انقسام بين البنوك يعيق مسار تداول ائتمانات الكربون

الصناعة المالية أمام ضغط كبير للمساعدة في الانتقال إلى صفر انبعاثات.
الاثنين 2023/03/27
الانسجام مع البيئة لم يكتمل

يراقب خبراء مجال الطاقة العثرة التي تعترض مسار المستثمرين في تداول أرصدة الكربون، بعدما ظهرت خلافات بين البنوك بشأن احتساب ائتمان مسح الانبعاثات الضارة، والتي باتت أحد الاتجاهات الرئيسية في عمليات التجارة لمقاومة الاحتباس الحراري.

لندن - يواجه الاستثمار في تداول ائتمان الكربون عثرة جديدة في سياق مساعي حكومات العالم للتشجيع على تجارتها بالنظر إلى حجم التحديات أمام التوصل إلى صيغة توافقية لتسويق المخلفات الصناعية والنفطية بما يحقق العوائد المالية المستهدفة.

وذكرت مصادر لوكالة رويترز أن البنوك منقسمة بشأن كيفية حساب انبعاثات الكربون المرتبطة بأعمال أسواق رأس المال، فيما أثار البعض استياء من اقتراح أن نسبة 100 في المئة ستنسب إليهم وليس إلى المستثمرين الذين يشترون أدوات مالية.

وكان من المقرر الإعلان عن منهجية على مستوى الصناعة في أواخر العام الماضي، لكن أربعة مصادر لديها معرفة مباشرة بالعملية قالت إن هذا توقف بسبب الخلاف حول مقدار انبعاثات الكربون المرتبطة بصفقة ما يجب أن يتم حجزها من قبل كل بنك.

دان ساكاردي: البنوك سيظل لها تأثير على أسواق رأس المال المستدامة
دان ساكاردي: البنوك سيظل لها تأثير على أسواق رأس المال المستدامة

ويُنظر إلى التوصل إلى اتفاق على أنه خطوة حاسمة بالنسبة إلى الصناعة المالية، حيث يزداد الضغط عليها لبذل المزيد للمساعدة في الانتقال إلى صافي الصفر بعدما حثت دراسة أممية الأسبوع الماضي على التخلص التدريجي السريع من الوقود الأحفوري.

وبدون منهجية مطبقة، يواجه المستثمرون عقبات في تتبع البصمة الكربونية للبنوك الفردية، والتي تعد جزءًا مهمًا بشكل متزايد من تحويلات المساهمين.

ورغم وجود آلات تتيح مسح البصمة الكربونية إلا أن ثمنها مرتفع جدا. ولذلك، يتدخل القطاع الخاص في هذه المسألة كما فعل في البحوث المناهضة للقاحات وتطوير الطائرات الأولى.

وأوجد نمو الهاجس البيئي والاتفاقات الدولية الملزمة للحد من التلوث في السنوات الأخيرة تجارة البصمة الكربونية، والتي يمكن أن تغير خارطة المشاريع الصديقة للبيئة.

وبدأ حجم هذه التجارة يتسع في معظم أنحاء العالم، خاصة الدول الصناعية، وهي تعني أن الأفراد والشركات يدفعون ثمنا لإزالة تأثير انبعاثات الغازات المضرة الناتجة عن أنشطتهم.

ومع ما تحمله تجارة الكربون من غموض باعتبارها قطاعا حديثا، إذ لم تتجاوز عقدين من الزمن، أو لاعتراض العديد من الدول على الخطوة، لكن في المقابل تحمل معها الطموح والإرادة كوسيلة لخفض التلوث ومصدرا لتحقيق عوائد مالية أكبر.

ولذلك لا يزال يتعين على معظم البنوك أن تعكس الانبعاثات المرتبطة بالصفقات التي تجريها، والتي تُعرف باسم “الانبعاثات الميسرة” في أهدافها، مما يجعل من الصعب تتبع تقدمها نحو التعهدات للوصول إلى صافي الانبعاثات الصفرية بحلول عام 2050.

وفي الوقت الحالي، تشير تعهدات العديد من البنوك بخفض الانبعاثات فقط إلى انبعاثاتها الممولة.

لكن بين عامي 2016 و2021، كان 57 في المئة من التمويل الذي قدمه أكبر 25 بنكا في أوروبا لأكبر 50 شركة توسع إنتاج النفط والغاز من خلال الاكتتاب في أسواق رأس المال، وفقا لمنظمة شير إكشن غير الحكومية الاستثمارية.

