انكماش نشاط القطاع الخاص المصري إلى أدنى مستوى في عامين

القاهرة - كشف مسح الأربعاء أن نشاط القطاع الخاص غير النفطي في مصر انخفض في يونيو الماضي إلى أدنى مستوياته في عامين مع تأثر الطلب بارتفاع التضخم وضعف العملة وقلة المواد.
ونزل مؤشر ستاندرد آند بورز غلوبال لمديري المشتريات إلى 45.2 نقطة من 47 في مايو الماضي مبتعدا عن مستوى الخمسين نقطة الفاصل بين النمو والانكماش. وبذلك يكون يونيو الشهر التاسع عشر على التوالي الذي يسجل فيه المؤشر تراجعا.
وقال ديفيد أوين الخبير الاقتصادي في مؤسسة أس أند بي غلوبال ماركت إنتلجنس التي تقيس أداء القطاع الخاص في أسواق الشرق الأوسط إن “الشركات المصرية عانت من تراجع في الطلب في مواجهة زيادة حادة في الأسعار وانخفاض قيمة الجنيه ونقص المواد”.

ديفيد أوين: الصناعات التحويلية وقطاع التجارة تضررا بشدة
وأضاف أن “هذه القراءة هي الأقل منذ يونيو 2020 أثناء الموجة الأولى للجائحة، إذ تضررت قطاعات الصناعات التحويلية والجملة والتجزئة بشدة”.
وانخفضت الطلبيات الجديدة بسبب القفزة في أسعار البيع، في حين ارتفع تضخم تكلفة الإنتاج إلى أعلى مستوى خلال أربع سنوات، الأمر الذي عكس تراجعاً في مستويات الشراء بوتيرة ملحوظة وسط قيود العرض.
وتظهر بيانات جهاز التعبئة والإحصاء المصري أن التضخم الأساسي زاد إلى 13.5 في المئة في يونيو من 13.1 في المئة في مايو.
وزاد المؤشر الفرعي لأسعار الإنتاج إلى 72 في المئة الشهر الماضي قياسا بنحو 62.1 في المئة مقارنة بالشهر السابق، في حين ارتفع مؤشر تكاليف الشراء إلى 70.9 في المئة من 62.3 في المئة.
وأوضح أوين أن أوضاع الإمدادات ظلت ضعيفة أيضا وأضافت إلى الضغوط التضخمية مع تلويح الشركات بزيادة صعوبة توفير المواد الخام.
وواصل الإنتاج والطلبيات الجديدة في يونيو الانكماش المستمر منذ نحو عام، إذ انخفض مؤشر الإنتاج إلى 41.3 نقطة في يونيو من 45 نقطة في مايو في حين تراجع مؤشر الطلبيات الجديدة إلى 41.9 نقطة من 44.6 نقطة.
وارتفع المؤشر الفرعي لتوقعات الإنتاج مستقبلا إلى 63.7 وهو أعلى مستوى في خمسة أشهر مقارنة مع 55.2 في مايو عندما اقترب من أدنى قراءة له منذ إدراج هذه الفئة في المسح قبل عشرة أعوام.
ونسبت وكالة بلومبرغ إلى آية زهير محللة الاقتصاد المصري في زيلا كابيتال قولها إن “القطاع الخاص في مصر ينزف ويعاني وسط كل التحديات الاقتصادية الحالية”.
وأوضحت أن “المعاناة تأتي من تداعيات كورونا والتضخم وسلاسل الإمداد وارتفاع أسعار النفط والغذاء”.
ويشكو البعض من رجال الأعمال من عدم قدرتهم على منافسة الشركات الحكومية بالبلاد في ظل تمتعها بالعديد من المزايا والحوافز.
ومنذ أن تولى الرئيس عبدالفتاح السيسي السلطة في 2014، أطلق مشاريع قومية ضخمة للبنية التحتية على رأسها العاصمة الإدارية الجديدة، لكنه قام بدعوة القطاع الخاص للدخول في كافة المشاريع التي تعمل فيها الدولة خلال هذه الآونة.

آية زهير: القطاع الخاص يعاني وسط التحديات الاقتصادية الحالية
وتضرّر الاقتصاد المصري بعد أن دفعت الحرب في شرق أوروبا المستثمرين الأجانب إلى الفرار من الأسواق الناشئة.
واتخذت القارة حزمة من الإجراءات لمواجهة تداعيات الأزمة المترافقة مع ارتفاع التضخم العالمي وقفزة أسعار السلع واضطرابات سلاسل الإمداد، ويأتي في مقدّمها تحريك سعر الصرف، ورفع الفائدة، وإجراءات تنظيم التصدير.
ويرى أوين أن التراجع في الطلب نَجَمَ عن ارتفاع التضخم وتشديد السياسة النقدية، إذ أدّى قرار البنك المركزي المصري في مايو بخفض قيمة الجنيه مقابل الدولار إلى زيادة تكلفة استيراد السلع.
وبحسب مسح ستاندرد آند بورز أفادت 45 في المئة من الشركات التي شملها الاستطلاع بارتفاع التكاليف لديها.
عقب ذلك، رفعت الشركات الأسعار في يونيو بأسرع وتيرة منذ فبراير 2017، بعكس الزيادات المتواضعة في الشهور الخمسة الأولى من العام.
ويقول أوين إن هذا الارتفاع الحاد يشير إلى أن “الشركات بصدد نقل الجزء الأكبر من تكاليفها إلى العملاء، وسط تضاؤل الآمال بأن تسهم الخصومات على الأسعار في تحفيز انتعاش الطلب”.