انشغال عماني بوقوع انتهاكات في صفوف عاملات أفريقيات

مسقط - دفع تقرير نشرته منظمة للدفاع عن حقوق المهاجرين وسلط الضوء على انتهاكات خطيرة تتعرض لها العاملات السيراليونيات في سلطنة عمان، اللجنة العمانية لحقوق الإنسان إلى فتح تحقيق في الغرض، ما يعكس قلقا عمانيا حيال تداعيات مثل هذه التقارير على صورة السلطنة.
ونشرت منظمة “دو بولد” قبل أيام تحقيقا تضمن شهادات لـ621 عاملة سيراليونية مهاجرة يعملن في منازل بسلطنة عُمان تحدثن عن تجاوزات خطيرة تعرضن لها من قبيل عمليات اتجار وعنف واحتيال.
وتوصلت اللجنة العمانية لحقوق الإنسان وهي هيئة رسمية وتحظى باستقلالية إدارية ومالية، إلى صحة جزء كبير مما ما جاء في التقرير، مشيرة إلى أن العاملات يتحملن جانبا من المسؤولية حيال ما يحصل بسبب عدم لجوئهن إلى الجهات المعنية داخل السلطنة.

اللجنة العمانية لحقوق الإنسان تنفي تسجيل بلاغات من عمال عانوا وطأة العمل القسري
وقالت اللجنة في بيان لها نشرته وكالة الأنباء العمانية الرسمية الثلاثاء “يتم خداع العاملات من هذه الدول وغيرها من قبل مكاتب التوظيف واستقدام العمالة المنزلية في بلدانهن، وذلك من خلال التحايل عليهن وإقناعهن بشأن طبيعة الوظائف المعروضة، والراتب الشهري، ومكان الإقامة، قبل سفرهن إلى أية جهة خارج بلدانهن، مما حدا ببعضهن للهرب من أصحاب عملهن بعد اكتشافهن عدم دقة وأمانة ما تم إبلاغهن به من قبل مكاتب استقدام العمالة في بلدانهن”.
وأشارت اللجنة إلى أنه “لضمان حقوق العاملات المشار إليهن وغيرهن في مثل هذه الظروف كان الأحرى بهن إيصال شكواهن إلى الجهات المعنية في سلطنة عُمان ومتابعتها وفق القوانين والإجراءات المعمول بها، كما كان يمكن لهن إبلاغ السلطات المختصة بالمطار برفض السفر إلى بلدانهن إذا قرر مكتب الاستقدام تسفيرهن بشرط أن لديهن ما يثبت عدم حصولهن على حقوقهن أو تعرّضهن لأي إساءة وهو ما يكفله لهن القانون”.
ولفتت إلى أن “القضاء والجهات المختصة في سلطنة عُمان يتعاملان مع قضايا الاعتداء الجسدي والجنسي والإساءة اللفظية بموجب أحكام قانون الجزاء العُماني، الذي يقضي بمعاقبة الجاني كما ورد في القانون العُماني دون تمييز، مع التأكيد على المعاملة الإنسانية اللائقة التي تحفظ كرامة العامل وصون حقوقه”.
وبينت اللجنة في ما يتعلق بالأجور المنخفضة التي تحدثت عنها التقارير “أن الأجور يتم تحديدها بناءً على اتفاق عقد العمل المبرم بين صاحب العمل وعاملة المنزل عن طريق مكاتب استقدام العمالة، وحسب رضا وتوافق الطرفين”.
وحول موضوع مُصادرة جوازات سفر عاملات المنازل، وبموجب القوانين المعمول بها في سلطنة عُمان، فإنه “لا يجوز استحواذ صاحب العمل على جواز سفر العامل دون موافقته”، حيث نصّ التعميم الصادر من وزارة العمل في عام 2006 بأنه “لا يحق لصاحب العمل الاحتفاظ بجوازات سفر العمال دون موافقتهم أو دون إذن من المحكمة”، وهذا يؤكد ضمان حق العمال في الاحتفاظ بجوازات سفرهم، وفي حالة أي تجاوز حول ذلك يمكن للعمال اللجوء إلى السلطات المختصة ومنها وزارة العمل، وشرطة عُمان السلطانية.