وقال دان ساكاردي من منظمة سيريس غير الربحية إن “الانبعاثات الميسرة هي الطريقة التي تمول بها بعض القطاعات الأكثر انبعاثا في عملياتها، وبينما ليس للبنوك تأثير كبير مثل تأثيرها على الإقراض، لا يزال لها تأثير على أسواق رأس المال المستدامة”.

ويعد مورغان ستانلي وباركليز وسيتي غروب وستاندرد تشارترد وأتش.أس.بي.سي وناتويست البريطانية من بين أعضاء مجموعة عمل تناقش الخطوات التالية كجزء من الشراكة التي تقودها الصناعة من أجل تمويل محاسبة الكربون (بي.سي.أي.أف).

ويبدو بنك ناشيونال ويستمنستر (نات ويست) البريطاني المدعوم من جماعة نشطاء المناخ، متفائلا بنسبة 100 في المئة من الانبعاثات الميسرة، التي تُنسب إلى البنوك وتقف وراء صفقات أسواق رأس المال.

تونيا بلاخوتنيوك: نسبة تحمل البنوك لمخاطر الاستثمار جعلتنا نرى عدم توافق
تونيا بلاخوتنيوك: نسبة تحمل البنوك لمخاطر الاستثمار جعلتنا نرى عدم توافق

ويعتقد البنك أن الاقتراح البديل بنسبة 17 في المئة المستمد من منهجية لجنة بازل للرقابة المصرفية لتقييم البنوك العالمية ذات الأهمية النظامية يمثل مشكلة.

وقالت تونيا بلاخوتنيوك نائبة رئيس شركة نات ويست ماركت لأسواق رأس المال الخاصة بالمناخ والحوكمة البيئية والاجتماعية والمؤسسية إن نسبة 17 في المئة “جعلتنا في عدم التوافق” لأن المستثمرين لن يأخذوا في الحسبان الباقي بأنفسهم.

وأضافت إنه “تقييم شخصي للغاية لقياس دور الضامن”، مشيرة إلى أن هناك حاجة إلى “مزيد من التواصل أو البحث أو التحليل” للتوصل إلى اتفاق.

ويجادل أولئك الذين يفضلون حصة أقل أنه على عكس قروض الشركات، فإن بيع السندات أو الأسهم هو معاملة واحدة والبنوك لديها نفوذ أقل لجعل العملاء يغيرون سلوكهم.

وقال مسؤول تنفيذي في بنك كبير يشارك في المحادثات لرويترز “من الواضح أن نسبة 100 في المئة مرتفعة للغاية، وسيتعين علينا الاجتماع في مكان ما في الوسط لكن لا أعرف أين.”

وأكد إيفان برونر المتحدث باسم مبادرة تسهيل أسواق المال منهجية الانبعاثات (بي.سي.أي.أف)، أن المجموعة واصلت “العمل نحو طريقة نهائية”، ولكن لم يكن لديها أي تحديثات بشأن التقدم.

وبدأت البعض من البنوك في استخدام منهجيتها الخاصة، ويشمل ذلك بنك باركليز الذي يقسم 33 في المئة من تمويل أسواق رأس المال للبنك والباقي للمستثمرين.

وإلى أن تتفق البنوك على حل وسط، يقول الخبراء إن المقرضين يمكن أن يتطلعوا إلى حجز المزيد من الأعمال كأسواق رأس المال بدلاً من القروض.

وقال سايمون كونيل من شركة بارينغا الاستشارية إن “البنوك تحتاج إلى معايير المحاسبة للتأكد من أننا نقيس الانبعاثات عبر منتجات البنك، وأنه لا توجد موازنة محاسبية”.

وأوضح الرئيس السابق لإستراتيجية الاستدامة في بنك ستاندرد تشارترد أن “منهجية لجنة بازل لتقييم البنوك ذات الأهمية النظامية العالمية تعتبر الإقراض المباشر أكثر أهمية بست مرات في تأثيره على النظام المالي من اكتتاب أسواق رأس المال”.

ومع ذلك تستخدم مبادرة بي.سي.أي.أف هذا الوضع في صيغتها للوصول إلى خيار 17 في المئة من الاستثمار في الكربون.

غراف

 

10