انفتاح روسي على غرب ليبيا يقابل الانفتاح التركي على شرقها

قابلت روسيا التحركات التركية للانفتاح على شرق ليبيا المعروف بمواقفه المناهضة لأجندة أنقرة الداعمة للإسلاميين، بالانفتاح هي الأخرى على غرب ليبيا الذي يعتبر منطقة نفوذ تركية منذ تدخل أنقرة في البلاد، عقب مذكرة التفاهم الموقعة بينها وبين حكومة الوفاق السابقة برئاسة فايز السراج.
طرابلس - تبعث التحركات الروسية في ليبيا بإشارات تفيد بأن موسكو ستحذو حذو أنقرة من خلال الانفتاح على غرب البلاد الذي يعتبر منطقة نفوذ خالصة لتركيا، وذلك في خضم انشغال العالم بأسره بالحرب في أوكرانيا.
وبعد فترة عرفت تحركات تركية أبرزها كانت زيارة السفير التركي لدى طرابلس كنان يلماز إلى شرق ليبيا ولقائه قادة بارزين هناك، أبرزهم رئيس البرلمان عقيلة صالح، دفعت روسيا بتحركات هي الأخرى للانفتاح على غرب البلاد.
وزار وفد روسي طرابلس مساء الثلاثاء لبحث ترتيبات إعادة فتح السفارة الروسية في العاصمة الليبية.
وقال بيان لوزارة الخارجية بحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها برئاسة عبدالحميد الدبيبة على فيسبوك إن “وكيل وزارة الخارجية والتعاون الدولي لشؤون القنصلية مراد احميمة رحب بالوفد الروسي، وثمن حرصه على تقديم الدعم اللازم لتنفيذ خطة إعادة فتح السفارة”.
وبحسب ما نقلت وسائل إعلام ليبية، فإن مدير إدارة التخطيط بوزارة الخارجية الروسية ورئيس الوفد حيدر رشيد أغانيد أكد أهمية تواجد السفارة في طرابلس، لدعم وتطوير العلاقات التاريخية بين البلدين، وتقديم الخدمات للمواطنين الراغبين في زيارة روسيا، معبّرا عن حرص حكومة بلاده على دعم أواصر الصداقة بين الشعبين.
ولطالما اعتبرت روسيا داعمة للجيش الوطني الليبي بقيادة المشير خليفة حفتر الذي يسيطر على شرق البلاد وجنوبها، فيما تسيطر حكومة الوحدة على طرابلس والغرب.
وكانت روسيا قد رحبت بقرار البرلمان الليبي تكليف وزير الداخلية السابق فتحي باشاغا برئاسة حكومة جديدة، لكن باشاغا فشل في دخول طرابلس لمباشرة مهامه من هناك، ما جعل حكومته حكومة موازية.
وتأتي تحركاتها الجديدة في وقت تغرق فيه القوات الروسية في مستنقع الحرب الأوكرانية، وهو ما قد يُقرأ على أنه محاولة من موسكو للضغط على الغرب، خاصة في ظل ضعف الموقف الأوروبي في ليبيا في مواجهة طموحات أنقرة وموسكو.
ولطالما كانت الضغوط التي يحاول تكريسها الأوروبيون على أنقرة وموسكو في ليبيا حافزا للتقارب بين روسيا وتركيا، حيث عكس ذلك بوضوح الموقف الروسي من عملية “إيريني” الأوروبية لمراقبة حظر تصدير السلاح إلى ليبيا، والذي كان يستهدف تركيا بالدرجة الأولى.
وبعثت موسكو وقت الإعلان عن هذه العملية (2020) برسائل تحذيرية واضحة للأوروبيين بشأن هذه المواقف، ما اعتبره مراقبون انحيازا منها لصالح أنقرة، رغم التباعد الظاهر في الأجندات بين الطرفين في ليبيا.
وهناك تأويلات بشأن اتفاق غير معلن بين الطرفين على اقتسام النفوذ في ليبيا، حيث يكون الشرق من حصة روسيا الداعمة للجيش، فيما يكون الغرب من حصة تركيا التي دعمت في السابق حكومة الوفاق الوطني برئاسة فايز السراج إبان حملة الجيش على طرابلس.
بعد قيام تركيا بتحركات أبرزها زيارة سفيرها لدى طرابلس إلى شرق ليبيا، دفعت روسيا بتحركات للانفتاح على غرب البلاد
وحازت تركيا التي نجحت في ترسيخ موطئ قدم عسكرية لها في غرب ليبيا على أغلب مشاريع إعادة الإعمار، بالإضافة إلى مشاريع التنقيب عن النفط والغاز هناك، في حين تتمركز عناصر مرتزقة فاغنر الروسية المعروفة بقربها من الرئيس فلاديمير بوتين في مناطق حيوية في ليبيا، على غرار منطقة الهلال النفطي، وفق ما تقوله تقارير غربية.
وشهدت الفترة الأخيرة تحركات بدت لافتة في توقيتها، حيث زار في ديسمبر الماضي وفد من البرلمان الليبي، المعروف بمواقفه المناهضة لتركيا وأجندتها في ليبيا، تركيا، والتقى الرئيس رجب طيب أردوغان، فيما أقدم السفير التركي في طرابلس على خطوة مماثلة بزيارة المنطقة الشرقية.
وفي المقابل تعد الزيارة التي قام بها الوفد الروسي إلى طرابلس من الزيارات النادرة، لكن موسكو تتحرك في الكواليس بقوة لتعزيز نفوذها في ليبيا، وإنهاء هيمنة الولايات المتحدة على إدارة الملف الليبي عبر الثنائي مستشارة الأمين العام للأمم المتحدة ستيفاني ويليامز والسفير والمبعوث الأميركي إلى ليبيا ريتشارد نورلاند.
وتسعى روسيا إلى إزاحة ويليامز من خلال التسريع بتعيين مبعوث أممي جديد، وهو ما لم يحدث منذ استقالة الدبلوماسي السلوفاكي يان كوبيتش في نوفمبر الماضي.
وكانت وكالة الأنباء الفرنسية قد أفادت في وقت سابق بأن الاتحاد الأفريقي اقترح على الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش تعيين مبعوث يكون أفريقيا، وهو مقترح يحظى بدعم من موسكو وبكين، بحسب ما ذكرت الوكالة.
ومطلب تعيين أفريقي مبعوثا للأمم المتحدة إلى ليبيا قديم. وفي 2020، رشحت أفريقيا جزائريا وغانيا الواحد تلو الآخر، لكن هذه المقترحات رفضتها الولايات المتحدة.