انقسام أوروبي حيال خطة التعافي الاقتصادي ما بعد كورونا

تأثيرات إجراءات الغلق الشامل لمجابهة كورونا تفقد الاقتصاد الأوروبي توازنه.
الخميس 2020/04/23
مصير قاتم

بروكسل - من المقرر أن يعقد قادة دول الاتحاد الأوروبي محادثات قمة عبر تقنية الفيديو في محاولة للتوصل إلى اتفاق بشأن خطة مالية مشتركة للتعامل مع الركود الاقتصادي الناجم عن جائحة كورونا المستجد (كوفيد19-) الذي يلوح في الأفق، في ظل آمال ضعيفة في التوصل إلى اتفاق.

ويبدو القادة الأوروبيون اليوم منقسمين أكثر من أي وقت مضى فيما يبحثون عن الحلول الهادفة للخروج من عنق الزجاجة، ما سيرغمهم على إرجاء أي قرار هام بهذا الصدد.

وتعجز الدول الـ27 في الوقت الحاضر عن التفاهم حول سبل إعادة تحريك العجلة الاقتصادية، وفي مؤشر إلى مدى خلافاتهم، من غير المقرر أن يصدروا كالعادة بيانا مشتركا في ختام القمة.

وكتب رئيس المجلس الأوروبي شارل ميشال المكلف الإشراف على اجتماعات القمة، في الدعوة التي وجهها لرؤساء الدول والحكومات "أقترح الاتفاق على العمل على إنشاء صندوق إنعاش في أسرع وقت ممكن".

ومن المتوقع أن توكل هذه المهمة إلى المفوضية الأوروبية التي سيطلب منها العمل سريعا على هذه المسألة، ما سيشكل برأي مصدر أوروبي "النتيجة الرئيسية للمجلس".

إلا أن فيروس كورونا المستجد ضرب مباشرة الاقتصاد. ومن المتوقع بحسب أرقام صندوق النقد الدولي أن يسجل الاتحاد الأوروبي الذي يخضع معظم سكانه للحجر الصحي، تراجعاً بنسبة 7,1% في إجمالي ناتجه الداخلي هذا العام.

وقد تكون الأزمة التي تهدد دول منطقة اليورو الـ19 الأسوأ منذ اعتماد العملة الموحدة عام 1999. وعلى وقع أزمة الوباء، عادت الانقسامات القديمة بين الشمال والجنوب التي ظهرت في أعقاب الأزمة المالية عام 2009.

فمن جهة، تطالب دول الجنوب المتضررة بشدة من الوباء مثل إيطاليا وإسبانيا بمزيد من التضامن المالي من جيرانها في الشمال.

فيما تتمنع دول الشمال الأقل تأثرا بالوباء وفي طليعتها ألمانيا وهولندا، عن دفع فاتورة دول تأخذ عليها عدم إظهار انضباط مالي خلال سنوات النمو.

ركود اقتصادي
ركود اقتصادي

ولخص مسؤول أوروبي كبير الأمر بالقول إن "بلدان الجنوب لديها انطباع بأن بعض الدول، وهي أقوى اقتصاديا في الوقت الحاضر، ستستغل هذه الأزمة لتعزز قوتها أكثر، أما دول الشمال فتعتقد أن جيرانها في الجنوب يريدون اغتنام الوباء لينقلوا إليها أعباء الديون التي اقترضوها في الماضي".

ويتوقع قصر الإليزيه "المزيد من المناقشات في ختام المجلس" مستبعدا التوصل إلى اتفاق قبل الصيف.

وقال مصدر فرنسي "يتطلب الأمر اجتماعاً مباشراً وجهاً لوجه بين رؤساء الدول والحكومات، ولسنا في الوقت الحالي قادرين على عقده". ويتفق الأطراف الأوروبيون على أن قيمة خطة الإنعاش ستصل إلى مئات مليارات اليورو، لكنهم ما زالوا بعيدين عن الاتفاق على مبلغ نهائي.

وفي ما يتعلق بمسألة تمويل صندوق الإنعاش، وهي مسألة شائكة بين الدول الأوروبية، عرضت عدة خيارات من غير أن يحظى أي منها بالإجماع حتى الآن.

وتدعو روما ومدريد وباريس إلى تمويل على شكل ديون مشتركة بأشكال عدة، يشار إليه غالباً باسم "كورونا بوندز" أو "سندات كورونا". وأهمية التشارك في الديون بالنسبة لدول جنوب أوروبا هي أن ذلك يسمح لها بالاستفادة من معدلات الفائدة المتدنية في دول الشمال.

من جانبها، أعربت المستشارة الألمانية انجيلا ميركل مجددا عن رفضها الواضح لفكرة الاستدانة الأوروبية المشتركة أو ما يُطْلَق عليها "سندات كورونا" لمواجهة التداعيات الاقتصادية الناجمة عن أزمة كورونا.

ويطرح أيضاً تساؤل بشأن الرابط بين صندوق الإنعاش وميزانية الاتحاد الأوروبي على المدى الطويل، التي يفترض مبدئيا إقرارها بحلول نهاية العام لفترة 2021-2027.

ويطمئن طرح الميزانية دول الشمال لأن من شأن ذلك توفير إطار قانوني لخطة الإنقاذ، لكنه قد يثير في المقابل تساؤلات أخرى لا تقل تعقيدا، مثل مدى الأفضلية الواجب منحها للإنفاق الاستثماري في مرحلة ما بعد الأزمة، على النفقات التقليدية مثل صندوق السياسة الزراعية المشتركة. وفشلت المفاوضات الأخيرة حول الميزانية المشتركة في فبراير الماضي قبل قيام الأزمة الصحية والاقتصادية.

منطقة اليورو تحت براثن كورونا
منطقة اليورو تأن تحت وطأة تداعيات كورونا