انسحابات اللحظات الأخيرة تؤجل الحوار السياسي في موريتانيا

نواكشوط - أعلن الوزير الأمين العام للرئاسة الموريتانية يحيى ولد أحمد الوقف مساء الأربعاء تعليق الحوار مع الأحزاب السياسية، الذي بدأت جلساته التحضيرية في أكتوبر الماضي، حتى إشعار آخر، بسبب انسحاب بعض الأطراف السياسية من المعارضة.
وقال الوزير في مؤتمر صحافي بنواكشوط إن اللجنة التي شكلها رئيس الجمهورية محمد ولد الشيخ الغزواني بطلب من الأحزاب لمواكبة العملية، وبعد تقييم للأوضاع الحالية ومواقف بعض القوى السياسية، وحفاظا على جو التهدئة بالبلد، رأت أن اللحظة تتطلب تعليق العملية بالكامل لأن الظروف الحالية غير مواتية للتشاور أو الحوار بين الأطراف السياسية بالبلاد.
وأضاف ولد الوقف الذي يرأس اللجنة التحضيرية للحوار، أن قرار التعليق جاء بسبب "مصاعب واجهت جلسات التحضير، إثر انسحاب بعض الأطراف السياسية من المعارضة المشاركة في التشاور الوطني (الحوار)".
وأوضح ولد الوقف أن "تعليق التشاور لا يعنى إلغاءه، وإنما إعادة الكرة إلى الطيف السياسي للاتفاق على مسار شامل يشمل جميع الأطراف، دون استثناء، لتظل التهدئة السياسية قائمة بين جميع الأطراف وأن لا يتم إقصاء أي طرف".
وشدد على أن "النظام الحاكم يسعى إلى توحيد المعارضة وجعلها طرفا فاعلا في العملية السياسية".
وكان التحضير للتشاور اقترب من نهايته، وكان سيناقش مواضيع المسار الديمقراطي والانتخابات والفساد والعبودية وانتهاكات حقوق الإنسان والحريات والوحدة الوطنية.
وقال الناطق الرسمي باسم الحكومة الموريتانية محمد ماء العينين ولد أييه، "إن الرئيس الموريتاني أكد أنه سيدعم أي حوار تشارك فيه الأطياف السياسية".
وأضاف خلال مؤتمر صحافي مساء الأربعاء أن الرئيس الموريتاني "يريد من الحوار أن يكون شاملا ولا يستثني أي موضوع ولا يقصي أي جهة".
وكانت الأطراف السياسية المشاركة في التحضير للحوار، اتفقت على تحديد 280 شخصا كممثلين للأحزاب السياسية و320 لهيئات ومؤسسات المجتمع المدني، وإقرار تسع ورشات وثلاثة محاور تتألف من مواضيع فرعية، ولجنة للتوجيه وأخرى للإعلام والصحافة ولجنة للسكرتيريا.
وخلال الأيام الأخيرة أعلنت عدة جهات من المعارضة انسحابها من جلسات التحضير للحوار، وعدم مشاركتها فيه، من بينها كتلة التناوب الديمقراطي، وحزب التحالف الشعبي، الممثلان في البرلمان، بالإضافة إلى حزب المستقبل.
ومنذ وصول ولد الشيخ الغزواني إلى الحكم في موريتانيا منتصف 2019، نجح في تهدئة الأجواء السياسية في البلاد، وأقام علاقة جيدة مع قادة أحزاب المعارضة، وأصبح يعقد معهم لقاءات دورية، على خلاف ما كان عليه الحال في عهد سلفه محمد ولد عبدالعزيز، الذي قاطع المعارضة طيلة عشر سنوات من الحكم (2009 – 2019).
وظلت المعارضة تطلب من ولد الغزواني تنظيم حوار سياسي، لكنه رفض في البداية، مؤكدا أنه يتشاور مع قادة أحزابها بشكل دوري، ولا حاجة إلى حوار لأن البلد لا يعاني من أزمة سياسية، غير أنه أمام إلحاح المعارضة وافق على تنظيم ما سماه "تشاورا وطنيا".
لكن هذا التشاور ظل يراوح مكانه، حتى إن بعض أحزاب المعارضة شككت في جدية ولد الغزواني، بينما قال حزب الاتحاد من أجل الجمهورية الحاكم إن سبب تأخر انطلاق التشاور هو الخلافات الداخلية في المعارضة.
وجاء استئناف جلسات التحضير للتشاور، التي تم تعليقها إلى أجل غير مسمى، بعد تعيين حكومة جديدة، وقلق رسمي موريتاني من موجة غلاء وارتفاع في الأسعار، قد تكون لها تداعيات اجتماعية وسياسية.