انقطاع الكهرباء ورقة حاسمة في انتخابات الرئاسة المصرية

الاثنين 2014/04/07
محاولات يائسة لجماعة الإخوان لتوظيف أزمة الكهرباء لإرباك الانتخابات الرئاسية

القاهرة (العرب) – حذر خبراء مصريون من تفاقم أزمة انقطاع التيار الكهربائي في مصر وإمكانية استغلالها خاصة من قبل جماعة الإخوان المسلمين لتأليب الشارع ضد المرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي، لكنهم استبعدوا أن تحسم تلك الأزمة نتائج الانتخابات الرئاسية.

تعيش مصر هذه الأيام على وقع أزمة نقص طاقة طاحنة تسببت في تكرار انقطاع التيار الكهربائي، وهي تولد غضبا مرشحا للتصاعد في الشارع المصري مع حلول فصل الصيف الذي يشهد كثافة في استهلاك الطاقة.

وارتفعت حدة المخاوف بعد تصريحات لوزير الكهرباء محمد شاكر حذر فيها من أن مدة انقطاع التيار الكهربائي قد تصل إلى 6 ساعات يوميا خلال الصيف إذا استمر العجز في المواد البترولية.

وكان تكرار انقطاع التيار الكهربائي ونقص الوقود وعجز حكومة الإخوان المسلمين عن حلها، قد ساهمت في التعجيل بالإطاحة بحكم الرئيس محمد مرسي، وهو ما يقلق أنصار ومؤيدي عبدالفتاح السيسي وزير الدفاع السابق، ويهدد فرصه في الفوز بالانتخابات الرئاسية القادمة.

وقال خبير الطاقة ابراهيم زهران لـ”العرب”، إن أزمة الطاقة بدأت منذ عام 2007 بسبب تصدير الغاز، الذي كانت تعتمد عليه وزارة الكهرباء بنسبة 98 بالمئة في توليد الطاقة. وأضاف أن تلك النسبة تقلصت الآن إلى 38 بالمئة فقط.

وأشار إلى أن عجز الكهرباء كان في عام 2007 يبلغ نحو 500 ساعة سنويا، وكانت الحكومة تقطع فيها الكهرباء بالتوالي على مناطق مختلفة.

4 مليارات دولار تحتاج مصر لاستثمارها في بناء ميناء لاستيراد الغاز الطبيعي المسال لتخفيف أزمة الكهرباء المزمنة

وتوقع زهران أن يكون الصيف القادم أسوأ من العام الماضي مؤكداً أن الأزمة المزمنة تتفاقم كل يوم ولا أحد يفكرفي الحل. واستنكر تصريحات الحكومة عن أن حل الأزمة بسيط ويكمن في مجرد استيراد الغاز.

وأشار إلى أن هذا الكلام خداع للشعب، لأن مصر لا تملك ميناء لاستيراد الغاز المسال، الذي يحتاج بناؤه وقتا طويلا إضافة إلى نحو 4 مليارات دولار.

وأكد زهران أن حل الأزمة يبدأ باستخدام مزيج الطاقة لأن الغاز الطبيعي يتناقص والدولة تصدر ثلثه بأسعار زهيدة وتعطي الحصة الأكبر منه لمصانع الأسمنت والأسمدة بأسعار زهيدة.

وطالب بوقف تصدير الغاز وتوفيره للكهرباء كخطوة أولى، وإعادة ترتيب أولوياتنا والعمل على سرعة عودة الوحدات المعطلة في محطات الكهرباء.

وحذر من أن تكرار انقطاع التيار الكهربائي سيؤثر بالسلب على الأوضاع السياسية في البلاد وسيخلق حالة تذمر لدى الناس، لافتا إلى أن نقص السولار والبنزين وانقطاع الكهرباء الصيف الماضي كان المسمار الأخير في نعش نظام الإخوان.

رشاد عبده: مشروع مارشال خليجي لإخراج مصر من أزماتها إذا فاز السيسي

وأشار زهران إلى أن إقرار حكومة محلب مؤخرا استخدام الفحم كمصدر لتوليد الطاقة هو جزء من الحل، ولكنه تساءل متى يصل الفحم إلى مصر، خاصة وأن مهمة إنشاء أرصفة استقبال الفحم بالموانىء، ستنتهي في أغسطس المقبل أي بعد انتهاء الصيف.

مارشال عربي

ويرى الخبير الاقتصادي رشاد عبده أن الطاقة محور هام من محاور التنمية، وبلد بلا طاقة هو بلد بلا تصنيع وبلا استثمارات، مشيرا إلى أن نقص الطاقة ينعكس على الانتاج وخلق فرص العمل الجديدة، ومن ثم يؤثر على الاقتصاد بشكل سلبي للغاية.

