اندفاع صيني لكسر القيود الأوروبية على سياراتها الكهربائية

بكين/بروكسل - تدفع الخطوة المتوقعة من المفوضية الأوروبية لرفع الرسوم الجمركية عن السيارات الكهربائية الصينية إلى إطلاق جولة من المحادثات التي يأمل المسؤولون في بكين أن تخفف الضربة التي يتعرض لها أكبر مكان للتصنيع في العالم.
وستكون التعريفات المؤقتة المتوقع الإعلان عنها بحلول الخامس من يونيو المقبل، بمثابة صدمة تمثل مليارات الدولارات من التكاليف الجديدة للشركات الصينية. لكن لدى كل من أوروبا والصين أسبابا للرغبة في التوصل إلى اتفاق.
وفي حين يحتاج القطاع الصيني إلى صادرات مربحة إلى ثالث أكبر اقتصاد في العالم لمواجهة انخفاض هوامش الربح في الداخل، تريد الشركات الألمانية الوصول إلى السوق الصينية وشراكات السيارات الكهربائية لخفض التكاليف.
وكل 10 في المئة إضافية في التعريفات الأوروبية، بالإضافة إلى الضريبة الحالية البالغة 10 في المئة، ستكلف المصنعين في الصين حوالي مليار دولار بناء على بيانات التجارة لعام 2023. وستنمو التكلفة هذا العام مع قيامهم بزيادة صادراتهم إلى أوروبا.
وأدت تحقيقات الدعم التي أجراها الأوروبيون في الماضي على الواردات من الصين من منتجات أخرى إلى فرض رسوم إضافية تتراوح بين 9 و26 في المئة على الشركات المتعاونة مع التحقيق.
ويرى محللون أن تعريفات المركبات الكهربائية تقع على نطاق واسع في هذا النطاق، وبينما سيتم فرض الرسوم اعتبارا من أوائل يوليو لكن يمكن تطبيقها بأثر رجعي للأشهر الثلاثة السابقة.
وأشارت الصين إلى أنها تقوم بإعداد بدائل للمساومة المقبلة. ومن الممكن الاعتراض على الرسوم الأوروبية المؤقتة أو حتى إسقاطها إذا عارضتها نسبة كبيرة بما يكفي من حكومات الاتحاد الأوروبي بعد أربعة أشهر.
وقالت غرفة التجارة الصينية في بروكسل الأسبوع الماضي، إن بكين “تدرس زيادة الرسوم الجمركية على واردات السيارات ذات المحركات الكبيرة إلى 25 في المئة”.
وقال مصدران مطلعان لرويترز إن “الصين طرحت أيضا فكرة خفض الرسوم الجمركية على واردات السيارات من الاتحاد الأوروبي إلى 10 في المئة من 15 في المئة”.
وحذرت المفوضية الأوروبية شركات بي.واي.دي وسايك وجيلي من أنها لم تقدم معلومات كافية ردا على تحقيقاتها بشأن الدعم. وقد يمهد ذلك لزيادة التعريفات الجمركية على مركباتها، وهو المرجع الذي سيتم استخدامه لتحديد الرسوم على بقية الصناعة في الصين.
وقالت الغرفة الصينية في بيان لرويترز إن “التحقيق كان معيبا منذ البداية وطالبت بمعلومات لا تستطيع شركات صناعة السيارات الصينية تقديمها”. وأوضحت أنه قد تكون هناك فرصة للتفاوض. وأضافت “الكرة ربما تكون في الجانب الأوروبي”.
وذكر مصدر مطلع على التحقيق أن ذلك يتضمن تفاصيل عن الموردين، بما في ذلك شركة كاتل، الذين لم يكونوا جزءا من التحقيق.
القرار الأوروبي سيأتي بعد أن ضاعفت الولايات المتحدة التعريفات الجمركية على المركبات الكهربائية الصينية أربع مرات
وقال نوح باركين، أحد كبار مستشاري مجموعة روديوم، “أتوقع أن يستخدم الجانب الصيني، ونحن نرى ذلك بالفعل، مزيجا من الجزرة والعصا لإقناع بعض الدول الأعضاء الرئيسية بالوقوف ضد المفوضية”.
