انقسامات في صفوف أحزاب الموالاة على وقع استمرار الاحتجاجات في السودان

حالة الأحزاب المشاركة في حكومة الوفاق السودانية لا تقلّ سوءا عن وضع الرئيس عمر البشير وحزبه المؤتمر الوطني الحاكم، وتواجه هذه الأحزاب انقسامات بين شق يطالب بالقفز من سفينة النظام وطرف يراهن على نجاح الأجهزة الأمنية في احتواء الحراك.
الخرطوم – تتواصل الاحتجاجات في السودان، وسط حالة من الارتباك الكبيرة التي يعيشها النظام وامتدت حتى للأحزاب والقوى المشاركة معه في السلطة، على غرار حزب المؤتمر الشعبي والاتحادي الأصل.
وواجهت الشرطة السودانية بالغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية الجموع التي احتشدت عقب صلاة الجمعة خارج مسجد في أم درمان في استجابة لدعوات جماعات معارضة إلى مواصلة الاحتجاجات المناهضة للنظام.
واجتمعت عدّة أحزاب من قوى المعارضة في وقت متأخر من ليل الخميس، حيث اتّفقت على الدعوة إلى مزيد من التظاهرات خلال الأيام المقبلة، بحسب ما ذكر بيان للحزب الشيوعي السوداني.
وقوبلت هذه الدعوات المتجددة إلى قوى المعارضة، بردّ فعل متوقع من قبل السلطات، حيث ألقت أجهزة الأمن القبض على تسعة من قيادات الأخيرة.
وتشهد الخرطوم وغيرها من المدن السودانية احتجاجات منذ 19 ديسمبر عقب قرار الحكومة رفع أسعار الخبز، واتخذ هذا الحراك مع نهاية الأسبوع الماضي طابعا سياسيا حيث رفع المحتجّون شعارات تطالب بتغيير النظام.
وأفاد شهود عيان أنّ المئات من المصلّين خرجوا في تظاهرة انطلقت أمس من مسجد في أم درمان، الواقعة قبالة الخرطوم على الضفة الغربية لنهر النيل، حيث ردّت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع والقنابل الصوتية لتفريق الحشود.
وبحسب شهود عيان آخرين فقد خرجت تظاهرات أخرى في بعض المناطق الواقعة في شمال الخرطوم عقب صلاة الجمعة. وخرجت تظاهرة كذلك في عطبرة (شرق) التي اندلعت فيها الحركة الاحتجاجية هذا الشهر.
وأقرت السلطات السودانية الخميس بمقتل 19 شخصا، فيما أكدت منظمة العفو الدولية أن عدد القتلى بلغ 37 شخصا.
وقال رئيس الوزراء السوداني، معتز موسى، الجمعة، إن “القانون سيأخذ مجراه” في أحداث الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
جاء ذلك في تدوينة على صفحته بموقع “فيسبوك”، في أول تعليق لرئيس الوزراء حول الاحتجاجات التي تشهدها البلاد، والمنددة بالغلاء والمطالبة برحيل النظام.
وقال موسى، إن الدستور “يكفل للجميع حق التظاهر السلمي، والتعبير لكل فرد دون التخريب للممتلكات والمنشآت العامة والخاصة”. وأضاف “نحن ندين عمليات التخريب والتدمير، والقانون سيأخذ مجراه”.
ويواجه اقتصاد البلاد صعوبات وخصوصاً بسبب النقص في العملات الأجنبية وارتفاع نسبة التضخّم، رغم رفع الولايات المتحدة في أكتوبر 2017 الحصار الاقتصادي الذي كان مفروضاً على السودان.
وبلغت نسبة التضخم 70 بالمئة بينما انخفضت قيمة الجنيه السوداني، في وقت شهدت فيه عدّة مدن نقصاً في إمدادات الخبز والوقود.
ويرى مراقبون أن استمرار الاحتجاجات مؤشر سيء بالنسبة للرئيس عمر البشير وكذلك القوى الحليفة معه بأنّ الحراك قد يكون وصل إلى نقطة اللاعودة.
وبدأت تبرز انقسامات داخل المؤتمر الشعبي وحزب الاتحادي الأصل، بين شق يدعو إلى ضرورة القفز من سفينة السلطة قبل وقوع المحظور وشق يراهن على نجاح الأجهزة الأمنية في استيعاب موجة الاحتجاجات غير المسبوقة.
وسبق وأن واجه نظام الرئيس عمر حسن البشير تحرّكات احتجاجية خلال السنوات الماضية آخرها في يناير بيد أنه كان للأجهزة الأمنية اليد الطولى في قمعها سريعا.
ويرى مراقبون أن الحراك هذه المرة الذي انطلق بشكل عفوي من مدينة عطبرة في ولاية نهر النيل وبورتسودان شرقا قبل أن يتمدد إلى معظم أنحاء البلاد، مختلف حيث أن من يقوده هم المواطنون العاديون الذين أُرهقوا من الأزمة الاقتصادية ووطأة السياسات التقشفية، وأن دخول المعارضة على الخط وبقوة كان مستجدا، بعد استشعارها بإمكانية تحقيق طموحها هذه المرة في إسقاط النظام.
وأعلن محامو حزب الاتحادي الديمقراطي الأصل هذا الأسبوع انحيازهم للمحتجين، مطالبين الحزب بضرورة فك ارتباطه مع النظام.
وكان أعضاء في حزب المؤتمر الشعبي قد طالبوا في عريضة بإقالة الأمين العام للحزب علي الحاج محمد، على خلفية موقفه الضبابي من الاحتجاجات، داعين إلى الانسحاب من الحكومة.
ولا يستبعد مراقبون أن يعلن الحزبان انسحابهما من الحكومة، في حال استمر الحراك، الأمر الذي سيجعل البشير معزولا، ما يهدّد أكثر فأكثر سلطته.