وقال لـ”العرب” إنه لولا المساعدات الخليجية منذ يونيو 2013، لوقعت مصر في أزمة كبرى لأننا تلقينا مساعدات كبيرة بهيئة مشتقات بترولية. وتوقع أن تؤثر أزمة الطاقة الحالية في اتجاهات التصويت للانتخابات الرئاسية المقبلة، ولكن ليس بشكل كبير.

ورجح عبده أن يحاول أقوى منافسي السيسي، وهو المرشح الرئاسي حمدين صباحي، استغلال الأزمة وتقديم وعود للناخبين بحل مشكلة الطاقة.

وأشار إلى أن السيسي كان عضواً في الحكومة التي عجزت عن حل الأزمة، وبالتالي يتحمل جزءاً اللوم، موضحا أن صفحات الإخوان على مواقع التواصل الاجتماعي، تسخر من الحكومة المؤقتة والسيسي في قضية عودة أزمة انقطاع التيار الكهربائي.

98 بالمئة نسبة اعتماد مصر على الغاز في توليد الكهرباء في عام 2007 لكنها تراجعت إلى نحو 38 بالمئة فقط حاليا

وطالب خبير الاقتصاد الرئيس القادم باختيار فريق عمل متخصص في مجال الطاقة، ممن حققوا نجاحات في هذا المجال للتغلب على الأزمة. ورجح أن تقف الدول الخليجية مع السيسي في حال فوزه لمواجهة التركة الاقتصادية الصعبة.

وقال إن الخليجيين أدركوا أهمية وصول رئيس قوي لمصر بعد عام من حكم الإخوان ومحاولتهم إحياء خلاياهم النائمة في الخليج، وتوقع عبده أن بناء مشروع شبيه بمشروع “مارشال” لمساعدة مصر.

مقارنة خاطئة

ويستبعد أستاذ علم الاجتماع السياسي بالجامعة الأمريكية في القاهرة سعيد صادق، أن يؤثر انقطاع التيار الكهربائي على اتجاهات التصويت، مشيرا إلى أن مقارنة هذا الوضع بأيام الرئيس محمد مرسي مقارنة خاطئة، لأن مرسي كان رئيسا للجمهورية في حين أن السيسي وصباحي لم يكونا في رأس هرم السلطة.

وأضاف لـ”العرب” أن مرسي رفع سقف التوقعات عند الناس ووعد بحل خمس مشاكل كبرى في 100 يوم ومنها الطاقة وفشل في حل أي منها.

وأكد صادق أن أزمة الكهرباء قديمة، وحكومات ما بعد ثورة يناير 2011 عجزت عن صيانة محطات الكهرباء أو إنشاء محطات جديدة لمواجهة زيادة الاستهلاك التاتجة عن زيادة السكان.

طارق أبو السعد: المصريون لم يعزلوا الإخوان بسبب أزمة الطاقة بل بسبب مخططاتهم

ويوافق حسن سلامة أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة هذا الرأي، ويشير إلى أن المصريين أصبحوا واعين بأن الرئيس القادم سيواجه أزمات عدة سواء كان السيسي أو غيره، وأن حاكم مصر المقبل لا يمتلك عصا سحرية لحل الأزمات فورا، وأنه بحاجة لتأييد شعبي كي يواجه أزمة الطاقة وغيرها.

وقال سلامة لـ”العرب” إن الرئيس المقبل يجب أن يتعلم من سابقيه وأن تكون لديه حلول سريعة وآنية حتى يشعر الناس أن هناك تحسنا على الأرض، وعلى الشعب الإدراك أن مسألة الطاقة ستستغرق وقتا.

خطة الإخوان

وتواصل جماعة الإخوان استغلال الأزمة للهجوم على السيسي وتأليب الرأي العام ضد الحكومة، بل وذهب بعضهم إلى الدعوة لتفجير أبراج الكهرباء.

وقال طارق أبو السعد القيادي الإخواني المنشق، لـ”العرب” إن الإخوان لم يفهموا أن الناس لم تثوروا عليهم في 30 يونيو بسبب انقطاع الكهرباء أو نقص السولار والبنزين إنما لتعاليهم على الشعب ومحاولتهم خلق ديكتاتورية جديدة وإحلال الجماعة بديلا عن الدولة.

وأكد أبو السعد أنه على الرغم من ضيق الناس من انقطاع الكهرباء، إلا أنهم لا يحملون السيسي مسئولية ذلك، باستثناء جماعة الإخوان، وهم ينطلقون من أنه إذا كان الشغب قد حمل هذه المسئولية للرئيس المعزول مرسي من قبل، فلابد أن يتحملها السيسي، ومع هذا فإن ذلك لم يؤثر على الإطلاق على شعبيته أو فرص وصوله إلى كرسي الرئاسة.

11