انطلاق اجتماع عمان التشاوري لبحث الحل السياسي للأزمة السورية

عمان - انطلق في عمان الإثنين اجتماع جديد حول سوريا بمشاركة وزراء خارجية كل من سوريا والأردن والسعودية والعراق ومصر، لبحث مقترحات تتعلق بتنفيذ الأسس التي أقرها اجتماع جدة التشاوري في منتصف أبريل الماضي، لضمان عودة سوريا إلى الجامعة العربية، ولبحث فرص التوصل إلى حل سياسي للأزمة السورية.
ويأتي اجتماع عمّان قبيل القمة العربية المزمع عقدها في الرياض في الـ19 من مايو الحالي، في الوقت الذي لا تزال فيه عضوية سوريا معلقة في جامعة الدول العربيّة منذ نوفمبر 2011.
وقبيل انطلاق الاجتماع الذي يعقد في أحد فنادق عمان وسط إجراءات أمنية مشددة، التقى وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي بنظيره السوري فيصل المقداد.
وبحث الصفدي والمقداد "الجهود المبذولة لإطلاق دور عربي قيادي للتوصل لحل سياسي للأزمة السورية"، وفقا لبيان صدر لاحقا عن وزارة الخارجية الأردنية.
وأضاف البيان أن الوزيرين ناقشا قضايا اللاجئين والمياه ومسألة الأمن على الحدود التي تشمل مكافحة تهريب المخدرات.
وتعد هذه الزيارة الرسمية الأولى لوزير خارجية سوريا إلى الأردن منذ اندلاع الأزمة في سوريا في العام 2011.
واستقبل الصفدي وزراء خارجية كل من مصر سامح شكري والسعودية فيصل بن فرحان والعراق فؤاد حسين قبل دخول قاعة الاجتماع "التشاوري" المغلق.
ويعتزم الأردن إطلاق مبادرة للحل السياسي في سوريا، تحدث عنها وزير خارجيته العام الماضي، وتقوم على دور عربي مباشر ينخرط مع النظام السوري في حوار سياسي يستهدف حل الأزمة ومعالجة تداعياتها الإنسانية والأمنية والسياسية.
ويأتي الاجتماع "استكمالاً للاجتماع التشاوري لدول مجلس التعاون لدول الخليج والأردن والعراق ومصر في جدة"، وفق ما اعلنت وزارة الخارجية الاردنية الأحد.
وانعقد منتصف أبريل الحالي اجتماع دول مجلس التعاون الخليجي في جدّة وشاركت فيه أيضًا مصر والعراق والأردن للبحث في مسألة عودة سوريا إلى الجامعة العربيّة، قبل نحو شهر من انعقاد قمّة عربيّة في السعوديّة.
وتوصل اجتماع جدة التشاوري إلى "أن الحل السياسي هو الحل الوحيد للأزمة السورية، وأهمية أن يكون هناك دور قيادي عربي في الجهود الرامية إلى إنهاء الأزمة، ووضع الآليات اللازمة لهذا الدور، وتكثيف التشاور بين الدول العربية بما يكفل نجاح هذه الجهود".
واتفق الوزراء على أهمية "حل الأزمة الإنسانية، وتوفير البيئة المناسبة لوصول المساعدات إلى جميع المناطق في سوريا، وتهيئة الظروف اللازمة لعودة اللاجئين والنازحين السوريين إلى مناطقهم، وإنهاء معاناتهم، وتمكينهم من العودة بأمان إلى وطنهم، واتخاذ المزيد من الإجراءات التي من شأنها المساهمة في استقرار الأوضاع في كامل الأراضي السورية".
وعقب الاجتماع بأيام زار وزير الخارجية السعودي دمشق، في أول زيارة رسمية سعودية إلى سوريا منذ القطيعة بين الدولتين مع بدء النزاع في سوريا قبل 12 عاماً.
وكانت دول عربيّة عدّة على رأسها السعوديّة أغلقت سفاراتها وسحبت سفراءها من سوريا، احتجاجًا على تعامل النظام السوري عام 2011 مع "انتفاضة شعبيّة" تطوّرت إلى نزاع دام دعمت خلاله السعوديّة وغيرها من الدول العربيّة فصائل المعارضة السوريّة.
وعلّقت جامعة الدول العربيّة عضويّة سوريا لديها في نوفمبر 2011.
لكن خلال السنتين الماضيتين تتالت مؤشّرات التقارب بين دمشق وعواصم عدّة، بينها أبوظبي التي أعادت علاقاتها الدبلوماسيّة، والرياض التي أجرت محادثات مع دمشق حول استئناف الخدمات القنصليّة بين البلدين.
ومن المتوقع أن يركز اجتماع عمان على قضية عودة اللاجئين السوريين وما إذا كان يمكن توفير ضمانات تجعلها عودة آمنة، لتكون بمثابة مفتاح للقضايا الأخرى التي يتناولها الاجتماع الوزاري.
ويستضيف الأردن ما يصل إلى نحو 1.3 مليون لاجئ سوري، يشكلون عبئا ضخما على اقتصاده المنهك وموارده المحدودة، بينهم 676 ألفا و787 يحملون صفة لاجئ وطالب لجوء مسجّلين لدى المفوضية السامية للاجئين. والكثيرون منهم يرغبون بالعودة إلى ديارهم وأراضيهم التي هجروها خوفا من أعمال العنف.
وتم بالفعل تسجيل عودة أكثر من 60 ألف لاجئ كانوا مقيمين في الأردن من إجمالي 340 ألف لاجئ قرروا العودة إلى بلادهم من مناطق لجوء أخرى، حسب إحصاءات العام الماضي.
ووفقا لمسح أجرته المفوضية السامية ونشرته في يونيو الماضي بشأن نوايا وتصورات اللاجئين السوريين بشأن العودة، فإن 36 في المئة من اللاجئين السوريين في الأردن يرغبون في العودة في غضون 5 سنوات، لكن 2.4 في المئة من اللاجئين السوريين المستجيبين للمسح في الأردن قالوا إن لديهم نية للعودة إلى سوريا خلال عام.
ويكشف هذا المسح حدة المخاوف من أن تكون الأوضاع الأمنية في البلاد غير ميسرة بما يكفي لضمان أمن العائدين.
ويقول المراقبون إن نتائج اجتماع عمّان، إذا ما فتحت الطريق أمام عودة اللاجئين، فإن طريق عودة دمشق إلى الجامعة العربية سيكون مفتوحا بصرف النظر عن فرص التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة، لاسيما وأن هذه القضية أكثر تعقيدا، وتتطلب المزيد من المشاورات والترتيبات، بينما قضية عودة اللاجئين أكثر يسرا، وهي تحمل فوائد مشتركة لسوريا وللاجئين وللدول المضيفة لهم على حد سواء.