انشغال الأردنيين بالوضع المعيشي يزيد الشائعات الاقتصادية

عمان - سجل مرصد مصداقية الإعلام الأردني (أكيد) تراجع الشائعات السياسية إلى المركز الثاني لصالح الشائعات الاقتصادية التي ترتبط بانشغالات المواطنين واهتمامات الرأي العام، رغم محاولات الحكومة مكافحتها بعدة إجراءات.
وصدرت 94 شائعة وانتشرت بين جمهور المتلقين خلال مارس الماضي، ووصلت إليهم عن طريق وسائل إعلام محلية أو خارجية، ومنصات التواصل الاجتماعي.
وقال المرصد في تقريره الشهري الذي أصدره الأربعاء، إنه يعتمد في رصده للشائعات على منهجية كمية ونوعية وفق تعريف الإشاعة بأنها “المعلومات أو الأخبار غير الصحيحة أو غير الدقيقة، المرتبطة بشأن عام أردني أو بمصالح أردنية، والتي وصلت إلى أكثر من 5 آلاف شخص تقريبا، عبر وسائل الإعلام الرقمي، سواء نفيت رسميا أو من الجهة ذات العلاقة أم لا.”
وبين أن عدد الشائعات التي جرى نفيها خلال الشهر الماضي بلغ 22 شائعة من أصل 94 شائعة، مسجلة بذلك زيادة بمقدار 7 شائعات، مقارنة بالشائعات التي نفيت خلال فبراير الماضي، والتي بلغت 15 شائعة.
22
شائعة من أصل 94 شائعة تم نفيها الشهر الماضي، وذلك بزيادة بمقدار 7 شائعات، مقارنة بالشائعات التي نفيت خلال فبراير الماضي
وأشار إلى تراجع الشائعات السياسية إلى المرتبة الثانية في مارس بعد أن احتلت وعلى مدى أشهر عديدة المرتبة الأولى، حيث سجلت الشائعات السياسية 26 شائعة بنسبة 28 في المئة، متراجعة بما مقداره 17 شائعة عن إشاعات المجال السياسي في فبراير الماضي التي سجلت 43 شائعة.
وتشتكي السلطات الأردنية من الانتشار الهائل للشائعات وتأثيرها على تشكيل الرأي العام والسلم الأهلي، كما تشتكي من حملات التشكيك التي ترافق أي دور تقوم به، وتطالب وسائل الإعلام بالتصدي لتلك المحاولات والحرص والعمل على مراقبة ومتابعة الإشاعات والمحتوى الذي يبث عبر مواقع التواصل للتقليل من شأن الجهود الأردنية، غير أن هناك من يقول إن قيام الإعلام الأردني بدور فاعل يتطلب هامشا من الحريات أكبر مما هو متاح حاليا.
ويقول مراقبون إن “الخطير في هذه الإشاعات أن أغلبها يُعتبر من الإشاعات العنيدة وتعني أن إشاعة مّا تبقى مستمرة وتمتد دورة حياتها طويلا رغم نفيها أكثر من مرة ورغم إثبات عدم صحتها، إذ تبقى مزروعة في أذهان الأردنيين على أنها حقائق؛ ولا يحصل نفي الإشاعة على صدى كبير كما تحصل عليه الإشاعة نفسها، ولا يتم تعديل الصورة الكاذبة التي صدقها الرأي العام منذ البداية، فتعمل هذه الأكاذيب على الصعود في بناء تراكمي من المعلومات المغلوطة، والتي تكون محركا للمواطنين لتأزيمِ الوضع في الدولة.”
ويسود اعتقاد عند قطاع كبير من مسؤولي الدولة بأن هذه الإشاعات “مبرمجة” وتستهدف تقويض وإضعاف الدولة الأردنية، وهناك قناعة راسخة بأن الإشاعات تندرج ضمن أجندة لزعزعة الاستقرار في البلد.
