انقسامات واحتجاجات بسبب ضم قتلى الجيش الليبي إلى قائمة "الشهداء"

طرابلس - أثار قرار رئيس المجلس الرئاسي محمد المنفي، الذي يقضي بضم قتلى قوات الجيش الليبي إلى قائمة "الشهداء"، موجة احتجاجات في العاصمة طرابلس، وأحدث انقسامات داخل جهاز المجلس الرئاسي.
وينص القرار الذي أصدره المنفي بصفته القائد الأعلى للجيش الليبي، بضم قتلى وجرحى قوات الجيش الليبي إلى الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء والمفقودين والمبتورين بحكومة الوحدة الوطنية، وصرف المزايا المادية والمعنوية المقررة لهم.
لكن هذا القرار قوبل برفض واسع من داخل طرابلس، حيث عارض مجلس حكماء وأعيان طرابلس الكبرى، مساواة المجلس الرئاسي بين "الضحية والجلاّد ووضعهم في كفة واحدة" وذلك عقب وقفة احتجاجية أمام مقر المجلس الرئاسي في العاصمة طرابلس، الأحد.
وذكر المجلس في بيان الأحد أن على المجلس الرئاسي أن ينشئ لقوات حفتر هيئة خاصة بهم، إذا أراد التقرب إلى حفتر وعقيلة الذي وصفوه بالـ"مدلس".
وأبدى مجلس الحكماء استغرابه من مساواة المجلس الرئاسي بين الضحية والجلاد ووضعهم في كفة واحدة، وتعاطيه مع متمرد خارج على الشرعية ولا يخضع لأحكام القوانين الليبية، بحسب البيان.
واستنكر المجلس سكوت القائد الأعلى للجيش الليبي على تحركات أرتال حفتر ومناوراته الاستفزازية على حدود المنطقة الغربية.
وأضاف البيان "إذا كانت قوات حفتر لا تأتمر بأوامر القائد الأعلى فما الداعي لهذا الإجراء والمطالبة بضم قتلاه للهيئة".
ونوه بيان المجلس إلى أن الهيئة تتبع رئاسة الوزراء ولا يحق للرئاسي مخاطبتها إلا عبر رئاسة الوزراء، مؤكدا أن المنطقة الشرقية لا تتبع حكومة الوحدة الوطنية وإنما لديهم حكومة موازية تمارس أعمالها بحكم القوة وتمرد حفتر على السلطة الشرعية، وفق وصف البيان.
وفي السياق ذاته، اقتحم متظاهرون من عناصر تيار الافتاء، الأحد، مقر المجلس الرئاسي في العاصمة طرابلس، احتجاجا على قرار ضم شهداء وجرحى القوات المسلحة بالمنطقتين الشرقية والجنوبية إلى الهيئة العامة لرعاية أسر الشهداء والمفقودين، مطالبين بإلغاء القرار، وهي احتجاجات من المتوقع أن تمتد إلى مدن أخرى خلال الساعات القادمة.
وأظهرت مقاطع فيديو متداولة على مواقع التواصل الاجتماعي الليبية عشرات المتظاهرين موجودين داخل مقر المجلس الرئاسي في طرابلس، مرددين هتافات رافضة للقرار.
ووصلت تداعيات قرار المنفي إلى المجلس الرئاسي وتسبّب في انقسام بين أعضائه، حيث طالب النائب بالمجلس عبدالله اللافي، في خطاب وجهه إلى المنفي، سحب القرار حتى تتم مناقشته وبحث الإجراءات الواجب مراعاتها والتقيد بها.
وأوضح اللافي أن الكتاب لم يعرض قبل صدوره على المجلس للموافقة عليه من عدمها وفقا للسياق المعمول به، معتبرًا أن ذلك يستدعي سحبه لمناقشة الإجراءات الواجب مراعاتها.
وشدد على ضرورة التقيد بمخرجات الحوار السياسي الصادرة في نوفمبر 2021 فيما يتعلق باختصاصات المجلس الرئاسي بصفته القائد الأعلى للجيش، حتى لا يجرى الطعن على تلك الإجراءات بالبطلان لصدورها بالمخالفة.
لكنَّ مصدرًا بالمجلس الرئاسي أفاد موقع "بوابة الوسط" أن قرار ضم "شهداء وجرحى القوات المسلحة بالمنطقتين الشرقة والجنوبية" إلى هيئة رعاية أسر الشهداء اتخذه المجلس مجتمعا بصفته القائد الأعلى للجيش.
وتعاني ليبيا للعام 13 على التوالي من تفكك مؤسساتها السياسية والأمنية والعسكرية بعد الإطاحة بنظام العقيد معمر القذافي في 2011.
وتتقاسم حكومتان السلطة، الأولى تسيطر على غرب البلاد ومقرها طرابلس ويرأسها عبدالحميد دبيبة وشُكّلت إثر حوار سياسي مطلع 2021 بدون الحصول على ثقة مجلس النواب، وأخرى تسيطر على شرق البلاد من بنغازي ويرأسها أسامة حمّاد وهي مكلفة من مجلس النواب ومدعومة من المشير خليفة حفتر.
ومنذ توقف صوت البارود والمدفعية بعد العملية العسكرية التي شنها حفتر من أبريل 2019 إلى يونيو 2020 التي فشلت في تحقيقها هدفها المتمثل بالسيطرة على طرابلس، تعثرت العملية السياسية بعد انهيار الانتخابات التي كانت مقررة في ديسمبر 2021 وسط خلافات حول أهلية المرشحين الرئيسيين خصوصا من مزدوجي الجنسية والعسكريين.