انسداد الآفاق يُغرق اقتصاد أفغانستان في أزمات عميقة

تزايد معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي وتباطؤ النمو مخاطر تهدد البلاد.
الخميس 2023/04/20
تكلفة إقصاء النساء باهظة

تسود حالة من الإحباط الممزوج بالقلق بين الخبراء جراء الانهيار السريع للاقتصاد الأفغاني الذي يغرق في أزمات الفقر وقلة فرص العمل وإقصاء المرأة من المشاركة في بناء التنمية في ظل إدارة تفتقد إلى المنطق وتزيد سياساتها من انسداد الآفاق.

كابول - تختزل المؤشرات حول تسارع تآكل الاقتصاد الأفغاني بعد أكثر من عام ونصف العام من سيطرة حركة طالبان على الحكم حجم التحديات التي تعترض الناس وسط محاولات خارجية يائسة لمعالجة الوضع قليلا أو التخفيف من حدته.

ويتفق المحللون والخبراء على أن البلاد تواجه ثلاثة مخاطر تهدد مستقبل اقتصادها العليل وهي تزايد معدلات الفقر وانعدام الأمن الغذائي وتباطؤ النمو.

وأظهرت نتائج أحدث الدراسات لاقتصاد أفغانستان أنه بدون استمرار تعليم الفتيات واستعادة حق المرأة في العمل ستبقى آفاق التعافي في أفغانستان قاتمة.

وتوضح مخرجات تقرير “الآفاق الاجتماعية والاقتصادية لأفغانستان لعام 2023” الذي أصدره برنامج الأمم المتحدة الإنمائي الثلاثاء الماضي انهيار الناتج المحلي الإجمالي بنسبة 20.7 في المئة بعد سيطرة طالبان في 2021 مما أبقى البلد ضمن لائحة أفقر دول العالم.

عبدالله الدردري: خفض المساعدات في 2023 يفاقم التحديات أمام الأفغان
عبدالله الدردري: خفض المساعدات في 2023 يفاقم التحديات أمام الأفغان

ورغم وجود علامات انتعاش اقتصادي خلال العام الماضي، مثل استقرار سعر الصرف وازدياد الصادرات وارتفاع الطلب على العمالة وانخفاض معدلات التضخم، تشير التقديرات إلى أن النمو الاقتصادي قد انخفض بنسبة 3.6 في المئة.

وقال الممثل المقيم للبرنامج في أفغانستان عبدالله الدردري "لقد ساهم استمرار تدفق المساعدات الخارجية والتي بلغت 3.7 مليار دولار في عام 2022 في تجنب الانهيار الكامل لأفغانستان".

وساهمت الأمم المتحدة بمبلغ 3.2 مليار دولار من إجمالي المبلغ المرصود من المساعدات الخارجية لأفغانستان العام الماضي.

ووصلت مساعدات الأمم المتحدة بشكل أو بآخر مباشرة إلى 26.1 مليون أفغاني وساهمت في استقرار سعر الصرف وكبح التضخم والتأثير المباشر على المؤشرات الاقتصادية الأخرى.

ولكن ما يعيق البلاد هو أن لديها أموالا مجمدة في الخارج حيث تبلغ قيمة الأصول الأفغانية العالقة على مستوى بنك التسويات الدولية 3.5 مليارات دولار، أي نصف المبلغ المجمد البالغ حوالي سبعة مليارات دولار منذ استعادة طالبان السيطرة على السلطة.

ومع ذلك يتوقع تقرير البرنامج الإنمائي أن يرتفع الناتج المحلي الإجمالي لعام 2023 بنسبة 1.3 في المئة إذا بقي مستوى المساعدات الخارجية عند مستوى 3.7 مليار دولار.

وهذا يعني أن آفاق الانتعاش الاقتصادي ضعيفة وغير كافية على المدى الطويل خاصة إذا تم إيقاف أو تخفيض المساعدات الخارجية نتيجة لسياسات طالبان التقييدية على المرأة في أفغانستان.

ورجح تحليل سابق للبرنامج أن يؤدي تقييد عمل المرأة إلى خسارة اقتصادية تصل إلى مليار دولار أو ما يصل إلى خمسة في المئة من الناتج المحلي الإجمالي للبلد.

وقالت كاني ويغناراجا المدير الإقليمي للبرنامج لمنطقة آسيا والمحيط الهادئ "لن يكون هناك انتعاش مستدام بدون المشاركة الفاعلة للمرأة الأفغانية في الاقتصاد والحياة العامة".

وأوضحت أن هذه المشاركة تشمل العمل ضمن المشاريع الإنسانية الموفرة لسبل عيش شريحة واسعة من الأفغان.

