انفجار ناقلة نفط يحرك غضبا شعبيا متراكما جنوب ليبيا

الانفجار الذي شهدته بلدة بنت بية جنوب ليبيا الاثنين تحول إلى فرصة لتصفية السكان الذين يفتقدون لأبسط الخدمات الأساسية، لحسابهم مع السلطات شرق البلاد وغربها.
طرابلس - حرك حادث انفجار ناقلة وقود في بلدة جنوب ليبيا الغضب الشعبي المتراكم في المنطقة على ما يعتبره سكان إقليم فزان (الجنوب) تهميشا سواء على مستوى توفير الحكومات المتعاقبة منذ سقوط نظام العقيد الراحل معمر القذافي للخدمات الأساسية أو ما يتعلق بإشراك الإقليم في العملية السياسية التي يسيطر عليها إقليما برقة وطرابلس.
والأربعاء أقفل متظاهرون غاضبون من أسر ضحايا الانفجار مبنى بلدية بنت بية، وأحرقوا سيارة قبالة البلدية، على خلفية ما وصفوه بـ"أدائها الضعيف" في التعامل مع كارثة انفجار صهريج الوقود، وذلك بعدما أغلق مجموعة من الشباب في منطقة أخرى "الفجيج" الطريق الرابط بين مدينتي سبها وأوباري أمام السيارات المتجهة إلى الحقول النفطية الواقعة بالمنطقة.
وجاءت هذه التطورات على خلفية ما يعتبره المراقبون تهميشا كبيرا للمنطقة الجنوبية، التي بات ينتشر فيها مسلحون، وجماعات تهريب، مع غياب الأمن واتساع البطالة بين الشباب، الذين تحولوا إلى "مقاتلين تحت الطلب".
وتحول إقليم فزان منذ سنوات إلى ساحة تنافس بين القائد العام للجيش المشير خليفة حفتر وبين الحكومات المتعاقبة في طرابلس. ورغم أن الجنوب يخضع نظريا لسيطرة الجيش إلا أن قبائل وفصائل مسلحة من ذلك الطوارق والفريق علي كنة، تدين بالولاء لحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس.
◙ الجنوب يحتاج إلى مجهود جبار لإعادة الأمن إليه وتصفية المهاجرين غير الشرعيين ووضع برامج جدية للنهوض بالاقتصاد
ومنعت قوة عسكرية تابعة لحفتر الاثنين طائرة وزيرة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية نجلاء المنقوش من النزول في مطار سبها في زيارة تفقدية بعد حادث ناقلة النفط وهو ما أثار غضب مجموعات موالية للدبيبة في الجنوب، لكنها نفت التلويح باستخدام العنف أو الاعتصام في حقول النفط.
ونفى المكتب الإعلامي لمنطقة سبها العسكرية التابعة لحكومة الوحدة الوطنية في تصريح نشره عبر صفحته على فيسبوك ما جرى تداوله إعلاميا وعلى مواقع التواصل الاجتماعي من تصريحات منسوبة للفريق علي كنه، بشأن الدعوة لتحرك عسكري ضد قوات القيادة العامة في المنطقة، مؤكدا أنها "مجرد إشاعات مغرضة".
كما أكد المكتب الإعلامي أن الفريق علي كنه "لم يدلِ بأي تصريح أو بيان يخص أي عمل عسكري في مدينة أوباري"، منوها إلى أن صفحة المكتب الإعلامي لمنطقة سبها العسكرية على فيسبوك هي المنبر الوحيد لآمر المنطقة العسكرية ومن خلالها يتم نشر كل ما يخص المنطقة.
ويقول مراقبون إن مشاكل الجنوب الليبي بدأت منذ أن استقطب القذافي قبائله لدعم نظامه ومنذ ذلك الحين بدأت هجرة قبائل المنطقة إلى الشمال حيث استوطنوا في طرابلس في بيئة غريبة على طبيعة حياتهم، ليملأ المهاجرون من دول أفريقية كتشاد والنيجر الذين منحهم القذافي الجنسية الليبية دون الاستناد على أساس قانوني.
وقال ناشط يدعى فوزي الجربي تعليقا على الأزمة التي يشهدها الجنوب "كثير من سكان غات وأوباري ومرزق وابراك الشاطي نازحون أفارقة ويشكلون أغلبية سكان الجنوب حتى أن كثيرا منهم لا يتكلم العربية بطلاقة".
وأضاف “يعيش الجنوب اقتصاديا على نشاط تجاري خارج القانون ويتمثل في تهريب السجائر والمشروبات الكحولية والأدوية والمخدرات والذهب والمحروقات وكذلك السلع والسيارات المسروقة من مناطق الشمال إلى السودان والنيجر وتشاد والجزائر وتونس، بالإضافة إلى أنه أحد المسارات الرئيسية للهجرة غير الشرعية".
وتابع “الجنوب يحتاج إلى مجهود جبار لإعادة الأمن إليه وتصفية المهاجرين غير الشرعيين ووضع برامج جدية وفعالة للنهوض بالاقتصاد واستغلال الموارد الطبيعية وتنمية الزراعة وتقديم الخدمات الصحية والاجتماعية".
◙ مشاكل الجنوب الليبي بدأت منذ أن استقطب القذافي قبائله لدعم نظامه ومنذ ذلك الحين بدأت هجرة قبائل المنطقة إلى الشمال
وانقلبت شاحنة وقود على الطريق الرابط بين سبها وأوباري الاثنين الماضي وتدافع السكان لتعبئة الوقود منها، وعندما حاول أحدهم تشغيل مضخة الشاحنة بواسطة بطارية سيارة، خرجت شرارة كهربائية أشعلت النيران في الشاحنة، ليقع انفجار كبير.
ومنذ سنوات يحاول إقليم فزان فرض نفسه كطرف ثالث في المعادلة الليبية وهو ما لم يتمكن نشطاء الجنوب السياسيون والاجتماعيون من تحقيقه رغم الأهمية التي يمثلها الإقليم للاقتصاد الليبي حيث يقع أهم حقلين نفطيين (الفيل والشرارة) في الجنوب.
وطلب وفد يضم أعضاء من مجلس النواب وممثلين عن المجتمع المدني من جنوب ليبيا، دعم بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، لمطالبهم "بالتوزيع العادل للموارد في جميع أنحاء البلاد، وزيادة إشراك أبناء الجنوب الليبي في العملية السياسية وأجهزة الدولة والمؤسسات الوطنية".
جاء ذلك خلال لقاء مع القائم بأعمال رئيس بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا رايزدون زنينغا الأربعاء، بحسب بيان نشرته صفحة البعثة على موقع فيسبوك.
وأعرب أعضاء الوفد عن مخاوفهم من تهميش وإهمال الجنوب، داعين إلى إجراء تحقيق في انفجار ناقلة الوقود الاثنين الماضي.