انفجار قرب مدرسة للأونروا في مخيم عين الحلوة يكسر الهدوء الحذر

حركة فتح تطلب من عناصرها عدم الرد على إلقاء جند الشام قنبلة قرب مدرسة السموع التي يحتشدون فيها وعدم الانجرار وراء أي استفزاز.
الأربعاء 2023/08/23
أول خرق للهدنة الهشة منذ مطلع هذا الشهر

بيروت - سمع، فجر الأربعاء، دوي انفجار قرب مدرسة تابعة لوكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، داخل مخيم "عين الحلوة" للاجئين الفلسطينيين، جنوبي لبنان، في أحدث إشارة على خرق الهدوء الحذر الذي ساد المخيم منذ مطلع الشهر الحالي وهو ما قد يعيده إلى مربع الاقتتال في أي لحظة.

وذكرت الوكالة الوطنية للإعلام في لبنان أن "انفجارا سمع فجر اليوم في الشارع الفوقاني داخل مخيم عين الحلوة، تبين أنه ناجم عن إلقاء قنبلة يدوية قرب مدرسة السموع التابعة لوكالة الأونروا".

وأكدت الوكالة اللبنانية أن الانفجار لم يسفر عنه سقوط أي ضحايا أو مصابين.

ولم تعلن الجهات المعنية أي تفاصيل إضافية بشأن الحادث أو المتورطين فيه، فيما أفاد موقع "لبنان 24" أفاد بأن عناصر جماعة جند الشام هم من قاموا بألقاء القنبلة من مدرسة بيسان باتجاه مدرسة السموع.

وأضاف الموقع اللبناني أن حركة فتح قد عّممت على عناصرها عدم التعامل مع الحادثة أو غيرها في حال حصول استفزاز.

ويسود مخيم عين الحلوة منذ الثاني من أغسطس هدوء حذر، لكن الهدنة الهشة التي جرى إعلانها بعد أيام من الاشتباكات الدموية بين حركة فتح وفصائل إسلامية مسلحة تبقى رهن نتائج التحقيقات بشأن المتسببين في الاقتتال الذين يصعب القبض عليهم وتقديمهم للعدالة، وهو ما يمثل شرارة لتجدد الاقتتال الذي تبدو مظاهر التحضير له واضحة للعيان.

ولعل تفجير جند الشام هذه القنبلة في المدرسة التي يحتمي بها عناصر فتح، محاولة جديدة لجرهم إلى جولة قتال جديدة، لفرض السيطرة على المخيم الذي يضم العديد من الفصائل الفلسطينية، أبرزها حركة فتح وعصبة الأنصار وجبهة التحرير الفلسطينية والقوى الإسلامية الأخرى.

وجند الشام هو تنظيم سلفي ينشط في المخيم، ومعظم عناصره لبنانية وفلسطينية، تشكل في سوريا عام 2013، على أيدي مقاتلين أجانب غالبيتهم شيشانيون، ومع قدوم "أبومسلم الشيشاني" إلى سوريا في تلك الفترة، تزعم التنظيم، وشارك تنظيم جند الشام في معارك كسب عام 2013، ومعركة السيطرة على إدلب 2015، ويتخذ من جبال ريف اللاذقية مقرات له ولعوائل عناصره الذي يقدرهم أعدادهم بنحو ألف مقاتل.

وكانت وكالة الأونروا قد أعلنت عن دخول مسلّحين إلى مدارسها والبقاء فيها والقيام بأعمال التحشيد فيها، ما دفعها إلى تعليق خدماتها مؤقتا بعد يوم واحد على دعوتهم إلى إخلائها فورا على اعتبار أنّها انتهاك صارخ لحرمة مباني الأمم المتحدة بموجب القانون الدولي.

ووفق تقارير الأونروا، فإنّ المجمع الذي يقع بين منطقتي الطوارئ والشارع الفوقاني، يحتوي على أربع مدارس توفّر التعليم لـ3.200 طالب، ويتمركز في ثلاثة منها (بيسان، الناقورة وصفد) الناشطون الإسلاميون وفي الرابعة (السموع) حركة فتح – الأمن الوطني، مؤكدة أن استمرار التواجد فيها يهدد حيادية منشآت الأونروا ويقوض سلامة وأمن موظفيها واللاجئين الفلسطينيين.

وتخشى التقارير نفسها من تداعيات الاشتباكات على العام الدراسي الجديد مع حجم الخسائر المادية التي أصابت المدارس، لاسيما وأن الأونروا لم ترسل حتى اليوم أيّ فريق منها لمعاينة الأضرار وتحديد حجمها ومدة ترميمها وصيانتها، علما أنّ العام الدراسي سيبدأ في الأسبوع الأول من شهر سبتمبر بالتوازي مع المدارس اللبنانية.

وأبلغت مديرة الأونروا في لبنان دورثي كلاوس القوى الفلسطينية أكثر من مرة بضرورة تحييد منشآت الأونروا عن أيّ صراع وحمايتها بما فيها المدارس وفي جميع الأوقات، والتي يجب أن تكون ملاذا آمنا للطلاب وأماكن يسودها السلام حيث يمكنهم التعلم واللعب. ودعت جميع الجهات المعنية إلى إخلاء مبانيها فورا حتى تتمكن من استئناف الخدمات وتقديم المساعدة إلى جميع اللاجئين المحتاجين في المخيم.

واندلعت اشتباكات مسلحة في التاسع والعشرين من يوليو بين قوات "الأمن الوطني الفلسطيني" التابعة لحركة فتح ومجموعات إسلامية مسلحة، على خلفية إطلاق نار استهدف أحد القياديين الإسلاميين في حينه.

واستمرت المواجهات خمسة أيام قبل التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار تشرف على تنفيذه لجنة "هيئة العمل الفلسطيني المشترك"، بعد اتصالات بين جهات رسمية وحزبية لبنانية وقيادات فلسطينية.

ونزح عدد من سكان عين الحلوة باتجاه مدينة صيدا المجاورة، بعد الاشتباكات المسلحة التي أسفرت عن مقتل 11 شخصاً وجرح 40 آخرين.

ويقطن في هذا المخيم أكثر من 54 ألف لاجئ فلسطيني مسجلين لدى الأمم المتحدة، انضم إليهم خلال الأعوام الماضية آلاف الفلسطينيين الفارين من النزاع في سوريا.

فيما يعرف بأن المكان يأوي مجموعات متطرفة وخارجين عن القانون، وغالبا ما يشهد عمليات اغتيال واشتباكات خصوصا بين الفصائل الفلسطينية ومجموعات متطرفة.

ولا يدخل الجيش أو القوى الأمنية اللبنانية إلى المخيمات بموجب اتفاقات ضمنية سابقة، تاركين مهمة حفظ الأمن فيها للفلسطينيين أنفسهم داخلها، لكن الجيش اللبناني يفرض إجراءات مشددة حولها.