وأشارت إلى أن "الاستمرارية الكاملة لتعليم الفتيات وتمكين المرأة على متابعة العمل والتعلم هو ما يبقي أملا حقيقيا في ظهور تقدم وتنمية في أفغانستان".

ويدرس التقرير التأثير المحتمل لخفض افتراضي للمساعدات الدولية على الاقتصاد الأفغاني ويبني على سيناريو محتمل متمثل بخفض المساعدات الدولية بنسبة 30 في المئة من 3.7 مليار دولار إلى 2.6 مليار دولار.

كسب زراعي شحيح
كسب زراعي شحيح 

وتشير مخرجات التقرير إلى أن عدد الأشخاص الذين يعيشون تحت معدل الفقر ارتفع من 19 مليونا في عام 2020 إلى 34 مليونا في عام 2022 من بين 40.7 مليون نسمة هم تعداد سكان البلاد.

ويتوقع برنامج الأمم المتحدة الإنمائي نتيجة ذلك أن ينكمش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 0.4 في المئة في العام الحالي. وهذا "الانخفاض، في حال حصل، فسيدفع بالبلاد إلى قاع مؤشرات الفقر العالمية".

وجاء في التقرير أن الأفغان الفقراء يتخذون إجراءات صارمة للبقاء على قيد الحياة، فقد أُجبر البعض على بيع منازلهم أو أراضيهم أو أصولهم المدرة للدخل ولجأ آخرون إلى التماس حلول مؤلمة مثل تحويل أفراد أسرهم إلى سلعة وتحويل الأطفال إلى عمال وتحويل الفتيات الصغيرات إلى عرائس لزواج مبكر.

       مؤشرات سلبية

  • 520 دولارا متوسط دخل الفرد سنويا وفق البنك الدولي
  • 173 ترتيب البلد على مؤشر سهولة الأعمال بين 180 بلدا
  • 34 مليون فقير من بين 40.7 مليون نسمة هم تعداد السكان
  • 20.7 في المئة انكماش الاقتصاد منذ عودة طالبان في 2021
  • 7 مليارات دولار أموال مجمدة نصفها لدى بنك التسويات الدولي
  • 5 في المئة خسائر الاقتصاد بسبب تقييد مشاركة المرأة

وقال مدير البرنامج أكيم شتاينر إن البلد "كان على شفا انهيار اقتصادي وتفاقم هذا الخطر بعد استيلاء حركة طالبان على السلطة في أغسطس 2021 في أفغانستان التي كانت تعاني أصلا من تداعيات الجائحة التي تسببت في انكماش اقتصادي".

وأكد أن الجفاف الشديد غير المسبوق أدى إلى فقدان الغذاء وسبل العيش والوصول إلى الخدمات الأساسية لنسبة كبيرة من الأسر.

وحال استمرار البرنامج في تقديم المساعدات الدولية والخدمات الأساسية لملايين من الأفغان دون الانهيار الكامل للبلاد، ولكن الدردري قال إنه “إذا تم تخفيض المساعدات الدولية لهذا العام فقد تسقط أفغانستان التي تقف على حافة الهاوية إلى قعر هاوية الفقر".

والبلد الذي عانى من صراعات لعقود طويلة من أفقر دول العالم بمتوسط دخل للفرد 520 دولارا سنويا أي أقل من 1.5 دولار يوميا ولا يتخلف عنه سوى بلدين في العالم هما مدغشقر بمتوسط دخل للفرد يبلغ 480 دولارا سنويا وموزمبيق بنحو 460 دولار سنويا.

وتعد أفغانستان على رأس الاقتصادات الهشة في العالم، وتعتمد بشكل كبير على المساعدات الخارجية، ويسيطر القطاع العام والحكومة على النشاط الاقتصادي.

ويأتي النشاط الزراعي في صدارة هيكل الاقتصاد بنصيب يبلغ 27 في المئة من إجمالي الناتج المحلي، وتراجع نصيب الصناعات التحويلية إلى 12 في المئة، ومن ثم تتركز 44 في المئة من العمالة في قطاع الزراعة ذي الإنتاجية المنخفضة، وفق البنك الدولي.

كما يعاني القطاع الخاص من مشاكل انعدام الأمن وعدم الاستقرار السياسي وضعف المؤسسات والبنية التحتية، فضلا عن انتشار الفساد وسوء بيئة الأعمال وصعوبتها.

وكان البنك الدولي قد صنف البلد ضمن المركز 173 من بين 190 دولة في آخر تقارير سهولة ممارسة الأعمال الصادر في 2020.

نحتاج سيولة أكبر للنهوض من هذا الركود
نحتاج سيولة أكبر للنهوض من هذا الركود

10