اندفاع محفوف بالمطبات للظفر برهان سيارات الهيدروجين

تتقاطع خطط مصنعي السيارات في اندفاعهم المحفوف بالمطبات لكسب رهان المركبات العاملة بخلايا وقود الهيدروجين، حيث تبرز في طريقهم تحديات معقدة لتحقيق تلك الطموحات، والتي تتزايد الشكوك كل يوم حول قدرتها على الانتشار مستقبلا.
لندن - وضعت فولكسفاغن تقنية الهيدروجين في سلة المهملات عندما أنهى رئيسها التنفيذي توماس شافر أثناء معرض الإلكترونيات الاستهلاكية في لاس فيغاس الشهر الماضي الجدل حولها وأن المجموعة الألمانية العملاقة ستركز على المركبات الكهربائية فقط.
ولكن على عكس هذا الاتجاه تواصل شركات التصنيع الكبرى الأخرى، مثل تويوتا وهوندا اليابانيتان وهيونداي الكورية الجنوبية وبي.أم.دبليو الألمانية، الاستثمار بكثافة في هذه التكنولوجيا، إذ يبدو أن لديها ما يكفي للإقناع بأنها وسيلة تنقل مجدية.
ومع ذلك لا تزال سيارات الهيدروجين قيد المناقشة وحتى تطويرها من قبل بعض أكبر الصانعين في 2023، والذين يصفون خططهم التي تقدر بمليارات من الدولارات على أنها “تحوط رهاناتهم” أو الانخراط في “إستراتيجية متعددة الجوانب”، تبدو بطيئة.
وتصر الشركات التي تتبنى هذه التقنية على الدفاع عن صواب جدوى استخدامها حتى أنها جعلت البعض من السياسيين مثل رئيس الوزراء الأسترالي السابق سكوت موريسون، يقودون سياراتهم التي تعمل بالهيدروجين.
ولم يفعل المصنعون ذلك مع السيارات الكهربائية، ولهذا السبب يجب التحقيق بشكل صحيح في الدفع المستمر لما يصر الكثيرون على أنها تقنية معيبة في الأساس.
وقبل النظر في سبب كون شركات السيارات القديمة وأباطرة الموارد والسياسيين الذين يمثلونها من المدافعين عن المركبات التي تعمل بالهيدروجين على مدار الأعوام العشرين الماضية، فإنه من المهم أولا تحديد سبب وجود عيوب جوهرية بسيارات الهيدروجين.
وهناك شق من المحللين يعتقد أنها لن تكون أبدا موجودة ولن تقترب من منافسة المركبات الكهربائية التي تعمل بالبطارية، حتى أن إيلون ماسك مؤسس تسلا وصف قبل خمس سنوات تقنية خلايا وقود الهيدروجين بأنها “وسيلة احتيال حمقاء”.
وبرر ماسك ذلك كون فصل الهيدروجين عن الماء بعملية تحليل كهربائي يستهلك قدرا أكبر من الكهرباء مما ينتجه الهيدروجين.
وحاليا لا تكاد تسير هذه النوعية من السيارات في الشوارع باستثناء عدد قليل منها ويقودها البعض لالتقاط الصور وقلة من المتفائلين بالتكنولوجيا ممن قاموا بشرائها. وهناك العديد من الأسباب التي تجعل عدم بروز رغبة جماعية بمركبات بالهيدروجين في أي وقت قريب.
وتشمل هذه الأسباب تعقيد التصميم، والحواجز الديناميكية الحرارية، وعدم الكفاءة اللوجستية، والتكاليف الهائلة وقضايا السلامة.
ومن بين جميع الأشياء التي تم تصنيفها على الأرجح على أنها استخدام للهيدروجين الأخضر، فإن سيارات الركاب والمركبات الصغيرة تتدنى إلى الأسفل. وقد يتم استخدام هذا الوقود في المركبات الكبيرة مثل شاحنات النقل، ولكن حتى هذا لم يتضح بعد.
واستخدام هذه التقنية في المركبات الكبيرة التي تشبه إلى حد كبير نماذج الأعمال الحالية، حيث المحركات المعقدة التي تتطلب صيانة ثقيلة، ونظام توزيع مركزي.
ويذكر العديد من المؤيدين كثافة طاقة الهيدروجين لتبرير هذه التكنولوجيا. وقد فشلوا عموما في ذكر أنهم يتحدثون عن الهيدروجين المسال، إذ أن عملية تسييله معقدة وتستهلك الكثير من الطاقة.
