انزعاج الجزائر من دور روسيا في مالي يظهر خلال تلاسن جديد في مجلس الأمن

تصريح ممثل الجزائر لدى الأمم المتحدة يعكس مدى انزعاج الجزائر من الدور الذي تلعبه قوات فاغنر في منطقة الساحل.
الجمعة 2024/08/30
توتر جزائري مكشوف

الجزائر - عاد التلاسن الدبلوماسي بين الجزائر وروسيا داخل أروقة الأمم المتحدة، بعد مقتل مدنيين أزواديين على يد الجيش المالي المدعوم عسكريا ولوجيستيا من طرف روسيا وبمشاركة تركيا، الأمر الذي يعمق الخلاف بين موسكو والجزائر التي تعمل على مضاعفة دورها داخل مجلس الأمن من أجل حماية السكان المدنيين في شمال مالي.

وأكد ممثل الجزائر الدائم لدى الأمم المتحدة عمار بن جامع أن المنطقة تواجه تحديات جديدة تهدد استقرار دولها، وأن استخدام البعض لجيوش خاصة تعمل خارج نطاق المساءلة الدولية يؤدي إلى تدهور الأوضاع العامة، وهي رسالة تعتبر تصعيدا جزائريا غير مسبوق تجاه حليفتها التاريخية والإستراتيجية روسيا، على خلفية الدور الذي باتت تلعبه مجموعة فاغنر الروسية في المنطقة.

وقال بن جامع، في تصريح أدلى به، إن “هذا النوع من القوات مثل المرتزقة، يمكن أن يؤدي إلى تصعيد خطير للأزمات في المنطقة، دون تسجيل عواقب قانونية على تلك الأطراف”.

ويعكس تصريح ممثل الجزائر لدى الأمم المتحدة مدى انزعاج الجزائر من الدور الذي باتت تلعبه قوات فاغنر في منطقة الساحل، لاسيما دعمها لجيوش حكومتيْ مالي والنيجر في ملاحقة المكون الأزوادي، فضلا عن مساهمتها في الانقلابات العسكرية التي نفذت ضد السلطات المنتخبة، وأفرزت قيادات جديدة أبدت رغبتها في صناعة تحالفات إستراتيجية جديدة بالمنطقة.

وعبر الدبلوماسي الجزائري عن انزعاج بلاده الشديد من العمليات العسكرية الأخيرة التي تمت بدعم من قوات فاغنر، وبواسطة سلاح الطيران التركي، والتي يزعم الانفصاليون أنها أودت بحياة أكثر من 20 مدنيا بالقرب من الحدود الجزائرية.

◙ التلاسن الدبلوماسي يعمق الخلاف بين موسكو والجزائر التي تعمل على مضاعفة دورها داخل مجلس الأمن من أجل حماية السكان المدنيين في شمال مالي

ومنذ الهزيمة العسكرية التي تلقاها الجيش المالي وعناصر فاغنر خلال الأسابيع الماضية في منطقة تين زواتين المالية، على يد الفصائل الانفصالية، تسعى وحدات عسكرية مشتركة مدعومة بالطائرات المسيرة التركية إلى ملاحقة الفصائل المسلحة، لكنها اتهمت بارتكاب جرائم في حق المدنيين، كما اقتربت إلى نقطة الصفر مع الحدود الجزائرية.

وقال بن جامع في هذا الشأن “لقد قصف 20 مدنيا ماليا بواسطة طائرة مسيرة، والذين ضغطوا على زر القصف (الجيش المالي ومرتزقة فاغنر) لا يخضعون للمساءلة أمام أي جهة”، وهذه لغة غير معهودة في الخطاب الدبلوماسي الجزائري تجاه روسيا، الأمر الذي يترجم أزمة تتراكم بالتدريج بين البلدين، ولا يستبعد أن تتخذ مناحي أخرى في المستقبل القريب.

ولئن لم يصدر أي تعليق رسمي من طرف الجزائر بشأن تحرك الرجل القوي في شرق ليبيا المشير خليفة حفتر باتجاه المناطق الحدودية المتاخمة للجزائر، فإن تلميحات الدوائر السياسية والإعلامية توجه إلى الروس أصابع الاتهام بالوقوف وراء مناورة حفتر، بالتنسيق مع ما تصفه بـ"القوى المعادية".

وشدد عمار بن جامع على أن بلاده "تعمل بجد داخل أروقة مجلس الأمن الدولي لإيجاد آليات مساءلة هذه الأطراف، وتحديد العقوبات اللازمة التي يتوجب فرضها على الدول أو المجموعات التي تستعين بتلك الجيوش الخاصة، فضلا عن تبني إجراءات رادعة تمنع تكرار هذه الجرائم التي تستهدف المدنيين الأبرياء، وتنتهك سيادة الدول وحقوق الإنسان بشكل صارخ".

وكانت تقارير مالية قد اتهمت الجزائر بمساعدة الحركات الانفصالية الأزوادية ومدها بالوسائل الاستخباراتية واللوجيستية في تنفيذ العملية العسكرية التي ألحقت هزيمة ميدانية بتحالف الجيش المالي ومجموعة فاغنر، كما جزمت بوقوف دولة أوكرانيا خلف العملية، للانتقام من الخصم الروسي وتشتيت تركيزه بين الحرب الحدودية ونفوذه المتمدد في منطقة الساحل.

ومنذ قمة مجموعة بريكس - التي رفضت انضمام الجزائر إليها- في جوهانسبورغ دخلت العلاقات الجزائرية - الروسية حالة فتور غير مسبوقة، رغم اتفاقية الشراكة الإستراتيجية المعمقة المبرمة خلال زيارة الرئيس الجزائري عبدالمجيد تبون إلى موسكو، قبل أن تتطور إلى ملاسنات وسجالات دبلوماسية بين البلدين داخل مجلس الأمن في مناسبتين، الأولى على خلفية الضجة التي أثيرت حول الملاكمة الجزائرية إيمان خليف، المتوجة بذهبية أولمبياد باريس 2024، والثانية بعد العمليات العسكرية التي نفذت حذو الحدود الجزائرية، والتي يزعم الانفصاليون أنها استهدفت مدنيين أزواديين.

1