انفلات أمني في الصومال يشي بتأجيل الانتخابات الرئاسية

مقديشو – يشي إعلان جهاز الاستخبارات الصومالية عن وجود محاولات إرهابية من قبل حركة الشباب لاستهداف رئيس البلاد محمد عبدالله فرماجو ورئيس الوزراء محمد حسين روبلي بتأجيل الانتخابات الرئاسية في الصومال التي تأجل مسارها مرارا، ما أثار حفيظة المجتمع الدولي الذي لوح بتشديد العقوبات على مقديشو المنهكة اقتصاديا.
وقال جهاز الاستخبارات في بيان “تم إبلاغ قادة البلاد بمعلومات أمنية حول محاولة حركة الشباب لاستهداف رئيس البلاد فرماجو ورئيس الوزراء روبلي”.
وأضاف أن “محمد ماهر أحد القيادات العليا لحركة الشباب هو من يدير تنفيذ العملية”، مشيرا إلى أن “المخابرات تتعقب كل من له علاقة بها”.
واعتبر مراقبون للشأن الصومالي إعلان الاستخبارات بالخطير ويعكس الحالة الأمنية التي تشهدها البلاد.
ونفذت حركة الشباب عدة تفجيرات في الأسابيع الماضية، كان آخرها التفجير الانتحاري الذي قتل النائبة في البرلمان السابق ومرشحة الانتخابات البرلمانية الجارية آمنة محمد عبدي إلى جانب نحو 50 آخرين بينهم جنود ومدنيون.
عبدالرحمن الأمين: الاستهداف يشكل تهديدا مباشرا للعملية الانتخابية
ويزيد تفاقم التفجيرات الانتحارية في الصومال المشهد الأمني تعقيدا إذ أنها قادرة على النيل من أهداف حساسة، فيما يقول محللون إن هدفها هو عرقلة الاستحقاقات الانتخابية.
وكانت التفجيرات الانتحارية الأخيرة التي شهدتها مقديشو تركز على استهداف قيادات الدولة ومندوبي الانتخابات من أجل إثارة القلاقل الأمنية في العاصمة، وتخويف المندوبين من المشاركة في الانتخابات البرلمانية المستمرة.
وفي مؤتمر تشاوري عقد بمقديشو ما بين الثالث والتاسع من يناير اتفق رئيس الحكومة محمد حسين روبلي ورؤساء الولايات الفيدرالية الخمس على استكمال الانتخابات البرلمانية التي توقفت في العاشر من ديسمبر الماضي، وإجرائها ما بين الخامس عشر يناير والخامس والعشرين من فبراير الماضي، إلا أنه تم تأجيلها مرة أخرى لأسباب قالت الحكومة إنها أمنية ولوجستية.
وتسير عملية استكمال الانتخابات البرلمانية وسط مخاوف من وقوع أحداث أمنية قد تعكر صفو أمنها، في ظل ارتفاع ملحوظ في الهجمات الانتحارية خلال الفترة الماضية.
ويقول المحلل السياسي عبدالرحمن الأمين إن “استهداف الناخبين (مندوبي الانتخابات) في هذا التوقيت يشكل تهديدا مباشرا للعملية الانتخابية”.
وأضاف أن “أي قلق أمني يشعر به الناخبون (المندوبون القبليون) سوف يؤثر سلبا على سير عمليات الانتخابات وهذا ما يسعى إليه عناصر حركة الشباب”.
وفي العاشر من فبراير الماضي نجا موكب كان يقل عددا من مندوبي الانتخابات (الأقاليم الشمالية) من محاولة تفجير انتحاري وقع بعد لحظات من عبوره، ما أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 10 آخرين بجروح متفاوتة.
وانتهت انتخابات مجلس الشيوخ (الغرفة الثانية للبرلمان/ 54 عضوا) في منتصف نوفمبر الماضي، فيما تتواصل انتخابات مجلس الشعب (275 نائبا) في بعض الولايات الفيدرالية، حيث تم حتى الآن انتخاب 124 نائبا، بينما لم يحدد بعد موعد إجراء الانتخابات الرئاسية.
