انشقاقات جديدة في حزب تقدم تعمق تشرذم الصوت السنّي

عضوان بارزان يتركان حزب "تقدم" وسط أنباء متضاربة عن انضمامهما لـ"تحالف العزم" في توقيت يعتبر حساسا بالنسبة للمكون السنّي.
الثلاثاء 2025/06/10
الانشقاقات تختبر قدرة الحلبوسي على اعادة ترميم الشروخ داخل حزبه

بغداد – أفادت تقارير إعلامية عراقية بانشقاق عضوين بارزين في حزب تقدم الذي يقوده رئيس البرلمان السابق محمد الحلبوسي وانضمامهما لتحالف العزم بقيادة خميس الخنجر، إلا أن أنباء أخرى نقلت العضوين المنشقين ظاهر العاصي ورعد الصالح نفيهما الالتحاق بتحالف العزم وتأكيدهما تأسيس كيان مستقل.

وسواء انضم العضوان لتحالف العزم أم لا، فإن الانشقاق عن "تقدم" في هذا التوقيت الذي تستعد فيه القوى السياسية لمعركة انتخابية تشريعية طاحنة، سيكون له تأثير حتمي على صوت المكون السنّي وسط تنافس بين عدد من الشخصيات الوازنة في المشهد السياسي العراقي.

وترك شخصيات مثل ظاهر العاصي ورعد الصالح حزب تقدم والتحاقهما بتحالف العزم، يحمل دلالات هامة أبرزها إضعاف حزب "تقدم" وتشتيت الصوت السني.

وسواء كان العاصي والصالح أعضاء في مجلس المحافظة أو شخصيات لها ثقلها السياسي، فإن انسحابهما من "تقدم" يعني فقدان الحزب لبعض من قوته وتأثيره، لا سيما في المناطق التي يمثلونها، مثل كركوك التي تُعد من المحافظات الحساسة سياسياً.

وتضاف هذه الانشقاقات إلى سلسلة الانشقاقات التي شهدها حزب "تقدم"، مما يعمق الانقسامات داخل البيت السنّي ويشتت جهوده السياسية ويجعل من الصعب عليه التحدث بصوت واحد أو تشكيل جبهة موحدة في البرلمان.

وقد تُفسر هذه الانشقاقات على أنها تآكل في شعبية محمد الحلبوسي وقدرته على السيطرة على حزبه، مما يضعف موقفه التفاوضي داخل الإطار السياسي العراقي.

واذا ثبت التحاق العضوين المنشقين بتحالف العزم، فإن ذلك سيعزز من قوة هذا التحالف ويزيد من نفوذه في الساحة السنّية، مما يجعله منافسا أقوى لحزب "تقدم" على زعامة المكون.

وقد يشير ذلك إلى أن تحالف "العزم" يمتلك جاذبية أكبر لبعض الشخصيات السنية التي تشعر بالتهميش أو عدم الرضا عن أداء "تقدم"، أو التي تبحث عن فرص سياسية جديدة.

تغيير الخارطة الانتخابية

ويمكن أن يؤثر هذا التحول على الخارطة الانتخابية المقبلة، حيث تتغير موازين القوى بين التحالفات السنية، مما يجعل السباق الانتخابي أكثر تنافسية. وستؤدي هذه الانشقاقات، سواء كانت نحو "العزم" أو نحو كيانات محلية مستقلة، إلى تشرذم التمثيل السني في البرلمان، مما يقلل من قدرة النواب السنة على تشكيل كتلة برلمانية قوية ومؤثرة تدافع عن مصالح المكون.

ومع تزايد عدد الكتل والتحالفات السنية، يصبح التوافق على مرشحين موحدين أو برنامج سياسي متفق عليه أكثر صعوبة، مما قد ينعكس سلبا على نتائج الانتخابات.

ويؤثر ضعف حزب "تقدم" وتزايد الانشقاقات على قدرة المكون السني على حسم ملف رئاسة البرلمان، مما يزيد من حالة الجمود السياسي ويؤخر تشكيل الحكومة.

وفي المقابل كلما ضعُف المكون السني وتشتت، زادت مساحة النفوذ للقوى الشيعية والكردية في اتخاذ القرارات السياسية، حيث يصبح من السهل التعامل مع كتل سنية متعددة بدلاً من كتلة موحدة وقوية.

ومن المتوقع أيضا أن تؤثر هذه الانقسامات على قدرة المكون السني على الضغط لتحقيق المطالب الأساسية لمناطقه، مثل إعادة الإعمار وتعويض المتضررين، وحل ملف النازحين.

وتشير هذه الانشقاقات كذلك إلى أن المشهد السياسي السني يشهد حالة من عدم الاستقرار والبحث عن قيادات وتمثيل جديد، مما يؤثر على قدرته على التأثير في العملية السياسية الكبرى.

ويشهد حزب "تقدم" انشقاقات متكررة، أبرزها انشقاق 11 نائبا في يونيو 2024 وتأسيسهم لكتلة "المبادرة". وهذه الانشقاقات تحمل دلالات متعددة على المشهد السياسي العراقي.

أزمة القيادة والتنافسات الداخلية

وتشير الانشقاقات إلى وجود ضعف في الهيكل التنظيمي لحزب تقدم وعدم القدرة على احتواء الخلافات الداخلية أو فرض الانضباط الحزبي. كما تعكس صراعًا على النفوذ داخل الحزب، حيث تسعى بعض الشخصيات إلى الحصول على مواقع قيادية أو تعزيز مكانتها السياسية.

وقد تكون هناك خلافات عميقة حول الرؤى السياسية أو الأولويات بين قيادات الحزب، مما يؤدي إلى عدم التوافق والانشقاق.

وبرر النواب المنشقون قرارهم بإنهاء في تلك الفترة بـ"حالة الجمود التي وصلت إليها الحياة السياسية، وعدم تمكن السلطة التشريعية من انتخاب رئيس جديد للبرلمان".

وتلمح بعض المصادر إلى أن الانشقاق قد يكون مرتبطا بـ "صفقة بين طرف شيعي متنفذ وقوى سنية معارضة"، مما يدل على تداخل الأطراف السياسية وتأثيرها على ديناميكيات الأحزاب.

وقد يرى بعض المنشقين أن الحزب الحالي لا يمثل تطلعات جمهورهم أو مصالحهم بشكل كافٍ، مما يدفعهم للبحث عن أطر سياسية جديدة.