وقال المرصد إن صعودا حادا في عدد الشائعات الاقتصادية، التي قفزت من المرتبة الخامسة في فبراير إلى الأولى في مارس، مسجلة 29 شائعة بزيادة مقدارها 20 شائعة، بنسبة 31 في المئة، وقد جاءت هذه الزيادة بسبب مواضيع أثارت الرأي العام، تتعلق بمخزون الذهب في البنك المركزي، والدعم المالي الذي قدمته البنوك لقطاع التعليم والصحة، إضافة إلى الحديث عن تأجيل القروض.
وأكد المرصد، أن رواد مواقع التواصل الاجتماعي تداولوا معلومات غير دقيقة تتعلق بفواتير الكهرباء لشهر مارس، إضافة إلى معلومات بلا مصدر موثوق تتناول القطاع الزراعي ومدى توفر مادة الشعير.
ولفت إلى أنه وبتصنيف الشائعات بحسب المجال؛ فإن الشائعات الاقتصادية تبوأت المرتبة الأولى في مارس، تلتها السياسية، ثم الاجتماعية في المرتبة الثالثة، حيث سجلت 20 شائعة، وبنسبة بلغت 21 في المئة، ثم الشائعات الأمنية في المرتبة الرابعة، والتي سجلت 17 شائعة ونسبة 18 في المئة، ثم تلتها شائعات الشأن العام بشائعتين ونسبة 2 في المئة، فيما لم يسجل المجال الصحي أي شائعة.
يسود اعتقاد عند قطاع كبير من مسؤولي الدولة بأن هذه الإشاعات "مبرمجة" وتستهدف تقويض وإضعاف الدولة الأردنية
وأوضح أن عملية الرصد تتبعت مصدر الشائعات المنتشرة عبر وسائل الإعلام، ومنصات النشر العلنية لاسيما شبكات التواصل الاجتماعي، فتبين لدى تصنيف الشائعات بحسب مصدرها، أن حصة المصادر الداخلية، سواء كانت تواصلا اجتماعيا أو مواقع إخبارية، بلغت 86 شائعة من مجمل حجم الشائعات لشهر مارس بنسبة بلغت 91 في المئة، وسجلت ثماني شائعات من مصادر خارجية بنسبة 9 في المئة.
وأشار إلى أنه ولدى تصنيف الشائعات بحسب وسيلة النشر، وجد أن 82 شائعة، بنسبة 87 في المئة، كان مصدرها وسائل التواصل الاجتماعي، فيما أطلقت وسائل إعلام 12 شائعة بنسبة بلغت 13 في المئة.
وأكد المرصد أن القاعدة الأساسية في التعامل مع المحتوى الذي ينتجه مستخدمو مواقع التواصل الاجتماعي هي عدم إعادة النشر إلا في حال التحقق من مصدر موثوق، وأن الاعتماد على مستخدمي هذه المواقع كمصدر للأخبار دون الأخذ بالاعتبار دقة المحتوى من عدمه يتسبب بنشر الكثير من الأخبار غير الصحيحة والبعيدة عن الدقة، وبالتالي ترويج الشائعات وانتشار المعلومات المضللة والخاطئة.
وطور المرصد مجموعة من المبادئ الأساسية للتحقق من المحتوى الذي ينتجه المستخدمون، بصرف النظر عن نوع المحتوى، إن كان مرئيا أو مكتوبا، أو مسموعا أو مقروءا، التي توضح ضرورة طرح مجموعة من الأسئلة قبل اتخاذ قرار نشر المحتوى المنتج، وعادة ما تزدهر الشائعات في الظروف غير الطبيعية، مثل أوقات الأزمات، والحروب، والكوارث الطبيعية، وغيرها، وهذا لا يعني “عدم انتشارها” في الظروف العادية.
وأكد أنه يتم ترويج الشائعات بشكل ملحوظ في بيئات اجتماعية، أو سياسية، أو ثقافية دون أخرى، ويعتمد انتشارها على مستوى غموضها، وحجم تأثير موضوعها، ومدى حصول المتلقين على تربية إعلامية صحيحة وسليمة.
وينشر المرصد على موقعه الإلكتروني تقارير للتحقق من المعلومات المضللة والخاطئة التي تنتشر في وسائل الإعلام، في مسعى لرفع الوعي بخطورة انتشار هذه المعلومات غير الصحيحة وبتأثيرها السلبي على المجتمع.