ووصف سول غريفيث مؤسس شركة رويرينغ التي تقف وراء حملة “كهربة كل شيء” في حديث للموقع الإلكتروني “ذا درايفن” المتخصص بعالم المركبات، سيارات الهيدروجين بأنها “آلات غولدبرغ”، نسبة إلى النحات والكاتب والمخترع الأميركي روب غولدبرغ.
وقال غريفيث إن “آلة غولدبرغ، هي أداة غريبة مصممة لأداء مهمة بسيطة باستخدام سلسلة من الخطوات السخيفة وغير الضرورية، التي تزيد بشكل هزلي من تعقيد تحقيق الهدف المنشود”.
وبمقارنة سيارة تعمل بخلايا وقود الهيدروجين مع أخرى كهربائية، يمكن رؤية ما يتحدث عنه غريفيث، فلا تحتاج سيارة الهيدروجين إلى محركات تعمل بالبطارية فحسب، بل تحتاج أيضا إلى خزانات للتخزين وخلية الوقود لتحويل الهيدروجين إلى كهرباء.
وعند التمعن بتصميمي المركبتين يمكن رؤية أن السيارة التي تعمل بالهيدروجين أكثر تعقيدا بكثير. ومع ذلك، لن يتم الوقوف على مدى احتمالية أن تكون السيارة التي تعمل بالهيدروجين أمرا مستبعدا حتى يتم النظر بعمق إلى سلسلة إمداد الطاقة بأكملها.
وتشبه سلسلة إمداد الهيدروجين إلى حد كبير تلك الموجودة بالنظام الحالي الذي يعمل بالوقود الأحفوري. وعلى مدار القرن الماضي، كانت الغالبية العظمى من أنظمة النقل في العالم تعمل بالبنزين والديزل.
ويبدأ الوقود اللازم لتشغيل السيارات والشاحنات التي تعمل بالبنزين والديزل رحلة طويلة ومعقدة. وفي عالم يسيطر عليه الوقود الأحفوري، هناك حاجة إلى هذا النظام بأكمله، قبل توصيل هذه الطاقة إلى المركبة.
ويقول البعض إنه يجب تطبيق نفس التحليل الشامل على تقنيات النقل الأخرى مثل المركبات التي تعمل بالبطاريات والهيدروجين. ويجب أن يكون مصدر الطاقة هو الكهرباء بينما ينتقل العالم بعيدا عن الوقود الأحفوري.
ومع المركبات التي تعمل بالبطاريات، يمكن توليد الكهرباء من الألواح الشمسية على السطح أو على نطاق الشبكة أو طاقة الرياح من توربينات الرياح.
ويتم بعد ذلك تخزين هذه الكهرباء في حزمة البطارية الموجودة على متن السيارة قبل استخدامها لتشغيل المحركات الكهربائية لتحريك السيارة. وسيكون ذلك أمرا معقدا مع مركبات الهيدروجين.
وتوصل بيتر نيومان من جامعة كيرتن وجيك وايتهيد من جامعة كوينزلاند إلى نفس الاستنتاجات في ورقتهما البحثية التي تم إصدارها حديثًا، والتي نُشرت في “مراجعات الأرض المستدامة”.
وقالوا “تُفقد الطاقة في كل خطوة من سلسلة الطاقة، كما تمليه قوانين الديناميكا الحرارية، والتي بدورها تؤدي إلى متطلبات أعلى لمدخلات الطاقة، وفي نهاية المطاف يتم الحصول على تكاليف أعلى”.
ويسرد غريفيث في كتابه “المفتاح الكبير” المراحل اللازمة لتشغيل سيارة تعمل بالهيدروجين. ولاحظ أنه حتى قبل الخطوة الأولى، يجب توليد الكهرباء من مصادر الطاقة المتجددة مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، حتى يتم تصنيف الهيدروجين على أنه “أخضر”.
ولعل ما يثير الاهتمام هو أن مزيج خلايا الوقود والمواد المضافة يجب ضغطه إلى نحو 700 مرة من الضغط الجوي أو تبريده إلى 253 درجة مئوية تحت الصفر.
وكل هذه العيوب تستبعد الهيدروجين من التطبيق الذي يحصل حاليا على أكبر قدر من الضجيج، كوقود لتشغيل السيارات والشاحنات الصغيرة والشاحنات.
وفي كل إحصاء تقريبا، تفقد المركبات التي تعمل بخلايا وقود الهيدروجين زخمها مقابل منافساتها السيارات الكهربائية التي تعمل بالبطاريات.