انشغال الغرب بأوكرانيا يضع غرب أفريقيا في مواجهة مباشرة مع داعش

الانسحاب الفرنسي من المنطقة قاد إلى زيادة نشاط الجهاديين، حيث لم تفلح الإمكانيات المحدودة للبلدين في وقف الهجمات الإرهابية.
السبت 2023/04/29
إمكانيات محلية محدودة

واغادوغو– تستفيد التيارات المتشددة في تمددها في الساحل والصحراء من الفراغ الذي تركه الاهتمام الغربي بأوكرانيا وضخ الكثير من الأسلحة في هذه الحرب، وهو ما جعل دول غرب أفريقيا في مواجهة غير متكافئة مع جماعات متدربة ومجهزة بأسلحة متطورة وذات خبرات ميدانية مثل داعش.

ولا يكاد يمر أسبوع دون أن ينفذ الجهاديون هجوما دمويا في إحدى دول المنطقة، وآخرها هجوم في قرية شمال بوركينا فاسو نفّذه مسلّحون يرتدون زي الجيش الوطني الأسبوع الماضي ما أدى إلى مقتل 136 مدنياً، وفق ما وثّقت منظمة محلية للدفاع عن حقوق الإنسان الجمعة.

وقاد الانسحاب الفرنسي من المنطقة، خاصة من بوركينا فاسو ومالي بسبب خلافات سياسية، إلى زيادة نشاط الجهاديين، حيث لم تفلح الإمكانيات المحدودة للبلدين في وقف هجمات المتشددين، كما أن الرهان على دور قوات فاغنر الروسية غير النظامية لم يفض إلى نتائج إلى حد الآن في ظل استهداف غربي لها والمساواة في الخطر بينها وبين الجهاديين.

الغرب بعث كل خزينه إلى أوكرانيا من أسلحة وعتاد، والجيوش الغربية الآن لديها سلاح وعتاد الصدمة الأولى دون احتياط

وأظهرت الولايات المتحدة رغبة في تغطية الفراغ الذي تركته فرنسا، لكن هذه الرغبة ما تزال على مستوى التصريحات والحديث عن الخطط بعيدة المدى من دون الدفع بقوات أميركية إلى المنطقة ولا الاستعانة بقدرات عسكرية واستخبارية متطورة تردع الجهاديين.

وكانت نائبة الرئيس الأميركي كامالا هاريس زارت غانا الشهر الماضي في إطار حملة للولايات المتحدة للتقدم في أفريقيا. وقد أعلنت عن تقديم مئة مليون دولار على مدى عشر سنوات لتعزيز الصمود في منطقة غرب أفريقيا الساحلية.

كما يدرس المسؤولون في وزارة الخارجية منح تمويل إضافي بما في ذلك من ميزانية مكافحة الإرهاب.

لكن هذه المشاريع ستظل مؤجلة في ظل تركيز الولايات المتحدة على أوكرانيا وإرسالها كميات كبيرة من الأسلحة في وقت تقول فيه تقارير مختلفة إن الغرب بعث كل خزينه إلى أوكرانيا من أسلحة وعتاد، وإن الجيوش الغربية الآن لديها سلاح وعتاد الصدمة الأولى من دون احتياط يذكر فيما لو اتخذت الحرب أبعادا أخرى، أو نشأت حرب مفاجئة في منطقة أخرى ذات حساسية بالغة مثلما هو الأمر في شرق آسيا.

وذكرت صحيفة إسرائيلية نقلاً عن مصادر عسكرية أنّ “الذخائر في مخازن الطوارئ الأميركية في إسرائيل تتناقص ومن غير المعلوم متى تُجدّد”.

وأضافت أنّ “جزءًا من الذخائر المحفوظة في إسرائيل على مرّ السنين نُقلت إلى أوكرانيا من أجل مساعدتها في الحرب ضد الروس”، مشيرةً إلى أنه “طوال السنوات الماضية كان هناك تفاهم ضمني بين الولايات المتحدة وإسرائيل، وبحسبه فإنّ وضع المخازن في إسرائيل يهدف إلى مساعدتها في حال وقعت في حالة طوارئ”.

وفي ظل التركيز الكلي على حرب أوكرانيا، لم يبق من خيار للغرب سوى الاعتماد على دول شمال أفريقيا للحيلولة دون تمدد داعش إلى شواطئ المتوسط، وهو أمر وارد، خاصة إذا استمر الصمت تجاه ما يقول به من سيطرة ميدانية في غرب القارة.

هه

وتشهد بوركينا فاسو، الدولة الواقعة في غرب أفريقيا وحيث حصل انقلابان عسكريان عام 2022، تمرداً جهادياً منذ العام 2015 امتد إليها من مالي المجاورة والنيجر.

وأودت أعمال العنف بحياة أكثر من عشرة آلاف شخص خلال السنوات السبع الماضية، من مدنيين وجنود، وفق منظمات غير حكومية، وتسبّبت بنزوح نحو مليوني شخص.

وتعرضت قرى في بوركينا فاسو لاستهداف من المهاجمين أنفسهم، ما أوقع 11 قتيلاً في ثلاثة أماكن أخرى، وفق تجمع حقوقي محلي.

11

قتيلاً حصيلة هجمات إرهابية في 3 قرى مختلفة، وفق تجمع حقوقي محلي

وأوضح رئيس التجمّع داودا ديالو أن المهاجمين في كارما “جمّعوا المدنيين بالعشرات ووفق الأحياء، مع الحرص على تكليف مسلحين لكل مجموعة والإيعاز إليهم بـ’اقتلوا الجميع'”.

ووقعت المجزرة بعد هجوم شنّه مسلّحون يُشتبه بأنهم جهاديون منتصف الشهر الحالي، قتل خلاله ستة من الجنود و34 من المعاونين المدنيين في الجيش في محيط قرية في المنطقة ذاتها.

وذكر ديالو أنّ “شهادات الناجين تشير إلى أنّ المهاجمين اتهموا سكان قرية كارما بإيواء عناصر من المجموعات الجهادية”.

وندّد التجمّع بشدة بـ”المجزرة الأخيرة”، مذكراً بسلسلة من الوفيات المنسوبة إلى جنود ومتعاونين معهم في حربهم ضد المجموعات الجهادية المسلحة.

وطالب ديالو بـ”تحقيق قضائي كامل ونزيه في هذه الجرائم المروعة بحقّ المدنيين، من أجل مثول كل المسؤولين عنها ومن يقف خلفها أمام العدالة”.

وشدّد على أن “الإفلات من العقاب يفتح الطريق أمام كل الانتهاكات المحتملة، والتي يمكن أن تراوح بين تصفية حسابات ومذابح واسعة النطاق”.

وندّدت الحكومة الخميس بشدّة بهذه “الأعمال الدنيئة والهمجيّة”، وقالت إنها تواكب “عن كثب سير التحقيق” الذي فتحه المدعي العام للمحكمة العليا في واهيغويا لامين كابوري من أجل “توضيح” الحقائق، و”استدعاء جميع الأشخاص المعنيين”.

1