انفتاح مصري على الغرب الليبي دون التخلي عن الشرق

طرابلس - بحث وزير داخلية الوفاق فتحي باشاغا مع الوفد المصري الذي يزور العاصمة طرابلس التحديات الأمنية المشتركة وسبل تعزيز التعاون الأمني بين البلدين بحضور رئيس جهاز مخابرات الوفاق عماد الطرابلسي.
وناقش الاجتماع بحسب المكتب الإعلامي لداخلية الوفاق سبل دعم اتفاق وقف إطلاق النار ومناقشة مخرجات لجنة 5+5 من أجل تأييد المجهودات الأممية بشأن الحوار السياسي والخروج من الأزمة الراهنة بالطرق السياسية والسلمية.
وأشارت داخلية الوفاق إلى أن الاجتماع يأتي ضمن السياسات الأمنية للوزارة التي تهدف إلى توطيد علاقات التعاون مع الدول الشقيقة والصديقة وأهمية العمل المشترك بين القاهرة وطرابلس.
وبدأ الوفد المصري لقاءاته في زيارته الأولى منذ أكثر من خمس سنوات للعاصمة طرابلس، بلقاء وزير الخارجية محمد الطاهر سيالة، تم خلاله استعراض كافة مجالات التعاون بين البلدين والاتفاق على تعزيزها وتطويرها في كافة المجالات والدفع بها إلى آفاق أرحب خدمة لمصلحة البلدين.
ووعد الوفد المصري خلال اللقاء بإعادة فتح السفارة المصرية والعودة إلى العمل من داخل طرابلس في أقرب وقت ممكن.
وتم الاتفاق على تذليل كافة العقبات لضمان خلق الظروف المناسبة لتواصل الشعبين الشقيقين خاصة في ما يتعلق باستئناف الرحلات الجوية من ليبيا إلى مطار القاهرة، وبرمجة سلسلة من الاجتماعات بين الخبراء والمختصين في البلدين لتحقيق هذه الأهداف.
ويبدو أن مصر تعمل على إعادة تموضعها من جديد على الساحة الليبية وخلق حالة من التوازن في علاقتها بين طرفي النزاع في ليبيا بإبداء انفتاحها على جميع الأطراف السياسية، خاصة وأنه كانت هناك مؤاخذات على القاهرة بدعم الشرق على الغرب وانحيازها للجيش الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر، وهو ما فتح المجال لإطراف إقليمية لتعزيز حضورها على غرار تركيا.
وكانت القاهرة من أبرز الداعمين للجيش الليبي في هجومه الذي بدأه قبل أكثر من عام على العاصمة طرابلس، لطرد الميليشيات المسلحة وتخليص العاصمة من سطوتها، على غرار تأييدها لدعوات الجيش التي تنادي بضرورة خروج الإرهابيين والمرتزقة والقوات التركية من جميع الأراضي الليبية لإنجاح المفاوضات السياسية.
وجاء توجه الوفد المصري إلى طرابلس بعد زيارة لوزير الدفاع التركي خلوصي أكار الذي لم يتوان عن تحذير الجيش الليبي من مغبة أي محاولة لاستهداف القوات التركية في ليبيا.
وقال أكار الأحد في كلمة أمام القوات التركية في ليبيا، في معرض رده على تهديدات حفتر التي أطلقها ضد تغلغل الوجود التركي في ليبيا "الجيش الليبي وأنصاره سيكونون هدفا مشروعا لنا في حال وقوع أي هجوم على القوات التركية".
وكان قائد الجيش الليبي توعد قبل ثلاثة أيام بطرد الجيش التركي من البلاد وإنهاء وجوده بالقوة في حال لم يمتثل إلى القرارات الدولية.
وتأتي تحركات القاهرة تجاه الجارة ليبيا ضمن استدارة نسبية بدأت منذ فترة من خلال زيارات عديدة أداها مسؤولون مصريون كبار إلى ليبيا.
والتقى مدير المخابرات المصرية اللواء عباس كامل بقائد الجيش الليبي المشير خليفة حفتر السبت الماضي بمقر قيادة قواته في بنغازي.
وكان الموقف المصري حاسما تجاه تجاوزات حكومة الوفاق التي يهمين عليها الإسلاميون والمدعومة سياسيا وعسكريا من أنقرة حين بدأ التهديد يتجاوز العمق الليبي ليمتد إلى أمن مصر الإقليمي، ما دفع الرئيس المصري إلى التلويح بإمكانية التدخل العسكري المباشر لفائدة الجيش الوطني الليبي ما عزز مخاوف الإسلاميين من قوة مصر العسكرية.
وسعت حكومة الوفاق إلى استمالة القاهرة بعد إدراك أن ميزان القوى لن يكون في صالحها وبدأت تبرز بوادر تقرب حكومة الوفاق من مصر عبر زيارة مسؤوليها إلى القاهرة وعلى رأسهم فايز السراج.
وتأتي مقاربة القاهرة للعمل مع جميع الأطراف الليبية والانفتاح على الغرب الليبي دون التخلي عن الشرق، ضمن مساعيها لدفع العملية السياسية وقطع الطريق على تركيا التي تريد تكريس حضور تيار الإسلام السياسي في ليبيا في ظل استمرار تجاوزاتها وخروقاتها لجميع المقررات الدولية التي دعتها إلى إنهاء تدخلها العسكري في ليبيا.
كما احتضنت مصر محادثات بين الفرقاء الليبيين سبقها إطلاق مبادرة سياسية باسم "إعلان القاهرة" والمتسقة مع الجهود الدولية المتعددة لإنهاء الصراع في ليبيا تشتمل على احترام كافة المبادرات والقرارات الدولية بشأن وحدة البلاد وإخراج الميليشيات الأجنبية والمرتزقة من ليبيا.