انضمام قبرص لمشروع المركز المصري العالمي لتوزيع الغاز

نيقوسيا - وضعت مصر قدما أخرى باتجاه تحقيق مشروعها الطموح لإنشاء مركز عالمي لتوزيع الغاز، بعد أن وقعت أمس اتفاقا مع قبرص لمد خط أنابيب بحري للغاز الطبيعي بين البلدين.
وبموجب الاتفاق، الذي يأتي ضمن آخر حلقة من حلقات خطط القاهرة في قطاع الطاقة، سيتم نقل الغاز من حقل أفروديت القبرصي إلى مصر بغرض التسييل، ومن ثم إعادة تصديره إلى السوق العالمية.
ونسبت وكالة رويترز للمتحدث باسم الوزارة، حمدي عبدالعزيز، قوله إن “الوزير طارق الملا وقع اليوم الأربعاء اتفاقا مع قبرص لنقل غاز حقل أفروديت إلى مصانع الإسالة في مصر لإعادة تصديره”.
وأوضح عبدالعزيز في رسالة نصية أن الاتفاق، الذي يأتي تتويجا للاتفاق المبدئي في نهاية أغسطس 2016، يمثل إطارا عاما لإنشاء خط غاز بحري مباشر بين البلدين.
وتشير التقديرات الرسمية إلى أن احتياطيات الحقل القبرصي من الغاز تتراوح بين نحو 3.6 تريليون وستة تريليونات قدم مكعبة.
وأكد الملا في بيان أن الاتفاق، الذي وقعه في العاصمة نيقوسيا مع يورجوس لاكوتريبس وزير الطاقة والصناعة والسياحة والتجارة القبرصي، ينظم شكل الإطار العام للاتفاق الحكومي المشترك.
وكان الوزير المصري قد قال في مايو الماضي إن “تكلفة مد خط الأنابيب لنقل الغاز من قبرص إلى مصر ستتراوح بين 800 مليون ومليار دولار”.
ووقعت مصر في أبريل الماضي مذكرة تفاهم للشراكة مع الاتحاد الأوروبي في مجال الطاقة، وهو ما يجعلها في منافسة مع عمالقة هذه الصناعة وخاصة الغاز الروسي الذي يمر عبر تركيا باتجاه أوروبا.
ويقول خبراء في القطاع إن تصدير الغاز من قبل كل منتج على حدة ينطوي على تعقيدات فنية واستثمارات كبيرة، وإن الأسواق الكبيرة مثل الاتحاد الأوروبي تفضل التعامل مع منصات كبرى للحصول على إمدادات بوتيرة ثابتة ومستقرة ومن خلال بنية تحتية بطاقات كبيرة.
وكانت شركة ديليك الإسرائيلية قد وقعت في شهر فبراير الماضي، اتفاقية لتوريد 64 مليار متر مكعب من الغاز إلى شركة دولفينوس المصرية، على مدى 10 سنوات، بقيمة 15 مليار دولار.
ويفتح هذا العقد الكبير وطويل الأجل لدولفينوس لاستيراد الغاز الإسرائيلي جميع الأبواب أمام مصر لتتحول إلى “تاجر الجملة” الذي يجمع إمدادات منتجي البحر المتوسط وإمدادات أخرى من أنحاء العالم ليقوم بتوزيعها على الأسواق.
ومن المتوقع أن يؤثر هذا الدور المحوري على منتجي الغاز مثل قطر حين ينتزع حصة كبيرة من أسواقها وخاصة في أوروبا وأفريقيا، في وقت تتزايد فيه الإمدادات والمنافسة بين المنتجين للعثور على أسواق.
ويشير المحللون إلى الانتقادات الشرسة التي وجهتها وسائل الإعلام القطرية والتركية للاتفاق في ذلك الوقت، والتي لجأت إلى “نظريات المؤامرة” السياسية بسبب متانة الأسس التجارية للصفقة.
وحسم الرئيس عبدالفتاح السيسي الجدل في هذه القضية وأكد في وقت سابق هذا العام أن بلاده اقتنصت الفرصة من دول أخرى في المنطقة كانت تريد أن تصبح المركز الإقليمي للطاقة، في إشارة على ما يبدو إلى تركيا التي انتقدت اتفاقا لترسيم الحدود البحرية بين مصر وقبرص.
ويتفق الخبراء على أن إسرائيل تتنازل بهذا الاتفاق عن أي خطط كانت تراودها للتحول إلى مركز عالمي لتوزيع الغاز، والتي خمدت منذ اكتشاف حقل ظهر المصري الذي تصل احتياطاته إلى 30 تريليون قدم مكعبة.
وكان الملا قد قال إن بلاده تشترط في “موافقة الحكومة أن يُحقّق التعاقد قيمة مضافة للاقتصاد المصري وإنهاء النزاعات التحكيمية القائمة” لإنجاز الاتفاق.
وأشار إلى طعن مصري على حكم غرفة التجارة الدولية، بينما رأى البعض أن الاحتفاء الإسرائيلي بالصفقة يكشف ضمنيا موافقتها على التنازل عن ذلك الحكم.
وهناك نزاع تحكيمي قائم بين مصر وإسرائيل بشأن إنهاء مصر لاتفاق تصدير الغاز إلى إسرائيل في عام 2012 وحصلت إسرائيل في 2015 على حكم من غرفة التجارة الدولية في جنيف يلزم مصر بدفع تعويضات قيمتها 1.7 مليار دولار.
وأثارت الصفقة تساؤلات كثيرة بسبب ضخامة العقد وفترته الزمنية الطويلة، خاصة بعد بدء إنتاج حقل ظهر وتأكيد المسؤولين أن مصر ستحقق الاكتفاء الذاتي في العام المقبل.
وأعلنت شركة إيني الإيطالية التي تدير الحقل، في يوليو الماضي، عن ارتفاع إنتاج الغاز الطبيعي من حقل ظهر إلى 1.6 مليار قدم مكعبة يوميا، ارتفاعا من 1.1 مليار قدم مكعبة يوميا كانت قد تم إنتاجها بداية من مايو الماضي.
وتتوقع إيني وصول الإنتاج إلى 2.9 مليار قدم مكعبة يوميا بحلول منتصف العام المقبل. ويعني ذلك أن مصر ستتحول حينها إلى مصدر للغاز رغم النمو السريع للطلب المحلي.