انفراجة في قضية مساجين الرأي المضربين عن الطعام بالجزائر

الجزائر - تتجه قضية مساجين الرأي المضربين عن الطعام في عدد من السجون الجزائرية إلى تسجيل انفراجة في الأفق، في ظل الإعلان عن الشروع في برمجة قضاياهم أمام القضاء، ليكونوا بذلك قد حققوا جزءا من المطالب التي رفعوها، وعلى رأسها إنهاء حالة السجن المؤقت التي لازمتهم بشكل متفاوت منذ عدة أشهر، لكن لم يصدر أي موقف من طرف هؤلاء بشأن توقيف الإضراب من عدمه.
وكشفت هيئة الدفاع عن معتقلي الرأي في الجزائر أن محكمة العاصمة برمجت قضية عدد من سجناء الرأي في قضية ما يعرف بـ”الطفل” سعيد شيتور، وهو الأمر الذي يعتبر تلبية لأحد مطالب المضربين، وقد يكون انفراجة في مسارهم، خاصة وأن الإضراب الذي يشنه العشرات من هؤلاء دخل أسبوعه الثالث.
وذكر الحقوقي والمحامي عبدالغني بادي في تغريدة له على حسابه الرسمي على الفيسبوك، أن “الغرفة الأولى لمحكمة سيدي امحمد بالعاصمة برمجت سماع السجناء محمد تجاديت وصهيب دباغي ومليك رياحي. كما سيتم سماع كل من خيمود نورالدين وأحمد طارق دباغي في الموضوع أيضا أمام قاضي التحقيق لنفس المحكمة الأربعاء.
وكان هؤلاء الناشطون قد تم توقيفهم في أبريل من العام الماضي، بعد انتشار مقطع مصوّر يتحدث عن تعرض قاصر للتعنيف داخل مقر شرطة، وتم إيداع هؤلاء السجن المؤقت بتهمة نشر أخبار كاذبة مع تهم أخرى جنائية ثقيلة، كما عقد ممثل النيابة آنذاك ندوة صحافية حول هذه القضية التي شغلت الرأي العام لأسابيع طويلة، وكان محامون وحقوقيون ينتمون إلى هيئة الدفاع عن معتقلي الرأي، قد أدانوا تلك الندوة الصحافية، واعتبروا ما قام به ممثل النيابة “خرقا لسرية التحقيق”.
لأول مرة سيتم سماع المضربين عن الطعام رفقة مجموعة من أربعين سجينا، وهناك مصادر تتحدث عن توسع الإضراب
وكان القاصر سعيد شيتور قد اتهم عناصر أمنية بممارسة “التحرش الجنسي أثناء توقيفه”، وظهر للرأي العام في حالة هيستيرية حسب التسجيل الذي تم تداوله الناشطون المذكورون على شبكات التواصل الاجتماعي، ووجهت لهم تهم “الفبركة وإشاعة أخبار كاذبة”، وتم بعدها عزل الطفل في مصحة مختصة تبعد عن والدته التي تحضنه بنحو مئتي كلم، وهو ما علق عليه البعض بكونه “عقابا للوالدة وللطفل”، لاسيما وأنهما كانا من مرتادي مظاهرات الحراك الشعبي.
ولأول مرة سيتم سماع محمد تجاديت والأخوين دباغي ومليك رياحي وخيمود نورالدين، المضربين عن الطعام رفقة مجموعة من أربعين سجينا دخلوا في إضراب عن الطعام منذ الثامن والعشرين من يناير الماضي، وهناك مصادر تتحدث عن توسع الإضراب ليشمل نحو مئتي سجين في عدد من المؤسسات العقابية.
وكانت السلطة القضائية قد قامت بتفريق النواة الأولى للمجموعة المضربة عن الطعام، حيث وزعت أفرادها على عدد من السجون من أجل وقف العدوى وتشتيت الاستغلال السياسي والإعلامي، الذي تعمل الدوائر المعارضة على إثارته للفت انتباه الرأي العام المحلي والخارجي، حول ما تسميه بـ”انتهاكات حقوق الإنسان”.
ويبدو أن حراكا صامتا يتبلور داخل مؤسسة القضاء، فبعد الإضراب الذي شنه المحامون، ثم المحضرون القضائيون، بدعوى مغالاة الحكومة في الضريبة المطبقة عليهم، يتوجه القضاة إلى تنظيم وقفة احتجاجية نهاية الشهر الجاري أمام مجلس قضاء العاصمة، احتجاجا على ما وصفته نقابتهم بـ”الغرف المظلمة” المؤثرة في الجهاز القضائي.
وهاجم المكتب التنفيذي للنقابة الوطنية للقضاة، في بيان له، ما وصفه بـ”الغرف المظلمة”، وجاء ذلك بعد اطلاع النقابة على مضمون مشروع القانون العضوي المتعلق بالقانون الأساسي للقضاء، والنصوص الناظمة لطرق انتخاب أعضاء المجلس الأعلى للقضاة وقواعد تنظيمه وعمله.
وعبّر البيان عما أسماه بـ”خيبة النقابة وأسفها لعمل الغرف المظلمة التي أفرغت بشكل مفضوح مقترحات اللجنتين الوزاريتين المكلفتين بإعداد مسودة القانون من محتواها، وهو ما ينم عن انعدام إرادة سياسية حقيقية لتكريس ما هو منصوص عليه في صميم الدستور بشأن حماية القاضي، ودور المجلس الأعلى للقضاء في ضمان استقلالية القضاء، وأن الوزارة تنتهج أسلوبا بعيدا عن مبدأ الشفافية في عرض محتوى الصياغة النهائية للقانونين قبل إحالتهما على البرلمان، وهو دليل على غياب النية في إشراك القضاة لإعداد النصوص التي تحكمهم، واستمرار فرض وصاية السلطة التنفيذية على نظيرتها القضائية”.