وسيأتي القرار الأوروبي بعد أن ضاعفت الولايات المتحدة التعريفات الجمركية على المركبات الكهربائية الصينية أربع مرات لتصل إلى مئة في المئة وهي خطوة أدانها مؤسس شركة تسلا إيلون ماسك.
وسبق أن أكد رئيس تسلا، أكبر مصدر للسيارات الكهربائية من الصين، والتي تواجه أيضا تهديد ارتفاع التعريفات الجمركية في الاتحاد الأوروبي، أن الشركات الصينية تسير على الطريق الصحيح “لهدم معظم شركات السيارات الأخرى”.
وتعاونت الشركات الأوروبية مع صانعي السيارات الكهربائية الأحدث في الصين لجلب طرزها إلى السوق بتكلفة أقل وبسرعة أكبر. وتعهدت فولكسفاغن وبي.أم.دبليو في أبريل الماضي، بأكثر من 5 مليارات دولار لتوسيع البحث والإنتاج في الصين.
وتظهر البيانات التجارية أن في عام 2023، تم بيع ما يقرب من 29 في المئة من السيارات التي تصنعها شركات صناعة السيارات الألمانية في الصين.
وتعد أوروبا أهم سوق خارجي للمصنعين الصينيين. ومع المنافسة الشديدة التي تضغط على هوامش الربح في بلدهم، يمكن لشركات مثل بي.واي.دي البيع في أوروبا بأكثر من ضعف سعرها في الصين. ويقول محللون إن هذا يترك مجالا لاستيعاب الرسوم الإضافية.
الصين طرحت أيضا فكرة خفض الرسوم الجمركية على واردات السيارات من الاتحاد الأوروبي إلى 10 في المئة من 15 في المئة
ويستثمر صانعو وموردو السيارات الكهربائية الصينيون أيضا في أوروبا. ودخلت إكسبينغ السوق الفرنسية هذا الشهر. وعند افتتاح صالة عرض نيو في أمستردام الأسبوع الماضي، أكد المؤسس وليام لي أن شركته ستمضي قدما في أوروبا.
وتقوم بي.واي.دي ببناء مصنع في المجر وتتطلع إلى إنشاء مصنع أوروبي ثان. كما تتعاون شيري، أكبر صانع سيارات في الصين من حيث حجم الصادرات، مع شركة إي.في موتورز الإسبانية لفتح أول مصنع أوروبي لها في كاتالونيا.
وفضلا عن ذلك، تبحث شركة سياك المملوكة للدولة، وهي ثاني أكبر مصدر للسيارات في الصين، عن أول مصنع لها في أوروبا.
وقامت كاتل، أكبر شركة لتصنيع البطاريات في العالم، بزيادة إنتاجها في السوق الأوروبية، ويساعد موردو البطاريات الصينيون الآخرون فرنسا في بناء “وادي البطاريات” الخاص بها.
وقال المستشار الألماني أولاف شولتس خلال زيارته للصين في أبريل الماضي، “سيكون من الأفضل للأوروبيين الضغط على الصين لخفض الرسوم الجمركية على واردات السيارات بدلا من بدء نزاع تجاري”.
ورافق شولتس في رحلته إلى الصين الرئيسان التنفيذيان لشركتي مرسيدس – بنز وبي.أم.دبليو، وكلاهما تحدثا ضد الحواجز التجارية وجادلا بأن شركات صناعة السيارات الألمانية يمكنها التعامل مع المنافسة الصينية.
ويظهر المشروع المشترك بين ستيلانتيس وليب موتور، والذي عبره ستقوم شركة السيارات الفرنسية – الإيطالية ببيع سيارات الصانع الصيني في الخارج، كيف يمكن لشركات صناعة السيارات الراسخة أن تركز على ما إذا كانت الصين تمثل تهديدا أم فرصة.
وقال الرئيس التنفيذي لستيلانتيس كارلوس تافاريس، الذي دعا سابقا إلى زيادة التعريفات الجمركية على المركبات الكهربائية الصينية قبل الشراكة مع ليب، هذا الشهر إن التعريفات كانت “فخا كبيرا”.
وأضاف تافاريس من ميونخ “سنحاول أن نكون صينيين بأنفسنا”. وتابع “بدلا من أن نكون دفاعيين فقط في مواجهة الهجوم الصيني، نريد أن نكون جزءا من الهجوم الصيني”.