وأعادت اللجنة العُمانية لحقوق الإنسان التذكير بـ”قرار وزارة العمل رقم (189/2004) الصادر في شأن قواعد وشروط العمل الخاصة بالمستخدمين داخل المنازل، والذي نصّ على ضرورة أن يكون العقد المُنظم للعلاقة مكتوبًا، وذلك للتوثيق والإثبات وأن يتضمن جميع الحقوق والالتزامات المُتبادلة بين الطرفين، كالراتب الشهري والإجازات والتغذية، وفي حالة أي إخلال بذلك يمكن للعامل أو العاملة اللجوء إلى الجهات المختصة”.
وبيّنت اللجنة في بيانها أن “القرار يُلزم صاحب العمل بتوفير المأكل والمسكن والرعاية الصحية المجانية للعامل، وتذاكر السفر للعودة إلى بلده عند انتهاء علاقة العمل وحصول العمالة المنزلية على فترات راحة من العمل خلال اليوم وفترة راحة شهرية وفق ما ينصّ عليه عقد العمل”.
اللجنة تختم تقريرها بأنه لا يمكنها الجزم بعدم حدوث تجاوزات قانونية أو إنسانية تجاه العاملات أو غيرهن أحيانًا
وكانت المنظمة الحقوقية ذكرت بأن 60 في المئة من العاملات اللاتي قدمن شهادتهن لم يحصلن على رواتبهنّ كاملة، وأن 57 في المئة منهن تعرّضن لأشكال عنف جسدي ونحو 27 في المئة لعنف جنسي. وقالت “دو بولد” إن “الأغلبية الساحقة” من العاملات عانين من ظروف عمل تشبه ظروف العمل القسري.
ونفت اللجنة العمانية تسجيل شكاوى أو بلاغات من عمال وقعوا تحت وطأة العمل القسري الذي يحظره القانون العماني.
ولفت البيان إلى أنه “يحق لكل عامل أن يُسجل بلاغه أو شكواه بالحضور المباشر إلى وزارة العمل أو لجنة التوفيق والمصالحة بالوزارة، وفي حالة عدم تسوية الشكوى خلال أسبوعين في دوائر الرعاية العمالية أو لجنة التوفيق والمصالحة أو امتناع أي من الطرفين عن تنفيذها، يتعين على الدائرة المختصة إحالة الموضوع إلى المحكمة المختصة (الدائرة العمالية) خلال مدة لا تتجاوز أسبوعين من تاريخ انتهاء المدة المذكورة”.
وأضافت اللجنة أن “منظومة عمل متابعة مكافحة الاتجار بالبشر في سلطنة عُمان تتضمن وجود إجراءات استجابة سريعة من قبل شرطة عُمان السلطانية ولجنة مكافحة الاتجار بالبشر، إضافة إلى وجود جهات تقدم الحماية والإعاشة والخدمات الصحية والمساعدة القانونية، كما يوجد خط اتصال مجاني لتلقي البلاغات لمثل هذه القضايا على مدار الساعة”.
وختمت اللجنة تقريرها بأنه لا يمكنها الجزم بعدم حدوث تجاوزات قانونية أو إنسانية تجاه العاملات أو غيرهن أحيانًا، كما هو الحال في معظم دول العالم، وذلك نتيجة التعامل والتفاعل اليومي بين البشر في ميادين العمل ومناحي الحياة المختلفة مما ينتج عنه التجاوز والتعدي على الحقوق بين العامل وصاحب العمل.
وتستقطب عُمان مئات الآلاف من العمالة الوافدة من آسيا وأفريقيا، حيث يمثل هؤلاء نحو 67 في المئة من مجمل اليد العاملة في السلطنة، وبحسب آخر الإحصائيات، فإن 283 ألفاً و567 يعملون في القطاع العائلي.