الحوار الوطني دعوة مقدرة من سمو الأمير، الاعتذار عنها أو الانسحاب منها أمر يعود إلى أصحابه، وأنا غير معني بالأمر”.

وأضاف الوسمي في تغريدته أن “جدول الحوار المتفق عليه لا يزال في بدايته، ومستمر بصرف النظر عن مشاركة أو اعتذار فرد، وسأنفذ طلب الأمير حتى يقرر إعفائي منه”.

وأثار موقف الوسمي غضب بعض نواب المعارضة السابقين والحاليين، وحتى أولئك الذين كانوا أبرز المستفيدين من مخرجات الحوار حتى الآن ومن بينهم فيصل المسلم الذي توجه للوسمي بالقول “كافي.. آخر أبواب استرجاع مصداقيتك هو استقالتك من المجلس واعتزالك وليس استقالتك من الحوار.. استمع لصوت الشعب الكويتي الذي خذلته”.

ويرى مراقبون أن انسحاب النائبين المعارضين مؤشر سلبي بالنسبة إلى رئيس الوزراء الذي كان يرنو من خلال هذه المنصة إلى ضبط العلاقة مع نواب المعارضة لتمرير دورة نيابية هادئة بدون منغصات سياسية في ظل ما تقتضيه المرحلة من وجوب إقرار تشريعات مصيرية.

ويشير المراقبون إلى أن ما يثير قلق رئيس الوزراء هو أن يكون الانسحاب نتاجا لضغوط مجموعة من النواب العائدين إلى الكويت حديثا والذين يسعون لتشكيل جبهة معارضة تستهدفه في شخصه، لافتين إلى موقف فيصل مسلم من رفض الوسمي للانسحاب.

وأشاد عدد من المعارضين بقرار المضف وجوهر معتبرين أن هذا الحوار حاد عن الأهداف التي تأسس من أجلها، وقال عضو مجلس الأمة السابق عادل الدمخي في تغريدة على حسابه في تويتر “خطورة أفكار المنتكسين والمنقلبين على مبادئ الإصلاح تتمثل في تزوير الإصلاحات الحقيقية.. وكمثال على ذلك الحوار الوطني الذي تحول إلى حوار سري لأفراد مع السلطة، بعد أن كان مصطلحا يراد به جمع التيارات والبرلمانيين والمفكرين والناشطين السياسيين والاتفاق على أجندة إصلاحية”.

انسحاب النائبين المعارضين حسن جوهر ومهلهل المضف يشكل نهاية عملية للحوار الوطني الذي دعا إليه أمير الكويت الشيخ نواف الأحمد الجابر الصباح في سبتمبر الماضي

وقال ناشط كويتي “ملف العفو لم يكن أولوية شعبية، فالقضية الأهم هي التعليم والصحة والإسكان وآخرها ملف العفو، ونرفض أن يعطينا أحد محاضرات عن المشهد السياسي الذي نعلم مصيره، للأسف حوّلتم الحوار الوطني إلى حوار شخصي”.

ويعتبر المراقبون أن انسحاب النائبين المعارضين يرسم صورة قاتمة للعلاقة بين الحكومة ونواب المعارضة خلال المرحلة المقبلة، لاسيما أن الأولى تعتزم عرض تشريعات مهمة من بينها قانون الدين العام لوقف حالة الاستنزاف التي تعانيها خزينة الدولة.

وثبّتت وكالة ستاندرد آند بورز مؤخرا التصنيف الائتماني السيادي للكويت عند المرتبة (أ +) مع الإبقاء على نظرة مستقبلية سلبية، متوقعة، رغم ارتفاع أسعار النفط وزيادة الإنتاج، أن يصل متوسط عجز الموازنة العامة إلى نحو اثني عشر في المئة من الناتج المحلي الإجمالي حتى عام 2025، ليكون ضمن أعلى المعدلات بين جميع الدول المصنّفة من الوكالة.

وحذرت الوكالة في تقرير لها من أن سيولة صندوق الاحتياطي العام أوشكت أن تنفد، مراهنة على أن يفضي تحسن العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية إلى انفراجة ويزيد من احتمال موافقة مجلس الأمة على قانون الدين العام وخطة ضبط أوضاع المالية العامة.

3