وللمرة الخامسة على التوالي فشل الصومال في الالتزام بتعهداته لإتمام انتخابات البرلمان الممهدة لانتخاب رئيس جديد للبلاد، ما يضع مقديشو أمام تحديات قد تفاقم أزماتها المتعددة بعد تلويح صندوق النقد الدولي بقطع برنامجه كليا وتهديد الولايات المتحدة بعقوبات أكثر صرامة.
وتأخر إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية جراء خلافات سياسية بين رئيس البلاد محمد عبدالله فرماجو ورئيس الوزراء، وأخرى بين الحكومة المركزية والولايات الفيدرالية بشأن إجراءات العملية الانتخابية.
وانتهت ولاية البرلمان في السابع والعشرين من ديسمبر2020، كما انتهت ولاية فرماجو في الثامن من فبراير2021، لكنه مستمر في منصبه في ظل تعثر إجراء الانتخابات.
وتتبع الانتخابات الصومالية نموذجا معقدا غير مباشر، إذ يتم اختيار حوالي 30 ألف مندوب عشائري لاختيار 275 نائبا لمجلس النواب، فيما تنتخب خمس هيئات تشريعية في الولايات أعضاء مجلس الشيوخ. ثم تصوت غرفتا البرلمان لانتخاب الرئيس المقبل.
ولا توجد حكومة مركزية تتمتع بسلطة واسعة منذ 30 عاما في الصومال، حيث تُجرى انتخابات غير مباشرة مطولة لاختيار قيادة جديدة، والتي كثيرا ما تُعلق وسط مواجهة بين رئيس البلاد ورئيس الوزراء.
وفي أبريل أدت محاولة الرئيس لتمديد فترة ولايته التي تبلغ أربع سنوات لمدة عامين، إلى قيام فصائل الجيش الموالية لكل رجل بالاستيلاء لفترة وجيزة على مواقع متنافسة في مقديشو.
ويُنظر على نطاق واسع إلى النزاع المحتدم منذ شهور على أنه يصرف انتباه الحكومة عن محاربة تمرد إسلامي.
وتُعد حركة الشباب المرتبطة بتنظيم القاعدة، والتي كثيرا ما تنفذ هجمات في مقديشو وأماكن أخرى بالصومال، من العوامل المعطلة للانتخابات أيضا.
الانتخابات الصومالية تتبع نموذجا معقدا غير مباشر، إذ يتم اختيار حوالي 30 ألف مندوب عشائري لاختيار 275 نائبا لمجلس النواب
واستبعدت مفوضية الانتخابات الصومالية الاثنين عضوين ينتميان إليها، ما يعمق الخلافات المتراكمة أصلا.
وأفاد بيان مفوضية الانتخابات بـ”استبعاد عضوين من المفوضية الانتخابية، وهما رئيس لجنة الانتخابات السابق محمد حسن عرو، وأمين عام اللجنة عبدالرحيم عبدالعزيز آدم، واستبدالهما بإرشاد محمود شيخ طاهر وحسن علي يوسف”.
وأوضح أن قرار رئيس الوزراء جاء “بعد الاطلاع على رسالة رئيس لجنة الانتخابات موسى جيلي بشأن قيام أعضاء من اللجنة بعرقلة مسار عمل المفوضية”.
وأضاف أن “هناك محاولات لعرقلة مسار الانتخابات، كما توجد تكتلات في الخارج (لم يسمّها) تحاول إفشال الانتخابات وخلق حالة من عدم الاستقرار السياسي والأمني”.
ويأتي القرار في ظل حالة انقسام تشهدها مفوضية الانتخابات جراء استبعاد 4 من القائمة النهائية لأعضاء البرلمان المنتخب الجديد (الشعب والشيوخ) لمخالفة لوائح الانتخابات، بينهم مدير الاستخبارات السابق والمستشار الأمني للرئيس الصومالي فهد ياسين حاج.