انفراجة في كردستان العراق: الاتحاد الوطني ينهي مقاطعته لحكومة بارزاني

يشهد إقليم كردستان انفراجة في الأزمة السياسية بين الحزب الديمقراطي الكردستاني والاتحاد الوطني الذي قرر فريقه الوزاري الأحد إنهاء مقاطعته لعمل الحكومة في الإقليم، بانتظار انعقاد حوار وطني كردي سبق وأن دعا إليه زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني.
أربيل - شارك الفريق الحكومي للاتحاد الوطني الكردستاني الأحد في اجتماع مجلس وزراء إقليم كردستان، بعد قطيعة استمرت لأشهر على خلفية الأزمة السياسية بين الاتحاد الوطني وشريكه في السلطة الحزب الديمقراطي الكردستاني.
ويعكس قرار الاتحاد الوطني العودة إلى نشاطه الحكومي، الذي انقطع منذ أكتوبر الماضي بداية انفراجة في العلاقة بين الحزبين الكرديين الرئيسيين، ويرى متابعون أن هذا التحول يعود إلى إدراك قيادة كلا الطرفين بأنه لا مناص من العمل معا وتجاوز الخلافات، في ظل التحديات القائمة التي تعصف بالإقليم الذي يحظى بحكم ذاتي في شمال العراق.
وتشكل الخلافات بين الاتحاد الوطني والحزب الديمقراطي مصدر قلق للقوى الغربية وسبق وأن جرت محاولات أميركية عدة لاحتوائها، ويقول المتابعون إن الطرفين خاضا خلال الفترة الماضية صراعا سياسيا استنزف كليهما، دون أن يتمكن أي طرف منهما من كسر الآخر، الأمر الذي يبدو أنه جعلهما يحاولان سلك طريق الحوار.
وقالت دائرة الإعلام والمعلومات في حكومة كردستان، إن مجلس الوزراء عقد جلسة هي الأولى منذ إعلان فريق الاتحاد الوطني الوزاري عودته للمشاركة في اجتماعات الحكومة.
وأفادت دائرة الإعلام في بيان بأن مجلس وزراء إقليم كردستان عقد الجلسة الاعتيادية برئاسة رئيس الوزراء مسرور بارزاني وحضور نائب رئيس الوزراء قوباد طالباني.
وتضمن جدول أعمال الجلسة عدة محاور، أبرزها استعراض آخر مستجدات استئناف تصدير نفط إقليم كردستان، في إطار الاتفاق المبرم بين حكومة الإقليم والحكومة الاتحادية. ومناقشة ملف التنظيم المالي العام في الإقليم، واستعراض تقرير وزارة الداخلية للتقييم الوطني الصادر من قبل الحكومة الاتحادية بشأن مخاطر غسيل الأموال وتمويل الإرهاب في العراق المحور الثالث للجلسة.
وكان الاتحاد الوطني الذي يتزعمه بافل طالباني أعلن في وقت سابق عن عودة مشاركة فريقه الحكومي في اجتماعات الحكومة. وقال المتحدث باسم نائب رئيس حكومة الإقليم سمير هورامي في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، إن “الاتحاد الوطني برئاسة قوباد طالباني سيشارك في اجتماع مجلس وزراء الإقليم الأحد، بعد نحو سبعة أشهر من مقاطعة اجتماعات الحكومة”.
واستقبل رئيس حكومة إقليم كردستان في الثامن من مايو الجاري نائبه، في أجواء إيجابية، حيث “جرت مناقشة المشاكل المالية والإدارية التي تواجه حكومة إقليم كردستان، وتم الاتفاق على حل جميع المشاكل من خلال الحوار والتعاون بين جميع الكتل الوزارية ضمن التشكيلة الحكومية”، بحسب بيان صادر عن مكتب بارزاني آنذاك.
وأطلق زعيم الحزب الديمقراطي مسعود بارزاني في وقت سابق مبادرة وطنية تقضي بدعوة جميع الأطراف السياسية الكردية إلى عقد حوار وطني قبل الثامن عشر من مايو الجاري، وذلك خلال افتتاح صرح بارزاني التذكاري “متحف البارزاني” في بارزان الخميس الماضي، وتأكيده ضرورة إجراء انتخابات برلمان كردستان في موعدها المحدد.
وكانت الخلافات بين الحزبين نشبت في البداية على رئاسة الجمهورية في العراق العام الماضي، قبل أن تتخذ أبعادا جديدة بمقتل الضابط هاوكار جاف المنتمي إلى الاتحاد الوطني، والذي اتهم الحزب الديمقراطي قيادات أمنية بالاتحاد بتصفيته، وهو ما أدى حينها إلى تعليق الأخير مشاركته في الحكومة.
ويقول المتابعون إن الخلافات بين الحزبين أساسها صراع على النفوذ داخل الإقليم وعلى الموارد المالية، مشيرين إلى أن توقف صادرات النفط والتي لا يعرف بعد متى استئنافها في ظل المماطلة التركية، والوضع المالي الصعب للإقليم، كل ذلك يدفع الطرفين إلى البحث عن تهدئة.
وكانت الحكومة الكردية والحكومة الاتحادية اتفقتا مؤخرا على تولي بغداد عملية تصدير نفط الإقليم، على أن يتولى العراق تسديد رواتب موظفي كردستان، وتخصيص حصة من الموازنة العامة للإقليم.
لكن تفعيل هذا الاتفاق يصطدم بمماطلة تركية في استئناف التصدير من الأراضي الكردية صوب ميناء جيهان، حيث إن أنقرة تسعى لابتزاز بغداد ومساومتها في ما يخص التعويضات التي قضتها محكمة دولية لصالح العراق، في ما يتعلق بعدم استشارة الأخير في إمدادات الخام طيلة السنوات الماضية.
ويقول مراقبون إن تركيا تحاول أيضا الحفاظ على ذات الاتفاق الذي سبق وأبرمته مع الإقليم دون العودة إلى بغداد، والذي يقضي بحصولها على مدى خمسين عاما على أسعار تفاضلية وخصومات كبيرة في ما يتعلق بصادراتها النفطية من الإقليم.
ويشير المراقبون إلى أن استمرار أزمة تصدير النفط يكبد بغداد خسائر فادحة، كما أنه يفاقم أزمة الإقليم المالية، في ظل حديث عن خواء الخزينة وعدم القدرة على تسديد رواتب الموظفين.
ويخشى الحزب الديمقراطي الكردستاني من تأثيرات ذلك على وضعه وهو ما دفعه إلى فتح المجال للتفاهم مع شريكه اللدود، حيث إن بقاء الصراع السياسي لن يقود إلا إلى المزيد من التعقيدات وقد يذهب الوضع حد ظهور أزمة دستورية في الإقليم في حال لم تجر انتخابات تشريعية جديدة به.
وأعلن الاتحاد الوطني الكردستاني في وقت سابق عن ترحيبه بالدعوة التي أطلقها رئيس الحزب الديمقراطي الكردستاني للحوار بين القوى الكردية.
وقال القيادي في الاتحاد الوطني برهان شيخ رؤوف إن “حزبه كان وما زال يرحب بأي دعوة إلى الحوار وإنهاء المشاكل الخلافية، ونحن ضد التصعيد والخطاب المتشنج لأنه يضر بمصالح المواطنين الكرد”.
وأضاف أن “هنالك مشاكل خلافية على إدارة الحكم ومسألة الانتخابات في الإقليم وقضايا إدارية أخرى، نأمل في حلها من خلال اللجان واللقاءات بين مختلف الأطراف الكردية”.