انقلاب مفاجئ في السياسة الأميركية يجعل زيلينسكي في موقف صعب

الرئيس الأميركي يصف نظيره الأوكراني بأنه "ديكتاتور من دون انتخابات" والأخير يعتبر أن تراب وقع في فقاعة التضليل الروسي.
الأربعاء 2025/02/19
الرئيس الأوكراني يرفض الانتقادات التي وجهها إليه نظيره الأميركي

ميامي/كييف – يضع الانقلاب المفاجئ في السياسة الأميركية تجاه أوكرانيا ورئيسها فولوديمير زيلينسكي، في موقف صعب قد تنقلب معه الأمور لصالح روسيا مع انفتاح واشنطن وموسكو على محادثات لتهدئة التوترات التي أحدثتها سياسة الإدارة الديمقراطية الأميركية السابقة.

وصف دونالد ترامب الأربعاء زيلينسكي بأنه "ديكتاتور من دون انتخابات"، بعدما رفض الرئيس الأوكراني الانتقادات التي وجهها إليه الرئيس الأميركي الثلاثاء.

وقدّمت الولايات المتحدة تمويلا وأسلحة لأوكرانيا، لكن ترامب بدأ محادثات مع موسكو، في تحول مفاجئ في السياسة الأميركية منذ وصول الرئيس الجمهوري إلى البيت الأبيض.

وبينما قال ترامب عبر منصته تروث سوشال "ديكتاتور من دون انتخابات. على زيلينسكي أن يتنحى سريعا وإلا لن يبقى له بلد"، اعتبر الأخير أن الرئيس الأميركي "وقع في فقاعة التضليل الروسي".

ولا يتطلّب القانون الأوكراني إجراء انتخابات أثناء الحرب، لكن ترامب وجه في مؤتمر صحفي عقده الثلاثاء انتقادات حادة لزيلينسكي وكرر العديد من روايات قدمها الكرملين حول الصراع ودعا إلى إنهاء الحرب.

واعتبر الرئيس الأوكراني في رده على انتقادات ترامب أن الأخير "يعيش في مساحة من التضليل" بما في ذلك القاءه اللوم على كييف في "بدء" الحرب وتكرار تساؤلات الكرملين حول شرعية زيلينسكي.

وقال الرئيس الأميركي على تروث سوشال متحدثا عن زيلينسكي "هو يرفض إجراء انتخابات وحصل على نسبة تأييد منخفضة للغاية في استطلاعات الرأي الأوكرانية والأمر الوحيد الذي كان يجيده هو التلاعب بجو بايدن"، مضيفا "في غضون ذلك، نحن نتفاوض بنجاح على إنهاء الحرب مع روسيا، وهو أمر يعترف الجميع بأن لا أحد يستطيع فعله سوى ترامب وإدارة ترامب".

وانتُخب زيلينسكي عام 2019 لولاية مدتها خمس سنوات، لكنه بقي رئيسا لأوكرانيا في ظل الأحكام العرفية التي فُرضت عقب الغزو الروسي. وتراجعت شعبيته، لكن نسبة الأوكرانيين الذين يثقون به لم تنخفض عن 50 في المئة منذ بدء الحرب، وفق ما أظهرت بيانات لمعهد كييف الدولي لعلم الاجتماع.

وفي تصريحات أدلى بها قبل محادثاته مع المبعوث الأميركي إلى أوكرانيا كيث كيلوج بعد يوم من تصريح ترامب بأن أوكرانيا "ما كان يجب عليها أبدا أن تبدأ" الحرب، عبر زيلينسكي عن رغبته في أن يطلع فريق ترامب على "الحقيقة بشكل أكبر" في ما يخص أوكرانيا.

وذكر أن تأكيد نظيره الأميركي بأن نسبة التأييد الشعبي له تبلغ أربعة بالمئة فقط هو نتيجة معلومات مضللة من روسيا وأن أي محاولة لاستبداله ستفشل. وقال للتلفزيون الأوكراني "لدينا أدلة على أن هذه البيانات قيد المناقشة بين أميركا وروسيا. وهذا يعني أن الرئيس ترامب... يعيش للأسف في هذه المساحة من التضليل".

وقبل مرور شهر على توليه الرئاسة، قلب ترامب السياسة الأميركية تجاه أوكرانيا وروسيا رأسا على عقب وأنهى مساعي الولايات المتحدة لعزل موسكو بسبب غزوها لأوكرانيا بمكالمة هاتفية مع بوتين ومحادثات بين كبار المسؤولين من البلدين.

