انعدام الأمان ضريبة تدفعها الأسرة في اغتراب الأب
القاهرة – يضطر بعض الأزواج للسفر خارج بلادهم للعمل، بحثا عن أبواب للرزق والعمل لتأمين مستقبل حياتهم ومستقبل أبنائهم، وهذا الأمر قد يضع الزوجة في مأزق؛ بسبب ابتعاد زوجها عنها وتحمل العديد من الصعوبات بمفردها.
شعور الزوجة بالوحدة والضيق النفسي والحاجة الماسة إلى زوجها، وكذلك تربية الأبناء وتحمل مشكلاتهم ومتطلباتهم، تعتبر من أهم الصعوبات، الأمر الذي يضعف الزوجة بمرور الوقت وتنهار في بعض الأوقات بسبب أعباء المسؤولية، وقد تشعر بالشك والغيرة على زوجها، خاصة إذا غاب عنها لفترات طويلة، خصوصا إذا كان في بلد متاح فيه الاختلاط وعاداته وتقاليده مختلفة عن عادات المجتمع العربي.
وترى د.ياسمين الخولي أخصائية الطب النفسي أن سفر الزوج له تأثير سلبي على الزوجة والأبناء؛ لأنه يشعرهم بعدم الأمان والقلق، خاصة إذا طالت مدة غيابه، فيتعودون على البعد ويتكيفون مع هذا الوضع، وعندما يجتمعون مرة ثانية تحدث مشكلات لتعودهم على البعد وتغير كل طرف بعيدا عن الطرف الآخر، وأحيانا تكبت الأم الشعور بالغضب تجاه الزوج لإحساسها بأنها الطرف الذي ربى وحده وتحمل أكثر والطرف المظلوم، ولكن كل هذا لا يمكن تعميمه؛ فكل حالة لها ظروف خاصة بها.
وفي رأي هدى حماد باحثة ماجستير في علم النفس الاجتماعي، أن سفر الزوج وغيابه لفترات يجعلان الأم تتقمص دور الأب والأم معا، وهذا أمر صعب وشاق عليها، خصوصا أن الأطفال في المرحلة الأولى من أعمارهم يحتاجون لوجود الأم والأب معا؛ لاكتساب الخصائص الأولى من ناحية التأثير بنسبة كبيرة، وسيؤثر غيابه بالسلب لأن وجود الأب عامل مهم خصوصا أنه حي يُرزق، ورغم هذه السلبيات لا ننكر أن بعض الأزواج يضطرون لذلك، وكذلك تتأقلم الزوجة والأبناء والأهل مع غياب الزوج لظروف عمله، ومن الضروري أن تراعي الزوجة ذلك لأن الزوج يتحمل متاعب الغربة من أجل أسرته.
وقد أكدت دراسات اجتماعية حديثة أن السفر يعدّ مدرسة بحد ذاتها نتعلم منها الكثير حول العلاقات الإنسانية وتنوع الثقافات والحضارات.
وأفادت الدراسات أن ما نتعلمه نظريّا في المدارس العادية حول الثقافات والحضارات الأخرى الموجودة في هذا العالم الواسع لا يمكن مقارنته بما نتعلمه من خلال سفرنا إلى دول أخرى؛ للاطلاع عن قرب على تلك الثقافات التي ربما تعلمناها بشكل سطحي في المدرسة.
