انقسام السلطة التنفيذية حجر عثرة أمام إجراء الانتخابات في ليبيا

طرابلس - حذر مجلس الأمن الدولي في تقريره الأخير من الانقسام المستمر في السلطة التنفيذية في ليبيا، حاثا الفرقاء على ضرورة تذليل العقبات المتبقية لإجراء الانتخابات العامة.
وأثار الموقف الجديد لمجلس الأمن تساؤلات عما إذا كان هناك توجه دولي جدي للبحث في خيار توحيد السلطة التنفيذية، لاسيما مع تزايد حالة الرفض الداخلي لحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها التي يقودها عبدالحميد الدبيبة، وعجز الحكومة التي يرأسها فتحي باشاغا ويدعمها مجلس النواب، عن فرض سلطتها لعدم امتلاكها الآليات لتحقيق ذلك.
وسبق وأن تسربت أنباء عن مشاورات دولية تجري خلف الكواليس لتشكيل حكومة جديدة في ليبيا، تتولى عملية الإشراف على الانتخابات التي يؤمّل إجراؤها العام الجاري، لكن المبعوث الأممي لدى ليبيا عبدالله باتيلي نفى أن يكون تشكيل هذه الحكومة ضمن خططه.
ويرى مراقبون أن توحيد السلطة التنفيذية في ليبيا مسألة لا تقل أهمية عن التوافق بشأن القاعدة الدستورية، التي من المفترض أن تجري على أساسها الانتخابات التشريعية والرئاسية.
◙ توحيد السلطة التنفيذية مسألة لا تقل أهمية عن التوافق بشأن القاعدة الدستورية التي يفترض أن تجري على أساسها الانتخابات
ويلفت المراقبون إلى أن مجلس النواب كما المجلس الأعلى للدولة يرفضان بالمطلق عملية إشراف حكومة الدبيبة على الانتخابات، في المقابل فإن هناك خلافات بين الجسمين التشريعيين حول حكومة باشاغا. ولا تسيطر حكومة الدبيبة سوى على المنطقة الغربية، فيما جنوب ليبيا وشرقها يخضعان لسلطة الجيش الليبي الذي يقوده المشير خليفة حفتر.
ورغم بروز مؤشرات على إمكانية حدوث تقارب بين حفتر والدبيبة وهو ما ترجمته عملية تبادل أسرى جرت بينهما مؤخرا وقبلها توافقهما حول رئاسة المؤسسة الوطنية للنفط، لكن المسار بات مهددا في ضوء التحركات المصرية الأخيرة التي تستهدف عزل الدبيبة.
ويعتقد المراقبون أن فرص إشراف حكومة الوحدة على الانتخابات تبدو ضئيلة، وبالتالي فإن الخطوة الأرجح هي إيجاد صيغة جديدة تتمثل في توحيد الحكومتين المتنافستين أو تشكيل أخرى جديدة.
وقال رئيس المجلس الأعلى للدولة في ليبيا خالد المشري مؤخرا إن في حال تعذر إجراء الانتخابات بسبب وجود حكومتين، سيتم توحيد السلطة التنفيذية تحت "سلطة جديدة" هدفها إجراء الانتخابات. وهاجم المشري الدبيبة قائلا إن الأخير "سيقاتل لمنع أي خطوة تؤدي بالليبيين إلى الانتخابات"، داعيا رئيس حكومة الوحدة إلى "مناظرة علنية".
وكان رئيس البرلمان الليبي عقيلة صالح أعلن الخميس الماضي أنه اتفق مع المشري في لقاء بالقاهرة على القيام "بكل ما يلزم للوصول إلى انتخابات في أقرب الآجال".
وتسعى القوى السياسية في ليبيا للتوصل إلى قاعدة دستورية لإجراء الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، التي تعذر عقدها في ديسمبر عام 2021. ولا يزال الخلاف قائما بين مجلسي النواب والدولة بشأن مشاركة العسكريين ومزدوجي الجنسية، لكنهما طرحا إمكانية اللجوء إلى الاستفتاء الشعبي لحل هذه المعضلة.
ويقول متابعون إن إنجاز الاستحقاق الانتخابي في ليبيا يحتاج إلى تفكيك معضلة مشاركة العسكريين ومزدوجي الجنسية، وتوحيد السلطة التنفيذية والحصول على ضمانات من المشاركين باحترام النتائج الانتخابية، وخلاف ذلك فإنه من غير المنتظر حصول انتخابات العام الجاري أو الذي يليه.
◙ إنجاز الاستحقاق الانتخابي يحتاج إلى تفكيك معضلة مشاركة العسكريين ومزدوجي الجنسية، وتوحيد السلطة التنفيذية
وحث مجلس الأمن الدولي في توصياته الصادرة عن تقريره للأشهر الستة الأخيرة، الأطراف الفاعلة في ليبيا على المحافظة على الهدوء، وبذل المزيد من الجهود من أجل استكمال الأساس الدستوري بالتوافق لإجراء انتخابات حرة ونزيهة، والتغلب على العقبات المتبقية أمام إجرائها.
وأكد المجلس أهمية أن يكون حل الأزمة في ليبيا بقيادة الليبيين وحدهم، منوها في الوقت ذاته بمواصلة الأمم المتحدة دعمها لتسيير الحوار وضمان طريق السلام.
وشدد بيان المجلس على ضرورة مواصلة إنشاء آلية ليبية لرصد وقف إطلاق النار، قادرة على تنسيق ورصد وتقييم التقدم المحرز في انسحاب القوات الأجنبية والمرتزقة والمقاتلين الأجانب. ولفت مجلس الأمن إلى أن البعثة الأممية ستتولى دعم عمل فريق المراقبة من خلال إنشاء مقر له في مدينة سرت إذا سمحت الظروف، بحسب البيان.
كما دعا مجلس الأمن في تقريره إلى تكثيف الجهود لضمان استخدام عائدات النفط بطريقة شفافة وعادلة بالتزامن مع عودة إنتاج النفط وعدم استبعاد المجتمع من التوزيع، حاثا المؤسسات الرقابية على تعزيز الشفافية والمساءلة بشأن مراجعة الحسابات المالية.
وتواجه حكومة الدبيبة اتهامات من قبل خصومها بالفساد المالي، وسط دعوات متصاعدة تطالب بضرورة استقلالية المؤسسة الوطنية للنفط والحفاظ على الموارد الطبيعية للبلاد من خلال آلية واضحة لإدارتها.