وقال إنه قد يلتقي ببوتين هذا الشهر. وذكر الكرملين أن التحضير لمثل هذا الاجتماع قد يستغرق وقتا أطول من ذلك، لكن صندوق الثروة السيادي الروسي قال إنه يتوقع عودة عدد من الشركات الأميركية إلى روسيا في بداية الربع الثاني.

وقال بوتين إنه يثمّن المحادثات بين الولايات المتحدة وروسيا في السعودية لإنهاء الحرب في أوكرانيا. ونقلت وكالات أنباء روسية عنه قوله إن "هناك نتائج"، بدون الخوض في تفاصيل أخرى.

واستُبعدت أوكرانيا وأوروبا من المحادثات الأميركية الروسية بشأن إنهاء الحرب. ويقول ترامب إن أوروبا يجب أن تتدخل لضمان أي وقف لإطلاق النار.

واقترح زيلينسكي منح شركات أميركية حق استخراج معادن ثمينة في أوكرانيا مقابل ضمانات أمنية، لكنه أشار إلى أن ترامب لم يعرض ذلك، مضيفا في مؤتمر صحفي أن الولايات المتحدة قدمت لبلاده أسلحة بقيمة 67 مليار دولار ودعمت الموازنة بحوالي 31.5 مليار دولار، وإن مطالبتها بمعادن قيمتها 500 مليار دولار لا تعتبر "محادثة جادة"، وإنه لا يستطيع بيع بلاده.

ومن المتوقع أن يلتقي زيلينسكي بالمبعوث الأميركي إلى أوكرانيا كيث كيلوج، الذي قال لدى وصوله إلى كييف إنه يتوقع محادثات حقيقية مع اقتراب الحرب من عامها الثالث.

وتابع "نتفهم الحاجة إلى ضمانات أمنية"، مشيرا إلى أن مهمته هي "الجلوس والإنصات" وأمور أخرى.

وأشاد وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف بتصريحات ترامب التي قال فيها إن الدعم الأميركي السابق لمساعي أوكرانيا للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي كانت من الأسباب الرئيسية للحرب.

أوروبا تستعد لفرض عقوبات جديدة على روسيا

ويضع التغيير الذي أدخله ترامب في السياسة الأميركية الولايات المتحدة في خلاف مع حلفائها في الاتحاد الأوروبي المؤلف من 27 عضوا والذي اتفق مبعوثوه اليوم الأربعاء على الحزمة السادسة عشرة من العقوبات على روسيا، بما في ذلك على قطاع الألمنيوم والسفن التي يعتقد أنها تحمل النفط الروسي الخاضع للعقوبات.

وقالت فرنسا إنها لا تفهم المنطق وراء تصريحات ترامب الذي حمل أوكرانيا مسؤولية الغزو الروسي.

ومن المقرر أن يعقد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اجتماعا غير رسمي بشأن أوكرانيا مع بعض الزعماء الأوروبيين وكندا، العضو في حلف شمال الأطلسي، في الساعة 15:00 بتوقيت غرينتش، عقب اجتماع مماثل مع بريطانيا وإيطاليا وألمانيا وإسبانيا والدنمرك وهولندا والاتحاد الأوروبي يوم الاثنين.

وقال رئيس الوزراء السويدي أولف كريسترشون إنه على الرغم من عدم وجود اتفاق كامل بين الدول الأعضاء بالاتحاد حول كيفية المضي قدما، فما تمكنت هذه الدول من إنجازه كان كبيرا، مضيفا "نحن بحاجة إلى الحفاظ على هدوئنا ومواصلة دعم أوكرانيا".

وسيطرت روسيا على نحو خمس أوكرانيا وتشن بانتظام هجمات على بلدات ومدن تقع خارج خط الجبهة الذي يبلغ طوله 1000 كيلومتر عبر شرق البلاد وجنوبها، بهدف السيطرة على المزيد من الأراضي.

وقال زيلينسكي إن روسيا أطلقت سربا من الطائرات المسيرة على مدينة أوديسا الجنوبية اليوم الأربعاء، مما أدى إلى إصابة أربعة أشخاص، من بينهم طفل، وإصابة منشآت بنية تحتية للطاقة. وأضاف أن ما لا يقل عن 160 ألفا انقطعت عنهم التدفئة في درجات حرارة تحت الصفر.

وتقول روسيا إن هجماتها على نظام الطاقة في أوكرانيا تهدف إلى تقويض القدرات العسكرية للبلاد وإنها لا تستهدف المدنيين عمدا، على الرغم من مقتل الآلاف خلال هذا الصراع.